تطورات اقليمية
الحرب في السودان..
مليشيات جديدة تزيد من تعقيد الأزمة في شرق السودان.. هل تتجه الخرطوم نحو حرب أهلية؟
يشهد شرق السودان حالة من التوتر المتصاعد بين بعض مكونات "القوة المشتركة" التابعة لحركات دارفور المسلحة ومليشيات محلية يقودها قائد تحالف أحزاب شرق السودان، شيبة ضرار، إلى جانب مكونات أخرى. وتزداد المخاوف من اندلاع مواجهات مسلحة، مع تصاعد التوترات الناتجة عن محاولات الجيش حشد حركات غير متجانسة وإقحامها في الصراع الدائر، ما يضع المنطقة على شفا حرب قد تزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في البلاد.
وتمحور الصراع حول رفض المليشيات التي تتحدث باسم شرق السودان، لوجود حركات دارفور المسلحة في مدينة بورتسودان، التي جاء بها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لمساندته في حربه ضد قوات الدعم السريع. حيث يعمل الرافضون على دفع هذه الحركات لأجل إعادتها إلى إقليم دارفور، وفق البيانات والتصريحات المنشورة.
ويرى "تيار الشباب البجاوي الحر"، وهو من بين الميليشيات التي جاء بها البرهان لمساندته في حربه ضد قوات الدعم السريع. ويتحدث باسم قومية البجا الأوسع انتشارًا في شرق السودان، أن وجود حركات دارفور المسلحة في الشرق أصبح مهددًا لأمن واستقرار الإقليم.
وأعلن التيار في بيان عن بدء إجراءات إغلاق كامل لحدود إقليم شرق السودان، كخطوة ضرورية حتى خروج الحركات الدارفورية المسلحة من الإقليم.
وأضاف إن وجود الحركات المسلحة القادمة من خارج إقليم شرق السودان، "يُمثل خطراً داهماً ليس فقط على الأمن، بل على النسيج الاجتماعي الذي لطالما كان قائماً على التعايش السلمي بين مكوناتنا المختلفة"، مشيرًا إلى ما وصفها بـ"الخطابات التي تثير النعرات القبلية، والتي قد تُهدد وحدة الصف وتماسك المجتمع".
وقبلها بساعات صدر عن حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، تصريحات فتح فيها النار على الجميع، حيث هاجم قيادة الجيش السوداني، ملمحًا إلى أن بعضهم وراء الحملة الإعلامية التي يقوم بها صحافيون ضد حركات دارفور.
وذلك إثر نشر الصحفية المقربة من دوائر الجيش السوداني رشان أوشي، معلومات من وثيقة "محضر اجتماع" انعقد قبل أسابيع في منزل رئيس حركة العدل والمساواة وزير مالية السودان، الدكتور جبريل إبراهيم، ضم قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق "جوبا" والمتحالفة مع الجيش السوداني.
وقالت الصحفية إن الاجتماع ناقش ضرورة الضغط على جنرالات الجيش السوداني لإعادة توزيع أنصبة السلطة الانتقالية، ومنح الحركات المسلحة نسبة 50 بالمئة من الحكومة، وتحديداً وزارات: الخارجية، والداخلية، والمالية، والمعادن، فضلًا عن منصبي رئيس الوزراء والنائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، وذلك بحجة أن قواتهم تقاتل في الميدان.
وعلق عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية خالد عمر يوسف، على هذه التطورات بالقول إن قيادة الجيش السوداني ليست بمعزل عما يجري من صراعات داخل "حلف بورتسودان"، بل هي جزء لا يتجزأ من تلك الصراعات، وهو ما ينذر بأن القادم أسوأ لا محالة.
وأضاف خالد في تغريدة على حسابه على إكس أن "حلف بورتسودان يجتمع على شيء واحد فقط وهو استثماره في هذه الحرب ورغبته في إطالة أمدها بغرض التكسب منها دون أدنى اهتمام لكلفتها الإنسانية العالية وآثارها الكارثية على البلاد والعباد، وأن جوهر الصراع الحالي هو صراع حول غنيمة السلطة والثروة، ويتسابقون حول من يكون له القسط الأوفر منها فحسب".
وقال "هذه حرب سلطوية إجرامية لا خير فيها، يسفك أطرافها الدماء ويتكسب بعضهم بمأساة الناس ويقرع طبول استمرارها فئة منزوعة الخلق والضمير، وكلهم والغ في الدماء وشريك في هذا الجرم، هي حرب ذات أهداف إجرامية ويدفع ثمنها الشعب السوداني الأعزل الذي لا ناقة له فيها ولا جمل”.
وتصاعد الجدل مؤخرا بعد استقدام الجيش لمليشيا "الأورطة الشرقية" التي ظهرت مؤخرًا لتكون بديلة للقوة المشتركة للحركات الدارفورية المسلحة، بعد أن طالبت بحصتها في السلطة والثروة.
وتعد قوات "الأورطة الشرقية" برئاسة الأمين داؤود، من أحدث الميليشيات التي برزت في إقليم شرق السودان، حيث أعلنت انتشارها في مدينة كسلا الأسابيع الماضية؛ ما فجّر الخلافات بينها والقوة المشتركة للحركات المسلحة من جهة، و"قومية البجا" من جهة أخرى.
وتضم قوات "الأورطة الشرقية" مقاتلين من قبيلة البني عامر المشتركة مع دولتي السودان وإريتريا، ويرأسها الأمين داؤود، الذي يرأس تنظيم الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة، والذي كان جزءًا من اتفاق “جوبا للسلام” في السودان، ولكنه وجد معارضة واسعة في الشرق؛ ما علّق تنفيذ الاتفاق هناك.
وتعد قوات "الأورطة الشرقية" ضمن أربع ميليشيات تلقّت تدريبات عسكرية في معسكرات في إريتريا؛ ما يثير مخاوف من تفجّر الصراع في إقليم شرق السودان.