تطورات اقليمية

سياسة جديدة تجاه الأكراد..

تحولات استراتيجية تركيا في سوريا: من المواجهة العسكرية إلى البحث عن حلول دبلوماسية

تركيا تواصل ضغوطها على قوات سوريا الديمقراطية وسط تعزيزات عسكرية روسية

أنقرة

تواجه الاستراتيجية التركية في سوريا مرحلة حرجة في ظل التحديات العسكرية والسياسية المتزايدة. ومع الجمود العسكري، والمقاومة الروسية المتواصلة، والضغوط الاقتصادية الأميركية، تدرس أنقرة الخيارات السياسية المتاحة، وربما إعادة تشكيل سياستها تجاه الأكراد.

تنتقل تركيا بين استراتيجيات متضاربة، حيث تسعى للتعامل مع دمشق للقضاء على قوات سوريا الديمقراطية التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وفي الوقت ذاته، تسمح لزعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبدالله أوجلان، بالتحدث في البرلمان التركي والإعلان عن نهاية المنظمة التي تصنفها تركيا وحلفاؤها، مثل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، كمنظمة إرهابية. من خلال هذه الخطوات، تأمل أنقرة في إيجاد حل للأزمة الكردية.

وفقًا لعمر أوزكيزيلجيك، الزميل غير المقيم في مشروع سوريا في المجلس الأطلسي، فإن المكاسب العسكرية والسياسية التي حققتها تركيا في العراق لم تكن كافية، خاصة مع انتقال مركز ثقل حزب العمال الكردستاني من العراق وتركيا إلى سوريا. ومع التصعيد في التوترات بالمنطقة، بات البحث عن حل قابل للتطبيق أكثر إلحاحًا بالنسبة لأنقرة.

موقف تركيا يزداد تعقيدًا في ظل اعتراضات الولايات المتحدة المستمرة على العمليات العسكرية التركية في سوريا ضد قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها واشنطن شريكًا في جهود مكافحة داعش. هذه التوترات دفعت الولايات المتحدة إلى التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية على أنقرة التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة.

منذ عام 2015، ركزت تركيا في سوريا على تأمين حدودها من تهديدات قوات وحدات حماية الشعب التابعة لحزب العمال الكردستاني. ومن خلال عمليات عسكرية من 2016 إلى 2019، سعت تركيا إلى إقامة منطقة آمنة خالية من نفوذ وحدات حماية الشعب. ولكن مع انسحاب القوات الأميركية الجزئي من سوريا في 2019، عقدت قوات سوريا الديمقراطية اتفاقية مع دمشق بتسهيل من روسيا، التي التزمت بنشر قوات لحمايتها من الهجمات التركية.

وفي ظل هذه الأوضاع، تعقدت العمليات العسكرية التركية نتيجة للضغوط الدبلوماسية والعسكرية الروسية، التي نجحت في إعاقة محاولات تركيا عبر الحدود من خلال إرسال تعزيزات عسكرية وفرض سيطرة جوية في مناطق الشمال الشرقي السوري.

وفي الأشهر الأخيرة، عززت روسيا وجودها العسكري في المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب، وأرسلت قوات إضافية إلى هذه المناطق، مما يعكس تفوقها الجوي على تركيا. كذلك، استمرت روسيا في تعزيز دفاعاتها ضد العمليات العسكرية التي قد تشنها هيئة تحرير الشام في شمال سوريا.

ومن جانب آخر، تحاول تركيا إعادة تقييم استراتيجيتها بعد عدة محاولات لتغيير الوضع في سوريا، وفي عام 2023، وبعد سلسلة من المفاوضات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التقى المسؤولون العسكريون والدبلوماسيون الأتراك والسوريون مع نظرائهم الإيرانيين والروس. رغم ذلك، لم يحقق هذا الاجتماع تقدمًا ملموسًا.

في خطوة مفاجئة، أعاد أردوغان تأكيد استعداده للحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأعرب علنًا عن رغبته في أن يسهل بوتين لقاء بين الطرفين. هذا التحول في السياسة التركية يمثل خطوة كبيرة بعيدًا عن الموقف السابق الذي كان يتسم بالعداء تجاه الأسد. رغم ذلك، فإن هذا المسار يتضمن تحديات كبيرة، إذ أن أهداف الأسد السياسية لا تتوافق دائمًا مع مصالح تركيا، مما يجعل أي تعاون مستقبلي أمرًا بالغ الصعوبة.

علاوة على ذلك، تخشى تركيا من قيام كيان كردي مدعوم من الولايات المتحدة على حدودها، ما يثير قلقًا شديدًا في أنقرة، التي تصف هذا الكيان بـ "إرهابستان". بالمقابل، لا يختلف الوضع كثيرًا عن إقليم كردستان العراق، حيث تسعى تركيا لفرض سيطرتها على الوضع في شمال سوريا بشكل يمنع ظهور أي تهديد أمني يهدد حدودها.

بوتين يوافق على عقيدة نووية محدثة: تهديدات جديدة وتأثيرات على العلاقات الدولية


روسيا تعرقل قرار مجلس الأمن والإمارات تطالب بحل سياسي للأزمة السودانية


أنقرة ترفض استقبال قادة حماس: مصلحة الدولة فوق الاعتبارات الإقليمية


تباين الموقف السوري تجاه استراتيجية "وحدة الساحات" الإيرانية: تحديات وأولويات النظام