الأدب والفن
"ناقش التحديات الفكرية"..
مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة: منصة لتجديد الفكر العربي واستعادة المركزية الفكرية
اختتمت فعاليات الدورة الرابعة من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة الذي انعقد تحت شعار "النقد الفلسفي"، في بيت الفلسفة بالفجيرة، تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة. شكّل المؤتمر منصة فريدة جمعت نخبة من الفلاسفة والمفكرين العرب والدوليين، لتقديم رؤى معمّقة حول دور النقد الفلسفي في إعادة تشكيل الفكر العربي، وتعزيز دوره في المشهد الفكري العالمي.
ناقش المؤتمر، عبر جلساته المختلفة، أهمية النقد الفلسفي كأداة لتفكيك المسلمات وبناء وعي جديد يعتمد على التفكير الناقد والتحليل العميق. الجلسات الأولى ركزت على كيفية تطور النقد الفلسفي من الفكر الأسطوري إلى الفلسفة النقدية المعاصرة، كما قدّمت دراسات حول العلاقة الوثيقة بين الإنصات والسؤال، وأثرهما في تطوير الحوار الفكري.
الدكتور سليمان الضاهر، أستاذ الفلسفة اليونانية، أوضح في محاضرته كيف شكّلت الأسئلة الفلسفية نقطة تحول في الفكر الإنساني، من التسليم بالمعتقدات الأسطورية إلى التفكير النقدي. بينما سلط الدكتور عبد الله المطيري الضوء على الإنصات كشرط أساسي للنقد، مشيرًا إلى دوره في بناء جسور الحوار وتعميق الفهم.
ومن أبرز محاور المؤتمر عرض نتائج دراسة حالة بعنوان "أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس"، التي أدارها خبراء من السعودية والإمارات. كشفت الدراسة عن نجاح دمج التفكير الفلسفي في المناهج التعليمية، من خلال تطوير مهارات التساؤل النقدي والوعي المفاهيمي لدى الطلاب، مما يؤكد أهمية استثمار الفلسفة في التعليم لتنشئة أجيال قادرة على التفكير المستقل.
لم تقتصر الجلسات على الفكر العربي فحسب، بل شملت أيضًا تناول العلاقة بين الفلسفة العربية والإفريقية. قدم الدكتور إيدوين إيتييبو ورقة بعنوان "الخطاب الفلسفي العربي والإفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية"، مؤكّدًا على الدور المحوري الذي لعبه الفلاسفة العرب والإفريقيون في تشكيل الفكر الغربي، وعلى ضرورة استعادة هذا الاعتراف لتعزيز مكانة الفكر العربي عالميًا.
اختتم المؤتمر بتوصيات تسعى إلى تعزيز دور الفلسفة والنقد في العالم العربي. أبرزها، تعزيز دور بيت الفلسفة في الفجيرة كمنصة للحوار الحضاري بين الشرق والغرب، وإطلاق مشاريع بحثية تدرس التراث الفلسفي العربي وتسلّط الضوء على إسهاماته، وتأسيس اتحاد عربي للجمعيات الفلسفية ومقره الفجيرة، لخلق تواصل أكاديمي وفكري على المستوى الإقليمي والدولي، ودمج التفكير الفلسفي في المناهج التعليمية لتعزيز مهارات التفكير النقدي لدى الأجيال الجديدة.
أثبت مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة أنه أكثر من مجرد ملتقى أكاديمي؛ بل هو جسر يربط بين الثقافات، ويعيد صياغة علاقة الفلسفة العربية بالعالم. تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، يعزز المؤتمر مكانة الفجيرة كمركز للحوار الفلسفي وتطوير الفكر الإنساني، ما يجعلها نموذجًا للتفاعل الفكري الذي يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
يمثّل المؤتمر خطوة نحو استعادة المركزية الفكرية للعالم العربي، حيث يجمع بين التراث الفلسفي العريق والانفتاح على تيارات الفكر العالمي، ما يعيد للفلسفة دورها في صياغة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.