تطورات اقليمية
بلينكن يضع السوداني أمام خيارات صعبة..
بين الضغوط الأمريكية والمصالح الإيرانية: مستقبل الحشد الشعبي في العراق
تسعى الولايات المتحدة إلى استغلال التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة، خصوصًا هزيمة حزب الله في لبنان وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، للضغط على حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بهدف اتخاذ قرار بحل ميليشيا الحشد الشعبي. هذه الميليشيا، التي تعمل تحت مظلة القوات الحكومية، تعد أداة رئيسية للنفوذ الإيراني في العراق.
ويشير مراقبون إلى أن حل الحشد الشعبي، الذي تأسس بناءً على فتوى من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، يتطلب إصدار فتوى جديدة تدعو إلى النأي بالعراق عن التدخلات الخارجية، وتجنب زجه في صراعات إقليمية.
مصادر مطلعة أكدت أن المرجعية قد تكون مهيأة لإطلاق فتوى كهذه، خاصة في ظل الاتصالات الخارجية المستمرة، ومنها اللقاء الأخير بين السيستاني وممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسان، الذي أكد أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات حاسمة في العراق.
والتقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن برئيس الوزراء العراقي في زيارة غير معلنة إلى بغداد، وطالبه باتخاذ خطوات سريعة وحاسمة ضد الميليشيات، وعلى رأسها حل الحشد الشعبي وضرب أي فصيل يرفض تسليم سلاحه للدولة. تأتي هذه المطالب في سياق تعزيز دور الحكومة العراقية في فرض القانون وهيبة الدولة، وتقليص نفوذ إيران في العراق.
وأشارت مصادر إلى أن بعض الفصائل المرتبطة بالحشد الشعبي بدأت في الاستعداد لإعلان النأي بنفسها عن إيران، مركزة على الالتزام بمصلحة العراق فقط. ويأتي هذا ضمن مبادرة "الرافدين" التي أطلقها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، والتي تدعو لدعم مرحلة جديدة في سوريا ما بعد الأسد.
ورغم هذه الضغوط، لا يُتوقع أن تقبل جميع الميليشيات بقرار الحل، حتى لو جاء تحت مظلة الانحناء للعاصفة أو تجنب تدخلات عسكرية مباشرة من إسرائيل أو الولايات المتحدة. وتشير بعض التحليلات إلى أن رفض الميليشيات للقرار قد يؤدي إلى ضربات عسكرية مكثفة تستهدفها، مشابهة لما حدث لقيادات بارزة مثل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ونائبه هاشم صفي الدين.
التقط الزعيم الصدري مقتدى الصدر الإشارات الدولية والمحلية الداعية إلى النأي بالعراق عن التوترات الإقليمية، وشدد على ضرورة منع أي تدخل عراقي في الشأن السوري. كما دعت حكومة السوداني إلى احترام الإرادة الحرة للشعب السوري مع التأكيد على عدم استخدام الأراضي العراقية لتنفيذ هجمات أو ردود عسكرية.
وجاءت تصريحات المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي تنفي الأخبار التي تحدثت عن استخدام الأراضي العراقية كمنطلق لتنفيذ هجمات إيرانية ضد إسرائيل. وأكدت الحكومة التزامها بعدم السماح باستخدام أراضيها في أي صراع إقليمي، في خطوة تشير إلى تنامي الضغوط الأمريكية على بغداد لتبني سياسة الحياد.
ويمثل حل الحشد الشعبي خطوة محورية لتقليص نفوذ إيران في العراق، لكن القرار يواجه تحديات كبيرة، سواء من الداخل العراقي أو من الفصائل المسلحة. وفي ظل التحولات الإقليمية والضغوط الدولية، يبدو العراق أمام مرحلة مفصلية تتطلب موازنة دقيقة بين الاستقلالية السياسية وتجنب التصعيد الإقليمي.