تطورات اقليمية
تأثير الدومينو علی ملالي إيران وتحولات السياسة الغربية..
هل إيران على أعتاب التغيير؟ قراءة في مقالة ليام فوكس حول النظام الإيراني والتداعيات الإقليمية
في مقالة رأي نُشرت مؤخرًا في صحيفة "التلغراف"، أثار ليام فوكس، السكرتير السابق للدولة لشؤون الدفاع والتجارة الدولية، تساؤلاً مهمًا حول مستقبل النظام الإيراني في ظل الأحداث الجيوسياسية المتسارعة. حملت المقالة عنوانًا مثيرًا للاهتمام: "هل ملالي إيران هم الدومينو التالي الذي سيسقط؟" حيث أشار فوكس إلى إمكانية حدوث تحول كبير في طهران إذا تبنى الغرب موقفًا حازمًا تجاه النظام الإيراني.
بدأ فوكس مقالته بالعودة إلى أحداث أغسطس 2013، عندما استخدم نظام بشار الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين السوريين على الرغم من التحذيرات الغربية. انتقد بشدة الموقف الغربي الذي وصفه بـ"الفشل الأخلاقي"، حيث لم يتخذ إجراء حاسم لردع الأسد. واعتبر أن تلك اللحظة سمحت للنظام السوري بالبقاء لعقد آخر، مما أثر على موازين القوى الإقليمية وأعطى مساحة لأنظمة استبدادية أخرى، بما في ذلك إيران، لتعزيز سيطرتها.
ويرى فوكس أن سقوط نظام الأسد، إذا حدث، لن تكون تداعياته الأكبر في دمشق، بل في طهران. وأوضح أن النظام الإيراني يعتمد بشكل كبير على دعم حلفائه الإقليميين، ويعتبر بقاء الأسد ضرورة استراتيجية. ومع تصاعد الضربات الإسرائيلية ضد النفوذ الإيراني في المنطقة، بما في ذلك تحييد أذرعه العسكرية وتكبيده خسائر كبيرة، يشير فوكس إلى أن النخبة الحاكمة في إيران قد بدأت في الشعور بالضعف وعدم اليقين بشأن مستقبلها.
ولفت فوكس الانتباه إلى أوجه التشابه بين نظام الأسد والنظام الإيراني، حيث يتهم كلا النظامين بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأشار إلى قمع النظام الإيراني للاختلاف باستخدام وسائل تشمل السجن، التعذيب، والإعدام، بما في ذلك إعدامات علنية للنساء والأطفال والمثليين. وانتقد فوكس ضعف التغطية الإعلامية الغربية لهذه الانتهاكات، واصفًا إياها بـ"الفضيحة".
وتطرق فوكس إلى الأحداث التي أضعفت النظام الإيراني، مثل اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وأشار إلى أن هذه الحادثة، التي وقعت خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، كشفت عن هشاشة النظام الإيراني وأبرزت نقاط ضعفه الداخلية. كما أضاف أن خسائر النظام الإيراني، سواء في الداخل أو الخارج، تعزز احتمالية حدوث تغييرات كبيرة في طهران.
وأشاد فوكس بشجاعة الشعب الإيراني، خاصة النساء اللواتي قُدن الاحتجاجات ضد النظام، وأبرز أعمال التحدي المنظمة مثل الإضرابات والهتافات المناهضة. وأكد على أهمية الدعم الدولي لهذه الحركات، داعيًا إلى تعزيز الأدوات التي تمكن الإيرانيين من مواجهة القيود الحكومية. واقترح فوكس أن يقوم إيلون ماسك بدور فعال من خلال توفير خدمات الأقمار الصناعية للمنفيين الإيرانيين في ألبانيا الذين يواجهون قيودًا في الاتصال.
في ختام مقالته، طرح فوكس فكرة أن سقوط النظام السوري قد يكون نقطة البداية لسلسلة من التغيرات الكبرى في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى احتمال سقوط النظام الإيراني نتيجة الضغوط المتزايدة. ودعا إلى دعم تطلعات الشعب الإيراني لتقرير المصير وبناء مستقبل خالٍ من الاستبداد أو الحكم الثيوقراطي.
وترك فوكس القراء مع رسالة مزدوجة: الأمل في تحول إيجابي نحو الحرية في إيران، والتحذير من أن أي تقاعس غربي قد يؤدي إلى استمرار الأنظمة القمعية في المنطقة. ودعا المجتمع الدولي إلى تبني استراتيجية حازمة وشاملة لمنع إيران من الاستمرار في تعزيز قبضتها الاستبدادية.
مقالة فوكس ليست مجرد استعراض للتاريخ أو الأحداث الجارية، بل هي دعوة للتحرك ضد الأنظمة القمعية التي تعتمد على العنف والانتهاكات للبقاء. ومع تركيزه على العلاقة بين النظام الإيراني وحلفائه الإقليميين، يبرز فوكس الحاجة إلى مواقف دولية حازمة لخلق مستقبل أكثر استقرارًا في الشرق الأوسط.