قضايا وحريات
طهران تواجه لحظة حرجة..
المعلمون والمتقاعدون يتحدون النظام الإيراني بشعارات غاضبة
شهدت مدن إيرانية موجة احتجاجات واسعة نظمها متقاعدو مؤسسة التأمين الاجتماعي ومتقاعدو قطاع الفولاذ والمعلمون والعمال اعتراضًا على تدني الرواتب وارتفاع الأسعار والتضخم. في مدن كرمانشاه والأهواز وشوش ورشت خرج المتقاعدون في مظاهرات رفعوا خلالها شعارات تندد بتدهور الأوضاع المعيشية من بينها "حصيلة الحكومة: سرقة جيوب الشعب" و"عدونا هنا، يقولون كذبًا أمريكا" و"أين كبح التضخم؟ لا تكذبوا على الشعب".
كما تجمع متقاعدو الفولاذ في خوزستان أمام مقر المحافظة وإدارة مدينة الأهواز وانضم إليهم العمال ومطالبو السكن في مسيرات احتجاجية على الغلاء. في أصفهان نظم متقاعدو قطاع الفولاذ حركة احتجاجية فيما تجمع متقاعدو عام 2023 أمام مقر المحافظة في بوشهر واحتج عمال شركة "إيران أفق" في حقل "يادآوران" النفطي في خرمشهر.
على صعيد آخر نظم المعلمون المتقاعدون تجمعًا احتجاجيًا كبيرًا أمام وزارة التربية والتعليم في طهران بمشاركة معلمين من مدن لورستان وكردستان وإصفهان وفارس وسيستان وبلوشستان الذين رددوا شعارات تندد بالفقر والتمييز وتطالب بحقوقهم المسلوبة.
رد النظام الإيراني على هذه الاحتجاجات بإرسال قوات قمعية لتفريق التجمعات حيث صادرت مكبرات الصوت الخاصة بالمتظاهرين لكنهم واجهوا القمع بإطلاق شعارات منددة بالظلم.
فيما يتعلق بالإعدامات سجلت إيران تصاعدًا غير مسبوق في عام 2025 حيث أعدم 31 شخصًا خلال الأيام الأولى من يناير في سجون قزلحصار وبندرعباس وديزل آباد وسبيدار. بلغ عدد الإعدامات خلال عام 2024 ما مجموعه 1001 حالة. جاءت هذه الإعدامات كجزء من تصعيد النظام لمواجهة أزماته الداخلية والخارجية وتخوفه من انتفاضة الشعب.
على الجانب الآخر نفذ شباب الانتفاضة عشر عمليات نوعية استهدفت مراكز قمع ونهب ومقرات تابعة للنظام شملت إحراق صور خامنئي وقاسم سليماني واستهداف مراكز للباسيج وقواعد أمنية في طهران ومشهد وكرج.
وفي خضم هذا المشهد أشادت مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية بالمحتجين ودعت إلى إسقاط الديكتاتورية الدينية معتبرة أن الاحتجاجات تمثل صرخة مشتركة للشعب الإيراني لتحقيق الديمقراطية وسيادة الشعب.
تتزامن هذه التطورات مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في إيران حيث يتهم النظام بإهدار الموارد الوطنية لتمويل مشاريعه النووية والحروب الخارجية في حين يعاني ملايين الإيرانيين من الفقر والتشرد. أثار عضو مجلس شورى الملالي إبراهيم زارع تساؤلات حول مصير عائدات النفط والدعم الحكومي مشيرًا إلى اختفاء 31% من الموارد المخصصة للدعم منذ عام 2023 دون توضيح رسمي.
ووصف علي صفوي، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الزيادة الحادة في الإعدامات في إيران بأنها "أداة سياسية يستخدمها النظام لترويع الشعب ومنعه من الاحتجاج". وقال صفوي: «النظام الإيراني يعتمد على الإعدامات كوسيلة لزرع الخوف في قلوب الناس، ما يعكس هشاشته وخوفه من تصاعد الاحتجاجات الشعبية.»
وأشار صفوي إلى أن أكثر من 70% من الإعدامات التي تمت في عام 2024 نُفذت بعد تولي مسعود بزشكيان منصب الرئاسة. وأضاف: «شهدنا إعدام نحو 1000 شخص في العام الحالي، بينهم 34 امرأة و7 قُصّر أُدينوا بجرائم ارتُكبت وهم أطفال. هذه الإعدامات نُفذت في 86 سجناً، بما في ذلك عمليات إعدام علنية تُظهر أعلى مستويات القمع التي شهدتها البلاد خلال العقود الثلاثة الماضية.»
تحدث صفوي عن تأثير هذه الإعدامات على الوضع الداخلي في إيران قائلاً: «الاحتجاجات الشعبية تزداد يومًا بعد يوم، حيث شهدنا تظاهرات واسعة في سوق طهران ومدن أخرى. العمال، الطلاب، النساء، المتقاعدون، وجميع شرائح المجتمع يخرجون إلى الشوارع يومياً مرددين شعارات مناهضة للنظام.»
وفيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية، قال صفوي: «انهيار العملة الوطنية إلى أدنى مستوى لها في 45 عامًا أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين وزيادة حدة الغضب الشعبي. القضايا الاقتصادية باتت وقودًا للاحتجاجات التي لم تهدأ منذ أعوام.»
وأعرب صفوي عن قلقه من انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، موضحًا: «الإعدامات والسجن الجماعي تُستخدم لإسكات المعارضين وكبح حرية التعبير. على سبيل المثال، حُكم على امرأة بالسجن 12 عامًا و9 أشهر فقط لأنها رسمت كاريكاتيرًا ساخرًا عن نواب البرلمان.»
وأضاف: «هذه السياسات القمعية لا تُظهر قوة النظام، بل تبرز مدى هشاشته وعدم قدرته على السيطرة على الأوضاع.»
واعتبر صفوي أن تكرار الاحتجاجات رغم القمع المستمر يظهر بوضوح أن الشعب الإيراني لن يتراجع عن مطالبه، وأن النظام يفقد قدرته على استخدام أدواته القمعية لإسكات صوت الحرية.
اختتم صفوي تصريحه قائلاً: «إن النظام الإيراني يسير على حافة الانهيار. الشعب الإيراني، بمقاومته المستمرة وإصراره على التغيير، يقترب يومًا بعد يوم من تحقيق الحرية وإنهاء هذا النظام القمعي. دعم المجتمع الدولي لإرادة الشعب الإيراني هو المفتاح لإنهاء هذه المأساة الإنسانية والسياسية.»