قضايا وحريات
ملف إيران..
إيران على صفيح ساخن.. موجة احتجاجات شعبية عارمة ضد الظلم والفساد
شهدت إيران موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية، حيث نزل المواطنون في مختلف المدن إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم الأساسية، والتنديد بالفساد والنهب واستغلال موارد الوطن. وشارك في هذه المظاهرات المتقاعدون، والعمال، والطلاب، ومواطنون من شرائح متعددة، متحدين في سعَيهم لتحقيق العدالة والكرامة.
بدأت الاحتجاجات بتجمعات واسعة للمتقاعدين في مدن مثل جيلان، خرمآباد، چهارمحال وبختياري، مازندران، طهران، أصفهان، كرمانشاه، بيجار، أهواز، إيلام، زنجان، همدان، سنندج، تبريز، وغيرها. في أصفهان، طالب متقاعدو قطاع الفولاذ بحل مشكلاتهم المعيشية، مرددين شعارات مثل: «لن نرتاح حتى نحصل على حقوقنا». وفي كرمانشاه، هتف المتقاعدون «سمعنا الكثير من الأكاذيب ولم نرَ أي عدالة»، حاملين لافتات تطالب بالتطبيق الكامل للوائح التنفيذية وإصلاح حالة التأمين المتدهورة.
وفي طهران، احتشد المتقاعدون التربويون أمام وزارة التربية والتعليم يوم الاثنين للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة. وردت قوات الأمن بالقمع الوحشي، مستخدمة الغاز الفلفلي لتفريق التجمع، إلا أن المحتجين صمدوا وهتفوا: «يا عديمي الشرف!» و«صرخة ضد هذا الظلم!».
وفي هذا السياق، من المقرر أن يجتمع آلاف من الإيرانيين يوم السبت الثامن من فبراير 2025 في باريس للتعبير عن مطلبهم بتغيير النظام في إيران ودعمهم للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، البديل الديمقراطي الوحيد للنظام الحاکم في إیران. وسيشارك ممثلون عن جمعيات إيرانية مختلفة من جميع أنحاء فرنسا لإظهار دعمهم لجمهورية ديمقراطية، ورفض أي شكل من أشكال الدكتاتورية، سواء كانت شاه أو دينية.
وشهد الأسبوع أيضاً استمرار احتجاجات عمال مصنع “جوكا” للأخشاب الذين تجمعوا أمام البوابة الرئيسية للمصنع بسبب عدم دفع رواتبهم ومستحقاتهم. وفي يوم السبت 18 يناير، بدأ سائقو الشاحنات عند معبر قصر شيرين وباشماق في مريوان إضراباً احتجاجاً على تدني الأجور وظروف العمل الصعبة والغرامات الباهظة، واستمر الإضراب حتى يوم الخميس.
وفي يوم الأحد 19 يناير، نظم متقدمو طلبات السكن في تعاونية “مارال پيشرو” تجمعاً أمام إدارة الطرق والتنمية العمرانية في سيرجان للمطالبة بتسليم الأراضي التي وُعدوا بها. وفي نفس اليوم، تظاهر مرضى ضمور العضلات الشوكي (SMA) وأسرهم أمام وزارة الصحة في طهران، مطالبين بتوفير الأدوية الضرورية رغم برودة الطقس القارسة.
كما أشعلت أزمة التلوث البيئي في أراك احتجاجاً واسعاً للمرة السادسة، حيث طالب المواطنون باتخاذ إجراءات فورية لمواجهة تفاقم التلوث نتيجة إهمال النظام وسياساته الصناعية الكارثية. وفي طهران، احتج طلاب جامعة العلوم الطبية على رداءة جودة الطعام داخل الحرم الجامعي، مما تسبب في حالات تسمم غذائي. وعبر الطلاب عن غضبهم بوضع أطباق الطعام الفارغة في ساحات الجامعة كرمز لاعتراضهم.
وفي محافظة فارس، نظم مشغلو محطات الكهرباء الإقليميون، المعروفون بـ”القبعات الصفراء”، يوم الأحد 19 يناير وقفة احتجاجية تنديداً بالفجوة الكبيرة في الرواتب. وفي كرج، احتج رجال الإطفاء على تخفيض رواتبهم، بينما تجمع موظفو الطوارئ الطبية في خراسان الجنوبية يوم 22 يناير أمام مبنى المحافظ احتجاجاً على أوضاعهم المالية المزرية. وفي يوم الأربعاء 24 يناير، تظاهرالمنهوبین و ضحايا الاحتيال من شركة “كلباران” في دزفول، مطالبين باستعادة أموالهم المنهوبة.
مع تصاعد الفساد وغياب المساءلة الحكومية وزيادة الفقر والضغوط الاقتصادية، تتسع دائرة الاحتجاجات في إيران يومًا بعد يوم لتشمل المزيد من شرائح المجتمع. من العمال والمعلمين إلى المتقاعدين والطلاب وغيرهم، الجميع ينزل إلى الشوارع للتنديد بالظلم وسوء الإدارة. هذا التوجه يعكس تزايد الاستياء الشعبي، ومع استمراره، يمكن التوقع أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة كبرى أو حركة احتجاجية شاملة على مستوى البلاد.
وفي صباح الأحد قام جلاوزة خامنئي بنقل السجينين السياسيين المحكوم عليهما بالإعدام بهروز إحساني ومهدي حسني فجأة وقسريا من العنبرين 4 و 8 في سجن إيفين إلى سجن قزل حصار حيث يتم تنفيذ أحكام الإعدام التعسفية في طهران.
بعد ذلك، بدأ السجناء في عنبر 4 في إيفين في التجمع والاحتجاج. وهتفوا "هذه هي الرسالة الأخيرة، لو قمتم بالإعدام ستقوم القيامة، الموت للديكتاتور، قسما بدماء الرفاق، سنقف حتى النهاية، سأقتل من قتل أخي".
في 16 سبتمبر/أيلول 2024، أصدر رئيس الفرع 26 من محكمة "الثورة" في طهران أحكام الإعدام الصادرة بحق السجينين، بتهمة "التمرد ومحاربة الله والإفساد في الأرض، والعضوية في مجاهدي خلق، وجمع معلومات سرية وتجمع ضد الأمن القومي، وحيازة أسلحة وذخيرة حربية بشكل غير قانوني". ثم أيدت المحكمة العليا للملالي هذه الأحكام في 7 يناير/كانون الثاني 2025.
تم اعتقال بهروز إحساني، 70 عاما، وهو من السجناء السياسيين في الثمانينيات، في طهران في 6 ديسمبر 2022، ونقل إلى عنبر 209 في إيفين وتعرض للتعذيب. بعد حكم الإعدام الصادر ضده، كتب في رسالة إلى الشعب الإيراني: "... لا يوجد مخرج آخر من نظام الإعدام هذا. أنا ... لن أساوم مع أحد من أجل حياتي، وأنا مستعد لأن تكون حياتي الحقيرة فدية لتحرير الشعب الإيراني...».
كما تم اعتقال السجين السياسي مهدي حسني، 48 عاما، ولديه ثلاثة أطفال، في زنجان في 11 سبتمبر/أيلول 2022، ونقل إلى عنبر 209 في إيفين وتعرض للتعذيب.
وكتبت منظمة العفو الدولية، في دعوتها إلى الإلغاء الفوري لأحكام الإعدام الصادرة بحقهما في 16 يناير/كانون الثاني و23 يناير/كانون الثاني، ما يلي: "حكم على بهروز إحساني ومهدي حسني بالإعدام في سبتمبر/أيلول 2024 بتهمتي "محاربة الله" و"إفساد في الأرض"، وبتهمة دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي جماعة معارضة محظورة. وبعد القبض عليهما في عام 2022، تعرضا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات طويلة، لإجبارهما على الإدلاء باعترافات قسرية. كانت محاكمتهما جائرة بشكل صارخ".
أدان البرلمان الأوروبي في قراره الصادر في 23 يناير/كانون الثاني "القمع الجامح لحقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني"، ودعا إلى الإفراج عن السجناء السياسيين، وخاصة السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام، ودعا إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ودعا القرار مجلس الاتحاد الأوروبي إلى "معاقبة جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بمن فيهم خامنئي ومسعود بزشكيان ومحسني إيجئي وغيرهم". إلى قائمة العقوبات الخاصة به.
من ناحية آخرى أصدرت منظمة العفو الدولية نداءً عاجلاً لإنقاذ ستة سجناء سياسيين في إيران في 23 يناير 2025، أصدرت منظمة العفو الدولية نداءً عاجلاً لإنقاذ ستة سجناء سياسيين في إيران يواجهون خطر الإعدام الوشيك بعد ما وصفته المنظمة بأنه محاكمة جائرة للغاية. هؤلاء السجناء – سيد أبو الحسن منتظر، أكبر (شاهرخ) دانشورکار، بابك عليپور، محمد تقوي سنکدهی، بويا قبادی، ووحيد بني عامريان – حُكم عليهم بالإعدام في أكتوبر 2024 من قبل الشعبة 26 بمحكمة الثورة في طهران بتهمة «البغي» أو “التمرد المسلح ضد الدولة”.
وأشارت المنظمة إلى أن السجناء الستة متهمون بالانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI).
أكدت المنظمة وجود قلق بالغ بشأن استخدام التعذيب لانتزاع اعترافات قسرية، إضافة إلى حرمان هؤلاء المعتقلين من حقوقهم الأساسية في محاكمة عادلة، بما في ذلك الوصول إلى محامٍ والطعن في احتجازهم. ودعت المنظمة إلى الوقف الفوري لتنفيذ أحكام الإعدام وإعادة النظر في هذه القضايا بشكل عادل وشفاف.
وفي هذا السياق، من المقرر أن يجتمع آلاف من الإيرانيين يوم السبت الثامن من فبراير 2025 في باريس للتعبير عن مطلبهم بتغيير النظام في إيران ودعمهم للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، البديل الديمقراطي الوحيد للنظام الحاکم في إیران. وسيشارك ممثلون عن جمعيات إيرانية مختلفة من جميع أنحاء فرنسا لإظهار دعمهم لجمهورية ديمقراطية، ورفض أي شكل من أشكال الدكتاتورية، سواء كانت شاه أو دينية.
ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، تم اعتقال السجناء الستة بين أواخر ديسمبر 2023 وأواخر فبراير 2024 في طهران ومحافظة أذربيجان الغربية. وقد تم احتجازهم في القسم 209 بسجن إيفين، حيث أُفيد بأنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة بشكل صارخ. وأشارت التقارير إلى أن المعتقلين تعرضوا للضرب المبرح والجلد والحبس الانفرادي لفترات طويلة، بالإضافة إلى حرمانهم من الرعاية الصحية والنظافة الشخصية. وأوضحت منظمة العفو أن بعض السجناء تعرضوا لتهديدات بالإعدام أثناء التحقيق لإجبارهم على تقديم اعترافات.
وأبرزت المنظمة أن ثلاثة على الأقل من المتهمين لم يتمكنوا من مقابلة محاميهم إلا لفترة وجيزة لا تتجاوز ساعتين قبيل المحاكمة، مما يُعد انتهاكًا صارخًا لحقهم في الدفاع العادل. وخلال جلسات المحاكمة، أنكر المتهمون ومحاموهم مرارًا صحة الاعترافات، مؤكدين أنها انتُزعت تحت الإكراه، لكن لم يتم إجراء أي تحقيق في هذه الادعاءات.
وقدمت منظمة العفو الدولية تفاصيل مروعة عن التعذيب الذي تعرض له السجناء. فعلى سبيل المثال، تعرض وحيد بني عامريان للضرب أثناء اعتقاله في طهران بتاريخ 22 ديسمبر 2023، ما تسبب في إصابات بالغة في عينيه وصدره. وتم احتجازه في الحبس الانفرادي لمدة شهرين، في ظروف وصفتها المنظمة بأنها انتهاك مطلق للحظر الدولي على التعذيب وسوء المعاملة.
وتعرض أبو الحسن منتظر، الذي اعتُقل في نفس اليوم، لإصابات خطيرة في الصدر والرئتين أثناء احتجازه، وحُرم من تلقي العلاج الطبي اللازم. وأفادت التقارير بأنه احتُجز في ظروف قاسية خلال فصل الشتاء داخل زنزانة تفتقر إلى التدفئة، مما زاد من معاناته الجسدية.
أما بابك عليپور، الذي اعتُقل في 27 ديسمبر 2023، وبويا قبادی، الذي أُلقي القبض عليه في 23 فبراير 2024 أثناء محاولته عبور الحدود بطريقة غير قانونية، فقد خضعا لتحقيقات قاسية داخل السجن في ظروف قاسية على مدار عدة أشهر.
وتعرض محمد تقوي سنکدهی، الذي اعتُقل مع قبادی عند الحدود، لحرمان من الأدوية الضرورية لعلاج مرض النقرس المزمن الذي يعاني منه، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية. وأفيد أيضًا بأن أكبر دانشورکار تعرض للجلد أثناء احتجازه في القسم 209 بسجن إيفين.
وانتقدت منظمة العفو الدولية النظام القضائي لمحاكم الثورة في إيران، وخاصة الشعبة 26، مشيرة إلى افتقارها إلى الاستقلالية وخضوعها للتأثير المباشر من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. ووصفت المحاكمات بأنها لا تفي بالمعايير الدولية للعدالة، حيث انتهكت الحقوق الأساسية للمتهمين، مثل حقهم في التمثيل القانوني المستقل والحماية من التعذيب.
كما أعربت المنظمة عن قلقها العميق بشأن تزايد استخدام عقوبة الإعدام في إيران، لا سيما ضد المعارضين السياسيين والأقليات العرقية. ووفقًا لتقرير المنظمة، تم تنفيذ ما لا يقل عن 853 حكم إعدام في عام 2023، بزيادة قدرها 48% عن العام السابق. وتستمر هذه الموجة في عام 2024، حيث يُستهدف بشكل متزايد السجناء السياسيون والمعارضون.
ودعت منظمة العفو الدولية إلى:
– الوقف الفوري لتنفيذ أحكام الإعدام بحق السجناء الستة.
– إلغاء أحكام الإعدام والإفراج غير المشروط عنهم، نظرًا للانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها.
– إجراء تحقيق مستقل في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، ومحاسبة المسؤولين عنها في محاكمات عادلة.
– ضمان حصول السجناء على زيارات أسرية وتمثيل قانوني ورعاية طبية كافية.
كما طالبت السلطات الإيرانية بتعليق تنفيذ جميع أحكام الإعدام تمهيدًا لإلغاء العقوبة بشكل كامل. وأكدت منظمة العفو الدولية مجددًا معارضتها المطلقة لعقوبة الإعدام، مشددة على أنها تشكل انتهاكًا لحق الحياة ومعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة.
يمثل هذا النداء العاجل تسليطًا للضوء على السجل الحقوقي لإيران، لا سيما في ما يتعلق بمعاملة السجناء السياسيين واعتماد النظام على عقوبة الإعدام كأداة قمعية.