الاقتصاد
دور الصين وأسواق النفط في صراع واشنطن وطهران..
إيران تحت المجهر الأمريكي.. تأثير العقوبات النفطية ورهانات المفاوضات النووية في 2025
مشتريات النفط الصينية عقبة أمام النهج الأميركي لاحتواء طهران.
في 4 فبراير 2025، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة رئاسية تعيد سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، التي بدأت في ولايته الأولى عام 2018 بهدف تقليص صادراتها النفطية وردع طموحاتها النووية. لكن السياق الجيوسياسي والاقتصادي الحالي يختلف عما كان عليه سابقًا، مما يطرح تحديات وفرصًا جديدة أمام هذه السياسة.
وفقًا لكولبي كونلي من معهد الشرق الأوسط، تتأثر السياسة الأمريكية بالتغيرات الإقليمية وأسواق النفط العالمية. فبعد انسحاب إدارة ترامب الأولى من الاتفاق النووي عام 2015 وإعادة فرض العقوبات، تقلّصت صادرات إيران النفطية تدريجيًا، مع منح إعفاءات لدول مثل الهند واليابان وتركيا لخفض مشترياتها. حاليًا، أصبحت الصين المشتري الرئيسي للنفط الإيراني، حيث تستفيد مصافي "الشاي" المستقلة من الأسعار المخفضة، مدفوعة باليوان بدلًا من الدولار، مع استخدام أساليب خداع مثل إعادة تسمية الشحنات.
الحرب الروسية-الأوكرانية عام 2022 أثرت بشكل كبير على أسواق النفط، إذ خففت إدارة بايدن العقوبات غير الرسمية على إيران للحد من ارتفاع الأسعار (تجاوزت 113 دولارًا للبرميل في 2022)، مما سمح لصادرات إيران بالارتفاع من 500 ألف برميل يوميًا في 2019 إلى 1.7 مليون برميل في 2024. لكن لاحقًا، أضافت عقوبات جديدة دون تشديد كامل.
وتعتمد نجاح "الضغط الأقصى" الجديدة على التعامل مع التحالف الصيني-الإيراني. الصين، كسوق رئيسية، بدأت تقليص وارداتها تحسبًا لعقوبات أشد، مما يمنح واشنطن فرصة لتضييق الخناق على إيران، خاصة مع اعتماد طهران شبه الكامل عليها. كما أن قدرة "أوبك+" الاحتياطية كافية لتعويض أي نقص في النفط الإيراني، رغم عدم احتمال استجابتها لدعوات ترامب لزيادة الإنتاج لأسباب سياسية تتعلق بروسيا.
من جهة أخرى، تواجه إيران أزمة طاقة داخلية بسبب عجزها عن تلبية الطلب المحلي على الغاز الطبيعي رغم احتياطياتها الهائلة، مما قد يشكل نقطة ضغط في مفاوضات نووية مستقبلية. لكن اعتمادها على الصين يجعلها عرضة لمخاطر اقتصادية طويلة الأجل، خاصة مع حصارها من سوق النفط المقومة بالدولار.
ونجحت إيران في تحمل العقوبات سابقًا، وتتعهد بمقاومة الضغوط الجديدة، مما يثير تساؤلات حول فعالية السياسة. يرى البعض أن التركيز على عقوبات النفط قد لا يكفي، خاصة مع سيطرة الحرس الثوري على الصادرات، مما يعزز نفوذها الإقليمي. لذلك، قد تحتاج واشنطن إلى بدائل مثل الاستثمار في قطاع الغاز الإيراني لتلبية الطلب المحلي دون تعزيز عائدات التصدير، وهو ما يمثل تحولًا عن السياسة التقليدية.
وتعود "الضغط الأقصى" في ظروف متغيرة تجعل نجاحها مرهونًا بإدارة التحالف الصيني-الإيراني واستغلال أزمة الطاقة الداخلية في إيران. بينما تمتلك الولايات المتحدة أدوات قوية، فإن مقاومة طهران وتعقيدات السوق العالمية قد تتطلب استراتيجيات مبتكرة تتجاوز العقوبات التقليدية لتحقيق أهداف دبلوماسية مستدامة.