تحليلات
كشفت تأثير الخطاب السياسي عبر المنهج التداولي..
الإقناع والتأدب والوضوح في خطاب عيدروس الزُبيدي.. دراسة تحليلية للآليات الظاهرة والضمنية
رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي
صُدرت عن مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، دراسة حديثة بعنوان "البعد التداولي في تحليل الخطاب السياسي لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، بين الأعوام، (2017-2024)" تحليلًا معمقًا لخطاب رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي، مستخدمة المنهج التداولي كأداة علمية لفهم كيفية تشكيل الخطاب السياسي للوعي الجماهيري وتحقيق أهداف المشروع الوطني الجنوبي.
الدراسة التي أعدها رئيس تحرير مجلة بريم د. صبري عفيف، حول أهمية الخطاب السياسي في السياق الوطني، "أكدت أن الخطاب السياسي الذي يتميز بوضوح الرؤية والهوية يسهم في تعزيز انخراط الجمهور في المشروع السياسي، مشيرة إلى أن نجاح الزُبيدي في إيصال رسائله يعتمد على استراتيجيات تواصلية مدروسة.
واعتبر الباحث خطاب الزُبيدي نموذجًا رئيسيًا يعكس طموحات شعب الجنوب، لكونه رمزًا للمشروع الوطني الذي يسعى إلى تحقيق أهدافه بأقل تكلفة وأسرع وقت.
وطرحت الدراسة سؤالًا رئيسيًا: "ما مدى تأثير خطاب عيدروس الزُبيدي في تشكيل الوعي السياسي للمتلقين؟"، مع أسئلة فرعية تركز على:
كيفية استغلال الزُبيدي للسياق الوجودي للتواصل مع جمهوره وتكييف الخطاب مع مقاصده، من خلال توظيف الإشاريات (كالزمان والمكان والضمائر) لتعزيز التأثير الإقناعي، واستخدام أفعال الكلام مثل الوعد والطلب للتأثير على المخاطبين.
واعتمدت الدراسة المنهج التداولي، وهو إطار علمي حديث يركز على تحليل اللغة في سياقاتها الواقعية، لكشف المعاني الضمنية واستراتيجيات الإقناع في خطاب الزُبيدي. وشمل التحليل ثلاثة محاور رئيسية، هي أفعال الكلام، مثل الوعد والإعلان، التي تعكس نوايا المتحدث وتؤثر في الجمهور، والسياقـ، الظروف الاجتماعية والثقافية المحيطة بالخطاب، التي تحدد معانيه، والإشاريات، مثل الأدوات اللغوية التي تربط الخطاب بالواقع، كالضمائر ومؤشرات الزمان والمكان.
واستند البحث إلى تحليل 20 خطابًا سياسيًا ألقاها الزُبيدي خلال الفترة من 2017 إلى 2024، تم اختيارها عشوائيًا لتقديم صورة شاملة عن أسلوبه الخطابي.
وخلصت الدراسة إلى أن خطاب الزُبيدي يعتمد على آليات إقناعية واضحة وخفية، مما يجعله أداة فعالة لتوجيه الجمهور. وأظهرت أن التزامه بمبدأ التأدب في التواصل عزز علاقته بالمخاطبين، وقرّب وجهات النظر، فيما لعب السياق دورًا حاسمًا في تفسير دلالات الخطاب.
ومن بين أهداف الدراسة، قياس تأثير الخطاب على العلاقات السياسية الداخلية والخارجية، وكشف دور التداولية في تحليل الخطاب، وتحديد الأدوات اللغوية التي يستخدمها الزُبيدي لنقل رسائله، وتقديم رؤى لتطوير الخطاب السياسي الجنوبي مستقبلًا.
وأكدت الدراسة أن تحليل خطاب الزُبيدي يقدم رؤية جديدة لفهم النصوص السياسية، مشيرة إلى أن التداولية تُعد أداة فعالة لاستكشاف كيفية استخدام اللغة في تحقيق أهداف تواصلية وإقناع الجماهير. واعتبرت أن هذا البحث يمثل إضافة نوعية للدراسات اللغوية والسياسية في السياق الجنوبي.
وتُبرز هذه الدراسة قدرة الخطاب السياسي على التأثير في المجتمع عندما يُصاغ بعناية، موجهة الضوء نحو أهمية التحليل العلمي لفهم ديناميكيات التواصل بين القادة والشعوب في أوقات التحولات الكبرى.
وقال صالح أبو عوذل، رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، إن هذه الدراسة تندرج ضمن جهود المؤسسة لتسليط الضوء على الأحداث السياسية في المنطقة، بهدف لعب دور رائد في توثيق الحراك الشعبي والسياسي. وأوضح أن المؤسسة تسعى إلى تحقيق ذلك من خلال إنتاج دراسات ومقالات وتقارير تحليلية تتناول القضايا الوطنية والسياسية الراهنة بعمق وموضوعية.
وأضاف في كلمته التقديمية للكتاب أن المؤسسة ركزت على توثيق وتحليل الأحداث السياسية الحاسمة في الجنوب من منظور علمي، مع الأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة. وأشار إلى أن هذا الاهتمام تجلى بوضوح في مجالات التأليف والنشر، حيث أصدرت المؤسسة العديد من الدراسات والتحليلات التي تركز على التطورات السياسية والثورية الناتجة عن تراكمات الكفاح الطويل في الجنوب.
وأكد أبو عوذل أن المؤسسة تُعدّ ركيزة أساسية في نشر المعرفة وتعزيز الوعي السياسي بين أفراد المجتمع الجنوبي، من خلال توفير أدوات أكاديمية تساعد على فهم وتحليل الأحداث المتسارعة في المنطقة. وفي هذا السياق، يقدم الكتاب تحليلًا شاملًا للخطاب السياسي للسيد عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يُعتبر أحد أبرز القادة في هذه المرحلة.
ويركز الكتاب على عناصر حيوية في خطاب الزُبيدي، مثل الإشاريات، الأفعال الإنجازية، والسياق التداولي، مما يساهم في تعميق فهم دور الخطاب السياسي في تشكيل الوعي الجماهيري وتحفيز الجماهير نحو تحقيق أهداف الثورة الوطنية. ويأتي الكتاب كجزء من اهتمام المؤسسة المستمر بتطوير البحث الأكاديمي حول الأحداث السياسية في الجنوب، خاصة في ظل التحديات السياسية والعسكرية الكبيرة التي تواجهها المنطقة.
وأعرب عن أمله في أن يشكل الكتاب مساهمة علمية قيمة في تحليل الخطاب السياسي باستخدام أدوات التداولية، التي تُعد وسيلة فعالة لفهم كيفية تأثير الخطاب على الجمهور ودفعه نحو تحقيق أهداف وطنية كبرى. وشدد على طموح المؤسسة أن يكون الكتاب مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بمتابعة تطورات القضية الجنوبية وتحليل خطابات قادتها، لاسيما في ظل التحديات الراهنة، مضيفًا أنه يُمثل إضافة نوعية للمكتبة العلمية المعنية بتلك القضية.