تطورات اقليمية
تردد إدارة بايدن ساهم في إضعاف الموقف الأميركي في المنطقة..
ضربات أمريكية غير مسبوقة على الحوثيين: تصعيد عسكري وتحذيرات لإيران
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يشرف بنفسه على العمليات ضد الحوثيين
شهدت العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة جماعة الحوثيين ضربات جوية أمريكية واسعة النطاق مساء السبت، 15 مارس 2025، وصفت بأنها الأشد في تاريخ الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين.
جاءت هذه العملية ردًا على استمرار الحوثيين في عرقلة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، في خطوة مفاجئة حملت رسائل تحذيرية لإيران، الداعم الرئيسي للجماعة. وفي الوقت نفسه، تصاعدت التوترات مع تعهد الحوثيين بالرد، وسط مخاوف من زعزعة الاستقرار الإقليمي والإنساني في اليمن.
الضربات الأمريكية ورد الحوثيين
نفذت القوات الأمريكية غارات جوية استهدفت مواقع رئيسية للحوثيين في صنعاء ومحافظتي صعدة والبيضاء، مما أسفر عن مقتل عدد من قادتهم، بحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز. وأكد والتز في تصريح لشبكة "إيه بي سي نيوز" أن الغارات "استهدفت قادة الحوثيين وقتلتهم"، مضيفًا في حديث لـ"فوكس نيوز" أن الضربات جاءت "بقوة ساحقة" مع تحذير واضح لإيران من أن "الكيل قد طفح".
في المقابل، أعلن الحوثيون عن حصيلة أولية للضربات بلغت 31 قتيلًا و101 جريحًا، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لهم، أنيس الأصبحي. وأشار إلى أن الغارات استهدفت مناطق مدنية وسكنية، بينما وصف شهود عيان في صنعاء الليلة بأنها "ليلة رعب"، حيث هزت الانفجارات المنازل وكسرت النوافذ.
توعد الحوثيون بالرد على الضربات، مؤكدين استمرار عملياتهم في البحر الأحمر، حيث نفذوا منذ أكتوبر 2023 أكثر من 100 هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ، أدت إلى غرق سفينتين واحتجاز أخرى، ومقتل 4 بحارة، مما دفع السفن التجارية لتغيير مساراتها وزاد تكاليف الشحن البحري.
تحول في السياسة الأمريكية
يرى المحللون أن هذه الضربات تمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين، بعد تردد إدارة الرئيس السابق جو بايدن في اتخاذ خطوات حاسمة. فقد ركزت إدارة بايدن على الحلول الدبلوماسية والضغط على إيران عبر مفاوضات نووية، لكن هذا التردد أضعف الموقف الأمريكي، بحسب خبراء، مما سمح للحوثيين بالتمادي في استهداف السفن التجارية، خاصة بعد عودتهم للهجمات رغم هدنة حماس وإسرائيل.
في المقابل، أظهرت إدارة الرئيس دونالد ترامب موقفًا حازمًا، حيث قال في منشور على "تروث سوشال": "سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا"، محذرًا الحوثيين من "الجحيم" إذا لم يوقفوا هجماتهم، ومتهمًا إيران بدعمهم.
ردود فعل إقليمية ودولية
أثارت الضربات ردود فعل متباينة. فقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عبر متحدثه ستيفان دوجاريك، من أن "أي تصعيد قد يزيد التوتر الإقليمي ويعرض الوضع الإنساني في اليمن لمخاطر جسيمة"، داعيًا إلى "أقصى درجات ضبط النفس" ووقف الأنشطة العسكرية.
من جانبها، نفت إيران أي علاقة بهجمات الحوثيين، حيث قال الجنرال حسين سلامي، رئيس الحرس الثوري، إن طهران "لا تتحكم في سياسات الجماعات المتحالفة معها". لكن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو رد قائلًا: "الحوثيون لم يكونوا ليهاجموا السفن دون دعم إيران". في المقابل، دعا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الولايات المتحدة إلى وقف الضربات، مؤكدًا أن واشنطن "لا يمكنها أن تملي على إيران سياستها".
الحوثيون يواجهون التصعيد
في اليوم التالي للغارات، أسقطت طائرات أمريكية من طراز إف-16 وإف-18 أحد عشر طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون، بعد محاولتهم استهداف حاملة الطائرات "هاري ترومان" قبالة سواحل اليمن. وبحسب مسؤول أمريكي، لم تقترب الطائرات المسيرة من الهدف، كما رصد الجيش محاولة فاشلة لإطلاق صاروخ سقط في المياه دون تهديد.
يقول محمد الباشا، خبير الشؤون اليمنية، إن المناطق المستهدفة في صنعاء تضم معاقل قادة الحوثيين، مضيفًا: "هذه نقطة اللاعودة في المواجهة بين الحوثيين والقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)".
تحليل الوضع
حذر تقرير للمجلس الأطلسي من أن الضربات الأمريكية وحدها لن تكفي للقضاء على الحوثيين، نظرًا لتاريخهم في المقاومة ضد الحكومة اليمنية والتحالف السعودي، ودعمهم من إيران وشبكات مشتريات في الصين وروسيا. وأوصى التقرير بضرورة تعزيز الجهود الدبلوماسية مع روسيا والصين، وزيادة الموارد البحرية لمنع إعادة إمداد الحوثيين، والضغط على إيران، إلى جانب دعم دفاعات السعودية والإمارات.
تشير التطورات الأخيرة إلى تصعيد غير مسبوق في الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين، مع تهديدات متبادلة ومخاوف من تداعيات إنسانية وإقليمية. وبينما تؤكد واشنطن عزمها على ردع الحوثيين ومحاسبة إيران، يبقى السؤال: هل ستتمكن الضربات العسكرية من تحقيق الاستقرار، أم أنها ستفتح الباب لمزيد من الفوضى في المنطقة؟ الأيام المقبلة ستكشف مدى جدية النوايا الأمريكية وتأثيرها على التوازنات الإقليمية.