أنشطة وقضايا

"التغذية المتوازنة في رمضان"..

الصيام والقولون العصبي.. كيف نحول شهر رمضان المبارك إلى فرصة للشفاء؟

الصيام لا يعني الامتناع عن الطعام فقط، بل هو رحلة لتجديد الجسم والروح معًا - اليوم الثامن

في أجواء رمضانية مفعمة بالروحانية والوعي الصحي، نظمت منصة "عقل، جسد، روح" التابعة لمؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات أمسية تثقيفية مميزة بعنوان "رمضان وصحة الجهاز الهضمي"، قدمتها الدكتورة رقية أبو طالب، أخصائية التغذية العلاجية والحميات. ركزت الأمسية على أهمية التغذية المتوازنة خلال شهر رمضان المبارك، وكيف يمكن للصائمين استغلال هذه الفترة لتحسين صحتهم العامة وتجنب المشكلات الصحية الشائعة التي قد تعكر صفو هذا الشهر الفضيل.

افتتحت الدكتورة “رقية أبو طالب” حديثها بالتأكيد على أن رمضان ليس مجرد موسم للعبادة والتقرب إلى الله، بل هو فرصة ذهبية لتطهير الجسم وتعزيز الصحة. فالصيام، كما شرعه الله، يحمل في طياته فوائد صحية عميقة، أبرزها إراحة الجهاز الهضمي ومساعدة الجسم على التخلص من السموم المتراكمة. وأوضحت أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب وعيًا غذائيًا يبدأ من اختيار الأطعمة المناسبة وينتهي بتجنب العادات الخاطئة التي قد تجهد الجسم بدلاً من أن تنعشه.

تطرقت الدكتورة إلى أهمية التغذية الصحية في رمضان، مشيرة إلى أنها تمثل خط الدفاع الأول ضد الأمراض. فالصيام يمنح الجهاز الهضمي فرصة للراحة والتجدد، مما يساعد على تحسين عملية الهضم وتنشيط نمو البكتيريا النافعة في الأمعاء، وهو ما يقلل من مشكلات مثل الانتفاخ والقولون العصبي. كما أن الصيام يعزز التحكم في الشهية، مما يساعد الصائم على مقاومة إغراءات الأطعمة غير الصحية التي تكثر في هذا الشهر. ولم تقتصر الفوائد على الجهاز الهضمي فقط، بل امتدت لتشمل صحة القلب، حيث يساهم الصيام في خفض مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، فضلاً عن تحسين حساسية الأنسولين، مما يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. وأضافت أن الصيام ينشط عملية التخلص من السموم، مما يدعم وظائف الكبد والكلى ويعزز الصحة العامة.

ومع ذلك، حذرت الدكتورة من أن العادات الغذائية الخاطئة قد تقلب هذه الفوائد إلى تحديات صحية. فتناول الأطعمة المقلية والعصائر المعلبة، على سبيل المثال، يؤثر سلبًا على البكتيريا النافعة في الأمعاء، مما يؤدي إلى تخمرها وتهيج القولون، وهي مشكلات يمكن تفاديها باتباع نظام غذائي صحي يعتمد على الأطعمة الطبيعية والمفيدة. وأكدت أن الالتزام بهذا النظام قد يجنبنا زيارات متكررة للمستشفيات ويمنحنا فرصة للاستمتاع بصحة أفضل خلال الشهر وما بعده.

وفي سياق الحديث عن فوائد الصيام للجهاز الهضمي، أشارت الدكتورة إلى أن تقليل تناول الطعام لفترات محددة يساعد على تقليل الانتفاخات والغازات، كما يعزز كفاءة المعدة في إفراز العصارات الهاضمة، مما يجعل عملية الهضم أكثر سلاسة. لكنها نبهت إلى أن الكثيرين يقعون في فخ العادات الغذائية الخاطئة، مثل الإفراط في تناول السمبوسة والبقلاوة والحلويات الدسمة، وهي أطعمة تجهد الجهاز الهضمي وتعيق عمله بدلاً من أن تدعمه، خاصة عندما تكون التقاليد الغذائية هي المحرك الأساسي لاختياراتنا على مائدة الإفطار.

ثم انتقلت الدكتورة للحديث عن العلاقة الوثيقة بين الصيام والقولون العصبي، وهي مشكلة شائعة يعاني منها نسبة كبيرة من الأفراد، حيث تظهر أعراضها في الانتفاخات وآلام البطن التي يشكو منها المرضى عادة في العيادات. وأوضحت أن 70% من مشاكل القولون العصبي ترتبط بالتوتر العصبي، بينما تعود النسبة المتبقية، وهي 30%، إلى العادات الغذائية السيئة. وأكدت أن الصيام الصحيح يمكن أن يخفف من تهيج الأمعاء والمعدة، ويقلل من أعراض القولون العصبي وارتجاع المريء، شريطة الالتزام بنظام غذائي يتجنب الأطعمة المهيجة مثل البقوليات والمشروبات الغازية، ويركز على الخضروات والفواكه وتناول وجبات صغيرة متوازنة لتخفيف الضغط على الجهاز الهضمي، مع أهمية شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على الرطوبة وتسهيل الهضم.

وأبرزت الدكتورة أهمية وجبة السحور كعنصر أساسي في رمضان، مشيرة إلى أن تأخيرها إلى ما قبل الفجر، كما ورد في السنة النبوية، يساعد على الحفاظ على مستويات الطاقة خلال النهار ويقلل من الشعور بالتعب والإرهاق. وأوصت بأن تحتوي هذه الوجبة على أطعمة غنية بالبروتين مثل اللحوم الخالية من الدهون والجبن والحليب والبيض والزبادي، لأنها تمد الجسم بالطاقة اللازمة لتحمل ساعات الصيام الطويلة. 

ونصحت بتجنب البقوليات مثل العدس والفول لمن يعانون من القولون العصبي، لأنها قد تسبب الانتفاخ والغازات، كما حذرت من الأطعمة المالحة التي تزيد الشعور بالعطش، مؤكدة على ضرورة تناول الفواكه والخضروات الغنية بالألياف وشرب الماء بكميات كافية بين الإفطار والسحور.

واختتمت الأمسية بالتأكيد على أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو فرصة حقيقية لتغيير العادات الغذائية السيئة وتبني أسلوب حياة صحي. فباتباع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن للصائم أن يحقق أقصى استفادة من فوائد هذا الشهر الكريم، ليس فقط على المستوى الروحي، بل أيضًا على مستوى الصحة البدنية والنفسية. وبهذا، قدمت منصة "عقل، جسد، روح" نموذجًا متكاملًا للتوعية الصحية التي تجمع بين العلم والروحانية، في إطار رسالة مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات في تعزيز الوعي المجتمعي.

"خطأ فادح": البيت الأبيض يعلق على تسريب معلومات سرية حول ضربات الحوثيين


عودة جائحة الإيدز تلوح في الأفق: الأمم المتحدة تدعو ترامب لإنقاذ الوضع


نجاح إماراتي في مواجهة هجمات سيبرانية استهدفت مئات الجهات الحكومية والخاصة


ماذا بعد تصعيد الحوثيين؟ تحديات مستقبلية تواجه الولايات المتحدة والمنطقة