الرياضة

الاحتكاك الدولي الذي صنع الفارق..

كيف ساهمت بطولة الرئيس الكوري في تأهل العراق إلى مونديال 1986؟

بطولة الرئيس الكوري 1985 تجربة مهّدت لتأهل العراق إلى مونديال 1986 - أرشيف

شكل تأهل العراق إلى نهائيات كأس العالم 1986 لحظة فارقة في تاريخ الكرة العراقية، وفتح الباب أمام تساؤلات لا تزال تُطرح حتى اليوم: ما الذي صنع الفارق في تلك التصفيات؟ وأين بدأ التحول الفعلي في أداء المنتخب؟ الصحافي أسعد الدلفي يعود في سردٍ توثيقي إلى واحدة من أبرز المحطات التحضيرية آنذاك: بطولة الرئيس الكوري لعام 1985، والتي يرى فيها كثيرون أنها كانت التجربة المفتاحية التي وضعت منتخب "أسود الرافدين" على طريق التأهل.

ما قبل التحول: صعود بشق الأنفس وقرارات مصيرية

خاض المنتخب العراقي مرحلة التصفيات الأولية أمام منتخبات قطر والأردن ولبنان، في مجموعة كانت محفوفة بالتحديات. ولعل أبرز لحظاتها كانت معركة الهند التي شهدت فوزًا صعبًا على المنتخب القطري بهدف نادر من كريم محمد علاوي، هدفٌ لم يكن جماليًا بقدر ما كان حاسمًا. هذه النتيجة دفعت الاتحاد العراقي إلى اتخاذ قرار استراتيجي بالمشاركة في بطولة الرئيس الكوري، بعد تلقي دعوة من الجهة المنظمة.

وبحسب الكاتب الصحافي أسعد الدلفي، جاءت هذه الدعوة في توقيت مثالي، خاصة وأنها وقعت في يونيو 1985، ما وفر أرضية مناسبة لاختبار التشكيلة، وتقييم مدى جاهزيتها للمرحلة الحاسمة من التصفيات.

بطولة الرئيس الكوري: معمل الاختبار الحقيقي

ضمت البطولة 12 فريقًا من القارات الخمس، ووقع المنتخب العراقي في المجموعة الثانية إلى جانب نادي بانكو البرازيلي ونادي ليرس البلجيكي، وهي أسماء تنتمي إلى مدارس كروية مختلفة، ما أتاح فرص احتكاك ثمينة للاعبين.

وفي أول اختبار، فاز المنتخب العراقي على ليرس البلجيكي بخمسة أهداف لهدفين، سجلها كريم صدام (هدفين)، كريم محمد علاوي، سمير شاكر، وناطق هاشم. كان الفوز رسالة طمأنة إلى الجماهير، لكنها لم تكن كافية للحكم على استقرار الفريق.

في المواجهة الثانية أمام بانكو البرازيلي، تعادل المنتخب 2-2، في مباراة وصفت بالقوية. اللافت أن كريم محمد علاوي – المدافع – سجل هدفًا جديدًا، ما عزز سمعته كمفاجأة هجومية غير متوقعة.

بفضل فارق الأهداف، تصدر العراق المجموعة وتأهل إلى الدور الثاني، حيث اصطدم بثلاثة فرق أخرى: منتخب كندا، نادي هوركان الأرجنتيني، وكوريا الجنوبية الأولمبي.

الأداء التصاعدي والضربة الكورية

حقق العراق فوزًا كاسحًا على كندا 6-1، ثم انتصارًا مقنعًا على هوركان الأرجنتيني 5-2، لتبدأ الآمال تتزايد بقدرة الفريق على الذهاب بعيدًا. لكن المفاجأة وقعت في اللقاء الثالث، حين خسر أمام المنتخب الأولمبي الكوري الجنوبي بهدف نظيف، ما جعله يحتل المركز الثاني في مجموعته، ويواجه منتخب كوريا الجنوبية الوطني في نصف النهائي.

في هذه المواجهة، خسر العراق 0-2، ما أثار تساؤلات كبيرة حول قدرة المنتخب على مواصلة مشوار التصفيات، خاصة في ظل ضعف الأداء الدفاعي.

في مباراة تحديد المركز الثالث، عاد العراق لملاقاة بانكو البرازيلي، وتعادلا سلبيًا، قبل أن يخسر "أسود الرافدين" بركلات الترجيح 4-5، ويكتفي بالمركز الرابع.

الخلاصات الفنية.. والدروس السياسية

يقول الكاتب أسعد الدلفي إن المشاركة في هذه البطولة لم تكن فقط تجربة تنافسية، بل كانت معسكرًا تدريبيًا حقيقيًا، كشف مكامن الخلل وأبرز نقاط القوة. سجل المنتخب 21 هدفًا في سبع مباريات، لكن مرماه تلقى 10 أهداف، ما أظهر الحاجة الماسة إلى ترميم المنظومة الدفاعية، لا سيما مع عودة عدنان درجال واستمرار غياب حسين سعيد.

لكن رغم الهزيمتين في الأدوار الإقصائية، فإن الانسجام بين اللاعبين والتنوع في مدارس اللعب التي واجهوها منح العراق تجربة فريدة من نوعها، أثمرت لاحقًا في التصفيات النهائية لكأس العالم.

لم يكن تأهل العراق إلى مونديال 1986 ضربة حظ، ولا مجرد نتيجة لسلسلة انتصارات داخل التصفيات. كان نتاجًا مباشرًا لاستثمار دقيق في الخبرة والاحتكاك، وبطولة الرئيس الكوري كانت الخطوة التي سبقت القفزة. في كرة القدم، كما في السياسة، القرار الاستباقي قد لا يصنع الفوز فورًا، لكنه يمنحك مفاتيح المستقبل.

صحف فرنسية: برلمانيون يدعون لحلول جذرية تجاه إيران بعيداً عن الحرب والمساومة


صوت الخبز أعلى من الرصاص.. هل يسقط النظام الإيراني من الداخل؟


من مانشستر إلى شفيلد.. الطفلة العدنية منة ووالدها خالد جرجرة يجسدان رسالة إنسانية على دراجتيهما


هايتيرا والوفاء تُشكلان تحالفاً استراتيجياً لتحديث اتصالات قطاع الطاقة في الإمارات