تطورات اقليمية
النظام الانتخابي الجديد يفتح مرحلة انتقالية..
من برلمان البعث إلى برلمان الشرع: قطيعة سياسية أم إعادة إنتاج للسلطة؟
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ ف ب)
أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسومًا بالتصديق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب (البرلمان)، يمهّد لاختيار ثلثي الأعضاء عبر الاقتراع في دوائر انتخابية، فيما يعيّن رئيس الدولة الثلث المتبقي. ويُعتبر هذا المرسوم، الذي حمل الرقم (143) لعام 2025، منعطفًا سياسيًا في مسار إعادة هيكلة مؤسسات الدولة السورية بعد أكثر من ستة عقود من سيطرة حزب البعث وعائلة الأسد.
ملامح النظام الانتخابي الجديد
بحسب المرسوم، يبلغ العدد الكلي لأعضاء مجلس الشعب 210 أعضاء، يتم اختيار 140 منهم بالانتخاب عبر 62 دائرة انتخابية موزعة على المحافظات وفقًا للتوزيع السكاني والإداري، بينما يعيّن الرئيس 70 عضوًا.
ويضع المرسوم قواعد صارمة للعضوية والانتخاب، أبرزها:
أن يكون المرشح سوري الجنسية قبل 1 مايو 2011.
استبعاد من ترشحوا للرئاسة بعد 2011.
استبعاد أعضاء المجالس السابقة إلا إذا أثبتوا انشقاقهم عن النظام السابق.
منع من دعموا النظام السابق أو التنظيمات الإرهابية أو دعوا للانفصال والاستقواء بالخارج.
اشتراط مؤهلات أكاديمية: 70% من الهيئة الناخبة ضمن فئة الكفاءات (شهادة جامعية)، و30% من الأعيان (شهادة ثانوية وتأثير اجتماعي).
إلزامية تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 20%، وتمثيل المهجرين داخليًا وخارجيًا.
تصريحات رسمية وخطوات تنفيذية
رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، محمد الأحمد، أعلن تقسيم البلاد إلى 62 دائرة انتخابية، مؤكّدًا أن الإجراءات العملية ستبدأ فورًا باستقبال مقترحات عضوية الهيئات الناخبة، وصولًا إلى عملية الانتخاب والفرز. ورجّح أن تُجرى الانتخابات بين 15 و20 سبتمبر المقبل.
التحديات والجدل
رغم الطموح في بناء مؤسسات جديدة، يواجه النظام الانتخابي انتقادات:
الإقصاء السياسي: شرط “الانشقاق” قد يُبعد شخصيات معارضة معتدلة.
ضيق قاعدة المشاركة: الاستبعاد المسبق لفئات معينة، مثل بعض المكونات التي رفعت شعارات تقرير المصير، قد يحد من التمثيل.
مركزية السلطة: استمرار صلاحية الرئيس في تعيين ثلث الأعضاء يحافظ على مركزية القرار.
دلالات سياسية
يعكس المرسوم رغبة في إعادة الشرعية للمؤسسات التشريعية عبر مقاربة جديدة تجمع بين الكفاءة والتمثيل الاجتماعي.
يمثل إعلانًا عن نهاية زمن البعث كمحتكر للحياة السياسية، لكنه لا يزال يثير التساؤل حول ما إذا كان هذا التحول سيُفضي إلى تعددية سياسية حقيقية أم مجرد إعادة صياغة للسلطة بآليات مختلفة.
يُعد المرسوم رقم (143) خطوة محورية في مسار التحول السياسي بسوريا، إذ يرسم ملامح أول برلمان بعد حقبة البعث والأسد، ويوازن بين الانتخاب والتعيين، وبين الكفاءات والأعيان. غير أن تحديات الإقصاء وضعف الشمولية قد تعرقل مسيرة بناء مؤسسة برلمانية تعكس تطلعات جميع السوريين. وسيكشف الاستحقاق المرتقب في سبتمبر المقبل مدى قدرة النظام الجديد على اجتياز اختبار الشرعية الشعبية، والتحول إلى ركيزة فعلية في مرحلة ما بعد الاستبداد.