تطورات اقليمية
شهادات قانونية وصرخة سياسية من أجل إيران..
مؤتمر باريس: من مجزرة 1988 إلى محكمة التاريخ.. المجتمع الدولي أمام لحظة الحقيقة
باريس تحاكم طهران سياسياً
في خطوة ذات دلالة سياسية وقانونية عميقة، استضافت بلدية الدائرة السابعة عشرة في باريس مؤتمراً دولياً رفيع المستوى، جمع شخصيات بارزة من عالم السياسة والقانون وحقوق الإنسان. هذا الحدث، الذي تزامن مع الذكرى السنوية لمجزرة عام 1988، لم يكن مجرد استعراض لانتهاكات حقوق الإنسان، بل كان صرخة موحدة لإعادة تعريف السياسة الدولية تجاه النظام الإيراني. لقد وجه المؤتمر رسالة واضحة: لقد بلغ القمع في إيران ذروة غير مسبوقة، وسكت المجتمع الدولي في الماضي، ويجب ألا يكرر خطأه اليوم.
الوضع القانوني والإنساني: من تقارير الأمم المتحدة إلى الإبادة الجماعية
كانت شهادة البروفيسور جاويد رحمان، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران، بمثابة حجر الزاوية في هذا المؤتمر. لقد وصف رحمان سجل النظام في حقوق الإنسان بـ"المروع"، وكشف عن حقائق صادمة تستند إلى تقاريره الرسمية للأمم المتحدة. وأكد أن الجرائم التي ارتكبها النظام بين عامي 1979 و1988، بما في ذلك مجزرة السجناء السياسيين، ترقى إلى مستوى "الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية". هذا التصنيف القانوني غير المسبوق يضع مسؤولية مباشرة على عاتق المجتمع الدولي. وحذر رحمان من أن النظام لا يزال يواصل إعداماته السرية، ودعا إلى إنشاء آلية محاسبة دولية لمحاكمة مرتكبي هذه الفظائع. من جانبه، أكد الدكتور مارك إليس، المدير التنفيذي لنقابة المحامين الدولية، أن النظام يستخدم الإعدامات كأداة قمع سياسي، ووصف تدمير النظام للمقابر الجماعية لإخفاء أدلة جرائمه بأنه "عمل شنيع".
الرؤية البديلة: الحل الثالث، لا مماطلة ولا حرب
كانت الكلمة الرئيسية للسيدة مريم رجوي هي قلب المؤتمر النابض. لقد وضعت رجوي الأزمة في سياقها التاريخي، قائلةً إن انعقاد المؤتمر في بلدية الدائرة 17 بباريس، حيث أُعلن إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789، يثير سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن للحكومات في عصرنا أن تواصل استرضاء نظام ينتهك كل مبادئ هذا الإعلان الخالد؟
وشددت رجوي على أن الحل الحقيقي لقضية إيران ليس في خيار المماطلة ولا في خيار الحرب الأجنبية، بل في "الحل الثالث". وهو إسقاط النظام الاستبدادي على يد الشعب والمقاومة الإيرانية. وقدمت رجوي خطتها ذات النقاط العشر، التي تمثل خارطة طريق لمستقبل ديمقراطي لإيران، وتدعو إلى: إلغاء عقوبة الإعدام، فصل الدين عن الدولة، وضمان الحريات الكاملة، وحل المؤسسات القمعية مثل الحرس الثوري والباسيج.
دعوة دولية موحدة: لا شاه ولا ملالي
لم تقتصر الدعوة إلى التغيير على المقاومة الإيرانية. فقد اجتمع عدد كبير من الشخصيات السياسية والحقوقية ليعلنوا تضامنهم مع الشعب الإيراني. جيلبرت ميتران، رئيس مؤسسة فرانسوا ميتران، أكد أن صمت المجتمع الدولي في عام 1988 كان خطأً لا يجب تكراره. ووجهت الوزيرة الألمانية السابقة هيرتا دابلر-غملين رسالة واضحة للنظام، قائلة: "أوقفوا الإعدامات وأوقفوا تدمير القبور". كما أشاد القاضي السابق وولفغانغ شومبورغ بخطة السيدة رجوي باعتبارها "مساراً ديمقراطياً واضحاً للمستقبل". وأكد جاك بوتو على أن المقاومة هي الرد الشرعي الوحيد على الدكتاتورية، معلناً بوضوح: "لا شاه ولا ملالي"، ومؤكداً أن المجلس الوطني للمقاومة هو البديل الوحيد الجاد والشرعي.
لقد شكل المؤتمر تذكيراً صارخاً بجرائم النظام الإيراني المستمرة والحاجة الماسة إلى محاسبة دولية، ودعا المتحدثون بالإجماع إلى تغيير في السياسة الغربية ودعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والعدالة.