الأدب والفن

قاسم إسطنبولي يعيد الحياة إلى مسارح لبنان..

سينما الكوليزيه التاريخية تتحول إلى المسرح الوطني اللبناني بعد عقود من الإقفال

إفتتاح تاريخي لـ "لمسرح الوطني اللبناني" مع عودة سينما الكوليزيه التراثية

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت حدثًا ثقافيًا بارزًا يُعيد الاعتبار لذاكرة الفن اللبناني، مع انطلاق فعاليات مهرجان لبنان المسرحي الدولي في بيروت بدورته الرابعة، الذي تنظمه جمعية تيرو للفنون ومسرح إسطنبولي، بالتزامن مع إعادة افتتاح سينما الكوليزيه التاريخية في شارع الحمرا بعد عقود من الإقفال، وتحويلها إلى المسرح الوطني اللبناني.

هذا الافتتاح لم يكن مجرد حدث فني عابر، بل مثّل محطة فارقة في المسار الثقافي اللبناني، حيث التقت الذاكرة السينمائية بالمستقبل المسرحي في قلب العاصمة. وهو ما يعكس إرادة متجددة في جعل الفن وسيلة للمقاومة الثقافية وصون الهوية الجماعية.

حضور رسمي ودبلوماسي وثقافي واسع

أقيم الحفل بحضور رسمي ودبلوماسي متنوع، تقدمه ممثل وزارة الثقافة الأستاذ جاد ثابت، والعقيد جوني بجاني ممثلًا اللواء رائد عبدالله، وممثلون عن وزارتي السياحة والإعلام، وممثل عن الأمم المتحدة، إلى جانب شخصيات ثقافية ودبلوماسية من سفارات كندا وألمانيا والهند وبولندا وماليزيا والسودان والبرازيل وروسيا وأوكرانيا وتونس وجمهورية موريشيوس، فضلًا عن ممثل المراكز الثقافية الإسبانية السيد إجناسيو أولموس.

كما شارك أعضاء نقابة ممثلي المسرح والسينما والتلفزيون، ونقابة الفنانين المحترفين، ونقابة الفنيين السينمائيين في لبنان، في حين بعث رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون برقية تهنئة بالمناسبة، مؤكدًا على رمزية عودة "الكوليزيه" كجزء من ذاكرة بيروت.

برنامج الافتتاح: من النشيد الوطني إلى استعادة الذاكرة

انطلقت الفعالية بالنشيد الوطني اللبناني، ثم عُرض فيلم وثائقي تناول تاريخ "سينما الكوليزيه"، التي تأسست عام 1945 وشهدت على العصر الذهبي للسينما والمسرح في لبنان. الفيلم أعاد إلى الأذهان صورًا لأجيال عاشت لحظات سينمائية خالدة بين جدران هذه الصالة، التي تحولت اليوم إلى مسرح وطني جامع.

كلمات تعكس هوية المسرح

صلاح تيزاني: "عودة إلى زمن العز"

الفنان المخضرم صلاح تيزاني عبّر عن اعتزازه بالدور الذي يضطلع به قاسم إسطنبولي، مؤكدًا أن "المسرح في بيروت سيعود إلى سابق عهده"، معتبرًا أن هذا الإنجاز يشكل استعادة لزمن العز المسرحي.

رفيق علي أحمد: "المسرح ضرورة حياتية"

أما الفنان رفيق علي أحمد، فقد شدد على أن المسرح ليس ترفًا بل ضرورة حياتية، واصفًا إياه بأنه "مساحة للحرية والتعبير، وصون للذاكرة الجماعية". وأضاف: "الدولة التي لا تستطيع أن تبني مسرحًا ليست بدولة حقيقية، لأن المسرح يعكس حضارة الشعوب وقدرتها على إنتاج الوعي والثقافة، وغيابه يعني غياب الدور الأساس لأي دولة".

جوليا قصّار: "قطار إسطنبولي يصل إلى بيروت"

الفنانة جوليا قصّار اعتبرت أن مشروع إسطنبولي يشكل رحلة مسرحية بدأت من صور، ثم طرابلس، وها هي اليوم تحط في بيروت. وأثنت على "إصرار فريق مسرح إسطنبولي على إعادة الحياة إلى الخشبات اللبنانية، رغم كل التحديات الاقتصادية والسياسية".

عمر ميقاتي: "إسطنبولي دولة في رجل"

الفنان عمر ميقاتي وصف المخرج قاسم إسطنبولي بأنه "دولة في رجل"، مشيدًا بعزيمته في إعادة إحياء المسرح الوطني اللبناني الذي تأسس عام 1965، ورأى أن "عودة الكوليزيه هي عودة الذاكرة المسرحية لبيروت".

جاد ثابت: "يوم تاريخي للثقافة اللبنانية"

في كلمته، أكد ممثل وزارة الثقافة جاد ثابت أن جمعية تيرو للفنون أسهمت في تكريس اللامركزية الثقافية عبر مشاريعها في صور وطرابلس، مضيفًا أن "افتتاح الكوليزيه يشكل يومًا تاريخيًا، ووزارة الثقافة ستكون داعمة لهذا المشروع الذي يعيد لبيروت هويتها الثقافية".

إسطنبولي: المسرح مقاومة ثقافية

في كلمة مؤثرة، أعلن مؤسس المسرح الوطني اللبناني قاسم إسطنبولي أن "هذه التجربة لن تقف عند حدود المدن التي انطلقت منها، بل ستمتد إلى باقي المناطق اللبنانية"، مؤكدًا أن كل مسرح جديد هو "ولادة وانتصار على المستحيل".

وأضاف: "حيث تكون الشمس يكون المسرح، وحيث تلتقي العتمة بخيط الضوء تولد السينما. فالمسرح في زمن الحرب كما في زمن السلم يجب أن يبقى في خدمة الناس. وبعد سبعة عشر عامًا من النضال الثقافي تحقق الحلم".

البعد التاريخي للكوليزيه

تأسست سينما الكوليزيه عام 1945، وكانت من أبرز دور العرض السينمائية التي احتضنت أهم الأفلام العربية والأجنبية، كما شهدت تظاهرات ثقافية جعلتها جزءًا من الذاكرة الجماعية للبنانيين. واليوم، بإعادة افتتاحها كمسرح وطني، تعود لتكون منبرًا ثقافيًا جديدًا في قلب بيروت.

برمجة المهرجان

تستمر فعاليات المهرجان بين 14 و16 أيلول/سبتمبر، بمشاركة عروض مسرحية من لبنان، العراق، سوريا، فلسطين، إسبانيا، وألمانيا، تحت شعار:
"ويبقى المسرح ما بقيت الحياة"، وهو شعار مستوحى من مقولة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، في تأكيد على أن المسرح سيظل شاهدًا على الحياة مهما تعاظمت الأزمات.

خلاصة

عودة "الكوليزيه" ليست مجرد إعادة إحياء لصالة سينمائية، بل هي استعادة لروح بيروت الثقافية التي قاومت الحروب والانهيارات الاقتصادية. ومن خلال مهرجان لبنان المسرحي الدولي، يثبت الفن مرة أخرى أنه قادر على مواجهة اليأس بالضوء، والصمت بالكلمة، والعزلة بالاحتفاء الجماعي بالحياة.

غارات إسرائيلية على الحديدة ورد حوثي بصواريخ على تل أبيب


إيران في قفص الاتهام: من هزائم المحاكم الأوروبية إلى عزلة مجموعة السبع


مؤتمر الرياض للأمن البحري: توافق دولي لمواجهة التهديدات الحوثية بالمنطقة


«أحب محبتي لما يحبه الآخرون».. ليدا كاتوندا تفتح حواراً بصرياً في الشارقة