تطورات اقليمية

الأمم المتحدة تدين إيران للمرة 72..

رسائل سياسية وأكاديمية من العاصمة الأمريكية.. هل تقترب إيران من لحظة التحول؟

مريم رجوي تشدد على إحالة ملف جرائم النظام الإيراني إلى مجلس الأمن فوراً - أرشيف

تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن حراكاً سياسياً وأكاديمياً لافتاً حول الملف الإيراني، بعد انعقاد مؤتمر «إيران حرة 2025» في منتصف نوفمبر، والذي جمع مئات الأكاديميين والخبراء الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة إلى شخصيات سياسية ودبلوماسية وإعلامية بارزة. واعتُبر المؤتمر، الذي حمل عنوان «خريطة الطريق نحو جمهورية ديمقراطية في إيران»، امتداداً لجهود المعارضة الإيرانية المنظمة التي كثّفت نشاطها خلال الأسابيع الماضية، عقب مؤتمر شبابي حاشد في أوروبا، في وقت تواجه فيه طهران ضغوطاً داخلية متصاعدة ومؤشرات متزايدة على هشاشة النظام.

في كلمتها الافتتاحية، قالت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن «إسقاط نظام ولاية الفقيه ضرورة وقد آن أوانُه»، في إشارة إلى أن التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية داخل إيران باتت تُقرأ داخل أروقة المعارضة باعتبارها لحظة مفصلية قد تفتح الباب أمام انتقال سياسي غير مسبوق. ويشير محللون إلى أن الاحتجاجات الواسعة خلال الأعوام 2017 و2019 وانتفاضة 2022، المعروفة بشعار «المرأة، الحياة، الحرية»، كشفت عمق الغضب الاجتماعي واتساع دائرة القطاعات المستعدة للانخراط في تغيير سياسي.

وفي كلمة حملت رسائل أمريكية مباشرة، قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو إن «الشعب الإيراني يستحق الحرية بفضل وجود معارضة منظمة»، مؤكداً أن بنية التنظيم السياسي داخل المعارضة الإيرانية تمثل استثناءً في تجارب انتقال السلطة في الشرق الأوسط. ويقول مراقبون في واشنطن إن هذا الموقف يعكس اهتماماً متجدداً داخل بعض دوائر السياسة الأمريكية بملف إيران، خصوصاً مع ما يُتداول من تقديرات تشير إلى تزايد هشاشة مؤسسات النظام.

وقدّمت الدكتورة صوفي سعيدي، أستاذة العلاقات الدولية، قراءة أكاديمية للمشهد، معتبرة أن التجارب المقارنة للحركات الاحتجاجية تؤكد أن غياب القيادة والهيكلية يؤدي غالباً إلى الفوضى، مذكرة بأن منطقة الشرق الأوسط شهدت خلال العقد الماضي نماذج عديدة لانهيار الدولة نتيجة غياب الخطة الانتقالية. وترى ورقة بحثية صادرة عن هارفارد مؤخراً أن إيران تمتلك طاقات بشرية مؤهلة قادرة على إدارة انتقال منظم، شريطة توفر إطار قيادي واضح.

وبرزت خلال المؤتمر جلسة جمعت البروفيسور محمد حسين تسوجي والعالم الإيراني–الأمريكي مرتضى قريب، وهو عضو في أكاديمية الفنون والعلوم وصاحب أكثر من 170 اختراعاً. وقد أكد قريب أن «الإيرانيين ضمن الشعوب الثلاثة الأكثر ذكاءً عالمياً»، وأن «أكثر من 10٪ من مهندسي الكهرباء في الولايات المتحدة من أصول إيرانية»، مضيفاً أن «لا توجد جامعة أمريكية تقريباً إلا وفيها أستاذ إيراني». وأظهرت هذه الأرقام، بحسب المشاركين، أن إيران لا تعاني نقصاً في الكفاءات القادرة على إدارة مرحلة ما بعد التغيير، بل تمتلك واحداً من أكبر المخازن العلمية في الشتات.

وشارك في المؤتمر شخصيات بارزة من بينها البروفيسور حسين صادق‌بور من جامعة هارفارد، وجون بيركو الرئيس الأسبق لمجلس العموم البريطاني، وباتريك كينيدي، إضافة إلى صحافيين ومحللين دوليين. وقال الإعلامي الأمريكي غاي بِنْسُن إن «النساء الإيرانيات يعشن اليوم لحظة تاريخية ويقدن معركة الحرية والمساواة بشجاعة استثنائية»، في إشارة إلى الدور المركزي الذي لعبته النساء في التحركات الأخيرة داخل البلاد.

وبعيداً عن الخطب السياسية، حمل المؤتمر مجموعة من الرسائل الاستراتيجية المتقاطعة. فقد أكدت مداخلات عدة وجود «جاهزية اجتماعية» داخل المجتمع الإيراني، تعززها موجات الاحتجاجات التي كشفت استعداد قطاعات واسعة للانخراط في تغيير سياسي. كما شددت شخصيات أكاديمية ودبلوماسية على أهمية تلاقي شبكات الناشطين في الداخل مع شبكات الكفاءات والخبراء في الخارج، معتبرة أن هذا التلاقي قد يحول دون سيناريو الفراغ المؤسسي الذي شهدته تجارب انتقالية عديدة في المنطقة. ويعتقد المشاركون أن النظام الإيراني يعيش إحدى أضعف مراحله، نتيجة الضغوط الاقتصادية والعزلة السياسية وتراجع القدرة الأمنية، الأمر الذي يجعل «نافذة التغيير» أكثر واقعية مما كانت عليه في العقد الماضي. وتذهب العديد من المداخلات إلى أن السؤال لم يعد يتعلق بإمكانية التغيير، بل بكيفية إدارة مرحلة ما بعد التغيير، وضمان عدم الانزلاق نحو الفوضى، في ظل وجود بنية بشرية وعلمية قادرة على ملء الفراغ المحتمل.

وتقاطع المشاركون في ختام المؤتمر عند فكرة أن مؤشرات التحول داخل إيران—من تدهور اقتصادي وتوترات سياسية وتغيّر اجتماعي—تتشابك اليوم مع سياسات الضغط الدولي وتزايد حضور المعارضة المنظمة، إلى درجة تجعل تجاهلها غير واقعي. ومع نظام يعاني إرهاقاً عميقاً، ومجتمع أكثر جرأة في التعبير عن مطالبه، ومعارضة تمتلك شبكة واسعة من التنظيم في الداخل والخارج، خلص المؤتمر إلى أن مرحلة ما قبل التغيير قد تكون بلغت ذروتها، وأن النقاش الحقيقي بات يدور حول كيفية الاستفادة من اللحظة التاريخية، وليس حول ما إذا كانت هذه اللحظة ستأتي.

اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة 

أدانـت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء 19 نوفمبر 2025، الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان في إيران، في قرار حصل على 79 صوتًا مؤيدًا مقابل 28 معارضًا، مع امتناع عدد من الدول عن التصويت. ويعد القرار الجديد، وهو الثاني والسبعون من نوعه منذ الثمانينيات، من أبرز القرارات الأممية التي تُسلّط الضوء على اتساع الانتهاكات داخل إيران خلال العامين الأخيرين، وفي مقدمتها موجة الإعدامات المتصاعدة، وقمع الاحتجاجات، وتدمير الأدلة المتعلقة بجرائم الماضي.

وينتقد القرار بشدة الزيادة الكبيرة في عمليات الإعدام المسجلة خلال عام 2025، ويعرب عن "قلق عميق" من استخدام الإعدام كأداة سياسية لإسكات المعارضين والمشاركين في الاحتجاجات، خاصة من الشباب والنساء والقاصرين. كما يعيد القرار التأكيد على أن القمع العنيف للاحتجاجات، ولا سيما تلك التي بدأت في سبتمبر 2022، يشكل نمطاً ثابتاً لدى أجهزة النظام في مواجهة المطالب الشعبية، مع استمرار صدور أحكام إعدام مرتبطة بالمشاركة في المظاهرات.

ويتطرق القرار إلى ملفات "الإفلات من العقاب" التي تلاحق النظام الإيراني منذ عقود، ومنها حالات الاختفاء القسري والإعدامات خارج إطار القضاء وتدمير المقابر الجماعية. ويشير نص القرار إلى أن غياب المحاسبة على جرائم الماضي، خصوصاً مجزرة عام 1988 التي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين، يتيح استمرار الانتهاكات ذات الطابع المنهجي، ويشجع على تكرارها.

ورحبت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بالقرار الأممي، معتبرة أنه يعكس جانبًا من "الانتهاكات الواسعة والمتواصلة" داخل البلاد. وقالت إن تأكيد الأمم المتحدة على مجزرة 1988 وعلى التفشي غير المسبوق للإعدامات خلال الشهور الأخيرة، إضافة إلى مقتل الآلاف في انتفاضات أعوام 2009 و2017 و2019 و2022، يستوجب إحالة ملف النظام الإيراني بشكل عاجل إلى مجلس الأمن الدولي، بهدف تقديم قياداته إلى العدالة بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بل و"إبادة جماعية" وفق وصفها.

وبحسب بيانات المعارضة الإيرانية، تم إعدام ما لا يقل عن 1700 سجين منذ مطلع عام 2025، أي ما يقارب ضعف عدد الإعدامات خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وهو رقم تقول منظمات حقوقية إنه يعكس تصعيداً غير مسبوق في استخدام عقوبة الإعدام كأداة للضغط السياسي والسيطرة الأمنية.

وتعتبر رجوي أن الإفلات من العقاب على مدى 47 عامًا مكّن قيادة النظام من الاستمرار في نهج القمع، مشيرة إلى أن المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران كان قد وصف في تقريره الصادر في يوليو 2024 مجزرة 1988 بأنها "مثال واضح على الجريمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية"، مع التأكيد على أن المتورطين فيها، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، ما زالوا في مواقع رسمية عليا.

وأضافت رجوي أن النظام الحاكم في طهران "لا يمثل الشعب الإيراني" وأن بقاءه في المؤسسات الدولية "يمنح غطاءً غير مستحق لنظام يعتمد الإعدام والإرهاب وتصدير الأزمات". ودعت إلى طرد ممثلي النظام من الأمم المتحدة باعتبار ذلك "ضرورة للسلام العالمي"، في ظل استمرار الجرائم التي يرى ناشطون أنها تمثل تهديداً متصاعداً لحقوق الإنسان والأمن الإقليمي.

وأصدرت أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بياناً عقب التصويت الأممي أكدت فيه أن القرار يشكل رسالة واضحة للمجتمع الدولي بشأن ضرورة الانتقال من مرحلة الإدانة السياسية إلى خطوات أكثر صرامة في إطار القانون الدولي، معتبرة أن تجاهل الانتهاكات خلال العقود الماضية أسهم في توسعها وانتظامها، وأن إيقافها يتطلب آلية دولية للمساءلة وفتح ملفات الجرائم أمام المحاكم المختصة.

تقرير: ارتفاع معدلات انتحار الأطباء يكشف أزمة صامتة في النظام الطبي بإيران


تفكيك تسريب عبدالله الشريف: كيف تعمل ماكينة الإخوان الإعلامية لإشعال الفوضى؟


عاجل – انطلاق مؤتمر "إيران الحرة 2025" في واشنطن.. رؤية شاملة لإنهاء النظام الديني


الضربة الإسرائيلية على قطر: اختبار قاسٍ للتحالفات الأمنية التقليدية في الخليج