أنشطة وقضايا
القمع القضائي أرقام قياسية..
إيران تنفذ 344 حكم إعدام خلال أقل من شهر في تصعيد قضائي غير مسبوق
إيران توسّع استخدام الإعدام وسط صمت دولي مقلق
وصل عدد الإعدامات المنفذة في إيران منذ 22 نوفمبر وحتى 20 ديسمبر الجاري إلى 344 حالة إعدام، في رقم يُعد من الأعلى خلال فترة زمنية قصيرة، ما يعكس تصعيدًا واضحًا في اعتماد عقوبة الإعدام كأداة مركزية للترهيب السياسي والقمع الأمني. هذا الارتفاع الحاد لا يمكن قراءته بمعزل عن حالة الارتباك البنيوي التي يعيشها النظام الإيراني في ظل أزمات داخلية متفاقمة وضغوط اجتماعية واقتصادية متزايدة، حيث بات العنف القضائي وسيلة لتعويض تآكل السيطرة السياسية.
وفي أحدث هذه الوقائع، أقدمت السلطات الإيرانية يوم السبت 20 ديسمبر/كانون الأول على تنفيذ أحكام إعدام جديدة بحق عدد من السجناء، حيث جرى حتى الآن توثيق أسماء ثمانية منهم، فيما لا تزال عملية التدقيق جارية للكشف عن بقية الأسماء، ما يثير مخاوف جدية من أن يكون العدد الفعلي للضحايا أعلى من المعلن. وتؤكد وتيرة التنفيذ المتسارعة أن الإعدام لم يعد إجراءً قضائيًا استثنائيًا، بل سياسة دائمة لإدارة الخوف داخل المجتمع.
وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية في اليوم ذاته تنفيذ حكم الإعدام بحق عقيل كشاوز بتهم شملت «التجسس لصالح إسرائيل» و«التعاون الاستخباراتي» و«تصوير مواقع عسكرية وأمنية»، مشيرة إلى أن الحكم أُيِّد من المحكمة العليا. ووفق البيانات الرسمية، كان كشاوز طالبًا في كلية الهندسة المعمارية بجامعة شاهرود، وقد اعتُقل في مايو/أيار 2025 بمدينة أورمية، وكان يبلغ من العمر 27 عامًا عند تنفيذ الحكم، في قضية أثارت انتقادات حقوقية واسعة بسبب غياب الشفافية، والشكوك المحيطة بإجراءات التحقيق والمحاكمة، والاعتماد على اعترافات قسرية وفق إفادات منظمات حقوق الإنسان.
وشملت إعدامات يوم السبت سجناء آخرين نُفذت بحقهم الأحكام في سجون متفرقة داخل البلاد، من كرج وهمدان وأليغودرز وكرمانشاه وخرم آباد ونهاوند وأردبيل، في دلالة واضحة على الطابع الممنهج لهذه السياسة، التي لا تقتصر على إقليم أو سجن بعينه، بل تمتد على كامل الجغرافيا الإيرانية، بما يعزز فرضية استخدام الإعدام كأداة ردع جماعي ورسالة ترهيب موجهة إلى المجتمع بأسره.
كما تم توثيق تنفيذ أحكام إعدام بحق سبعة سجناء آخرين يوم الخميس 18 ديسمبر/كانون الأول في ملایر وبوكان وبجنورد وتايباد وكرمانشاه وقزوين، من بينهم شاب يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، إضافة إلى سجناء لم تُعلن أسماؤهم بشكل كامل، في نمط متكرر من التعتيم الإعلامي الرسمي الذي يرافق غالبية عمليات الإعدام ويحول دون المساءلة أو التحقق المستقل.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن عددًا كبيرًا من هذه القضايا يفتقر إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة، حيث يُحرم المتهمون من حق الدفاع الفعّال، وتُعقد الجلسات خلف أبواب مغلقة، وتُستخدم تهم فضفاضة ذات طابع أمني أو سياسي لتبرير أحكام الإعدام، في ظل غياب سلطة قضائية مستقلة وانعدام الرقابة الدولية.
وفي هذا السياق، جددت المقاومة الإيرانية دعوتها إلى الأمم المتحدة والهيئات الدولية المعنية والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء وجميع المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان للتحرك الفوري من أجل إنقاذ حياة آلاف السجناء المحكوم عليهم بالإعدام داخل إيران، محذرة من أن الصمت الدولي لم يعد موقفًا محايدًا، بل عاملًا مشجعًا على استمرار هذه الانتهاكات.
وأكدت المقاومة أن التقاعس في مواجهة ما وصفته بعرّاب الإعدام والإرهاب يمنح النظام الإيراني ضوءًا أخضر لمواصلة سياسات القتل الممنهج وتشديدها، معتبرة أن هذه الممارسات تعكس طبيعة سلطة دينية مغلقة تستخدم أدوات قمع تعود في جوهرها إلى عصور ما قبل الدولة الحديثة، وتتعارض بشكل صارخ مع التزامات إيران الدولية ومبادئ القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.