تطورات اقليمية

الضربات الأميركية تغيّر قواعد اللعبة..

من الفوضى إلى الردع: كيف أعاد ترامب ضبط أمن الملاحة في البحر الأحمر؟

واشنطن

شهدت الهجمات التي تنفذها مليشيات الحوثي على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن تراجعًا لافتًا منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في تحول يعكس تغيّرًا واضحًا في معادلة الردع الإقليمي بعد عام من التصعيد غير المسبوق.

وخلال عام 2025، انخفض عدد السفن التجارية التي تعرضت لهجمات حوثية إلى نحو خمس سفن فقط، مقارنة بنحو 110 سفن جرى استهدافها خلال عام 2024 في البحرين الأحمر والعربي، وفق معطيات متطابقة من مصادر أمنية وبحرية. ويعزو مراقبون هذا التراجع الحاد إلى النهج الأميركي الأكثر تشددًا الذي اتبعته إدارة ترامب منذ الأيام الأولى لعودته إلى السلطة.

فقد شنت الولايات المتحدة، على مدى 52 يومًا، موجة ضربات مكثفة استهدفت مواقع حوثية، قال ترامب إنها أجبرت الجماعة على “الاستسلام” أو على الأقل خفض مستوى المخاطرة في استهداف الملاحة الدولية. وخلال عملية الفارس الخشن التي نُفذت بين 15 مارس و5 مايو 2025، أعلن الحوثيون أنهم شنوا أكثر من 20 هجومًا بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد حاملتي الطائرات الأميركيتين ترومان و**فينسون**، غير أن الجانب الأميركي أكد عدم تسجيل أي أضرار فعلية في القطع البحرية التي كانت تشكل منصة لانطلاق الضربات ضد مواقع الجماعة المدعومة من إيران.

ورغم هذا التراجع العام، شهد عام 2025 عددًا محدودًا من الهجمات التي استهدفت سفنًا تجارية. ففي السادس من يوليو هاجمت مليشيات الحوثي السفينة “ماجيك سيز” قبالة سواحل محافظة الحديدة، وهي ناقلة تحمل نحو 17 ألف طن من نترات الأمونيوم وترفع العلم الليبيري وتعود ملكيتها لشركة يونانية. ووفق مصادر ملاحية، أرسلت الجماعة ثمانية زوارق، بينها أربعة زوارق مفخخة، قبل أن يتم إنقاذ طاقم السفينة بواسطة سفينة أخرى، ثم أقدم الحوثيون على تفجيرها وإغراقها شمال غرب جزيرة الزبير.

وفي اليوم التالي، تعرضت السفينة “إترنيتي سي” لهجوم مزدوج باستخدام زوارق مسيّرة وصواريخ باليستية أثناء إبحارها على بعد 49 ميلًا بحريًا جنوب غربي الحديدة، ما أجبر الطاقم على القفز في البحر. وأسفر الهجوم عن اختطاف 11 بحارًا من أصل 22، في حين جرى إنقاذ عشرة آخرين بعد بقائهم في المياه لأكثر من 24 ساعة.

كما أعلنت الجماعة في مطلع سبتمبر إطلاق صاروخ باليستي باتجاه الناقلة “سكارليت راي” المملوكة لشركة إسرائيلية وترفع علم ليبيريا، دون أن يصيبها، قبل أن تستهدف في اليوم التالي السفينة “MSC ABY” بطائرتين مسيرتين وصاروخ مجنح شمالي البحر الأحمر من دون تسجيل أضرار. وفي نهاية الشهر ذاته، تعرضت السفينة الهولندية “مينيرفاغراخت” لهجوم بصاروخ مجنح في خليج عدن، ما عرض طاقمها للخطر.

وتشير بيانات ملاحية إلى أن مليشيات الحوثي أطلقت منذ بدء هجماتها في نوفمبر 2023 أكثر من 228 صاروخًا وطائرة مسيّرة، مستهدفة ما يزيد على 115 سفينة تجارية، ما أدى إلى غرق خمس سفن ومقتل وإصابة عدد من البحارة. غير أن وتيرة هذه الهجمات شهدت انكسارًا واضحًا خلال 2025، في ظل عودة سياسة الردع الأميركي المباشر.

ويرى محللون أن ما حدث لا يعني انتهاء تهديد الحوثيين للملاحة الدولية، لكنه يؤكد أن تشديد الضغط العسكري قلّص قدرتهم على تنفيذ هجمات واسعة النطاق. وبحسب تقديرات أمنية، فإن البحر الأحمر لم يدخل مرحلة أمان كامل، لكنه بات أقل اضطرابًا مقارنة بالعام السابق، في ظل معادلة ردع جديدة فرضتها واشنطن مع عودة ترامب إلى الحكم.

كيف يقرأ الخبير الصحافي هاني مسهور النظام العالمي الجديد وصعود مشروع دولة الجنوب العربي


إسرائيل ترفع سقف التهديد: الصواريخ الباليستية الإيرانية تدخل دائرة “الخط الأحمر”


خيارات الحل في جنوب اليمن.. قراءة في المقاربة السعودية وحدودها


هل انتقلت السعودية من مواجهة إيران إلى ضبط الجنوب؟.. قراءة في خطاب «الرياض»