الاقتصاد

إغلاق واسع للأسواق في طهران..

حراك تجاري في قلب العاصمة الإيرانية وسط مخاوف من اتساع الاحتجاجات

قوات أمن إيرانية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

مع اقتراب العام 2025 من نهايته، دخل المشهد الإيراني مرحلة أكثر توترًا، حيث لم تعد مؤشرات الأزمة الاقتصادية محصورة في التقارير الرسمية أو تحذيرات الخبراء، بل انتقلت إلى قلب الشارع التجاري في العاصمة طهران. يوم الأحد 28 ديسمبر/كانون الأول 2025، وبالتزامن مع الانخفاض الحاد لقيمة الريال الإيراني ووصول سعر صرف الدولار إلى نحو 145 ألف تومان، شهدت الأسواق الرئيسية في طهران حراكًا احتجاجيًا واسعًا تمثل في إغلاق المتاجر وإضراب عدد كبير من التجار، في تطور يعكس عمق الأزمة وفقدان الثقة بالسياسات الاقتصادية للنظام.

تركزت التحركات في عدد من أهم المراكز التجارية، أبرزها مجمع علاء الدين، ومجمع تشارسو في شارع جمهوري، وسراي آهنكران في سوق طهران الكبير (البازار)، إضافة إلى مناطق جراغ برق وسوق شوش وزقاق بائعي الهواتف المحمولة في باكدشت. وأقدم التجار على إغلاق محالهم والنزول إلى الشوارع، في مشهد أعاد إلى الأذهان أدوار السوق التقليدية في لحظات التحول السياسي والاجتماعي في إيران. وردد المحتجون شعارات تعكس وحدة الموقف ورفض الإذلال الاقتصادي، من بينها «التاجر يموت ولا يقبل الذل»، و«لا تخافوا، نحن معًا»، و«ادعموا، ادعموا»، في دعوة مباشرة لتوسيع نطاق الإضراب وشل الحركة التجارية كأداة ضغط.

هذا الحراك لم يُقابل بالاستخفاف من قبل السلطات، إذ أعلنت قوات الحرس الثوري حالة التأهب القصوى بنسبة 100% في عموم طهران، في مؤشر واضح على خشية النظام من تحول الاحتجاجات الاقتصادية إلى موجة سياسية أوسع، خصوصًا في ظل تراكم الغضب الشعبي واتساع رقعة السخط الاجتماعي.

اللافت أن هذه التحركات جاءت متزامنة مع اعترافات غير مسبوقة في حدتها من داخل المنظومة الإعلامية والسياسية الرسمية. ففي 26 ديسمبر/كانون الأول 2025، نقل موقع «خبر أونلاين» الحكومي عن خبراء اقتصاديين مقربين من السلطة قولهم إن شرعية نظام الجمهورية الإسلامية وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية، مشيرين إلى أن الفساد بات متغلغلًا في مختلف مفاصل الدولة، من توزيع الوقود والعملات الأجنبية إلى قطاعات الصادرات والواردات، مع غياب شبه كامل للإحصاءات الموثوقة. وذهب التقرير إلى حد التأكيد على أن نحو 40% من إجمالي أصول الشبكة المصرفية الإيرانية أصول وهمية لا وجود حقيقي لها، ما يعني أن جزءًا كبيرًا من الاقتصاد قائم على أرقام غير واقعية.

وفي السياق ذاته، حذر حسين مرعشي، المساعد السابق لرئيس الجمهورية، من أن الاقتصاد الإيراني ظل طوال العقدين الماضيين رهينة للملف النووي، وأن معدلات التضخم التي بلغت 37% في نهاية عام 1403 (2024) قفزت إلى أكثر من 53%، مع توقعات بتجاوزها 55% قبل نهاية العام الجاري. وأشار مرعشي إلى أن أزمة تأمين المواد الغذائية تحمل في طياتها قابلية حقيقية لدفع الفئات الأشد فقرًا إلى الشوارع، مؤكدًا أن البلاد تواجه أزمة غير مسبوقة تهدد الاستقرار الاجتماعي بشكل مباشر، وفق ما نقلته صحيفة «سازندكي» التابعة للنظام في 12 ديسمبر/كانون الأول 2025.

في هذا المناخ المشحون، حيّت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، تجار طهران الذين خرجوا للاحتجاج، معتبرة أن ما تشهده البلاد من سقوط متسارع للعملة الوطنية، وتضخم متزايد، وركود اقتصادي غير مسبوق، إلى جانب التمييز والفساد الحكومي الممنهج، قد أرهق الغالبية العظمى من الشعب الإيراني. وأكدت أن هذه السياسات أوصلت المجتمع إلى حافة الانفجار، وأن السبيل الوحيد المتبقي أمام الإيرانيين هو مواصلة الاحتجاج والمقاومة في مواجهة منظومة لم تعد قادرة على تقديم حلول اقتصادية أو سياسية حقيقية.

بهذا المعنى، لا يمكن قراءة حراك تجار طهران بوصفه احتجاجًا معيشيًا عابرًا، بل كإشارة سياسية واقتصادية مركبة تعكس انتقال الأزمة من هوامش المجتمع إلى قلبه التجاري، وتؤكد أن الأسواق، التي طالما شكّلت ركيزة استقرار نسبي للنظام، باتت اليوم جزءًا من معادلة الضغط والتغيير في إيران.

القتل بالإيديولوجيا والاختراقات الداخلية: اليمن أمام تحديات مزدوجة


مجلس التعاون يدين تصريحات إيرانية ضد سيادة دول الخليج


الحوثيون يهددون باستهداف أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال


الإمارات تطالب بفتح الممرات الإنسانية وتوسيع نطاق الإغاثة في السودان