تطورات اقليمية
بصمات لا تُمحى في معركة تطهير الجنوب من الإرهاب..
بعد سنوات من العمل النوعي.. كيف أسست الإمارات مداميك الأمن القومي في الجنوب؟
انسحاب فرق إماراتية لمكافحة الإرهاب يعيد فتح ملف الأمن في جنوب
أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة إنهاء عمل ما تبقى من فرقها المختصة بمكافحة الإرهاب في اليمن، في خطوة وصفتها وزارة الدفاع الإماراتية بأنها تمت بمحض الإرادة وبما يضمن سلامة عناصرها، وبالتنسيق مع الشركاء المعنيين. القرار أعاد إلى الواجهة نقاشًا واسعًا حول انعكاساته المحتملة على المشهد الأمني، خصوصًا في المحافظات الجنوبية التي شكّلت خلال السنوات الماضية مسرحًا رئيسيًا لنشاط التنظيمات المتطرفة.
وخلال فترة وجودها، لعبت الإمارات دورًا محوريًا في دعم جهود مكافحة الإرهاب، وأسهمت في تحرير عدد من المدن اليمنية من سيطرة تنظيم القاعدة، وفي مقدمتها مدينة المكلا، إلى جانب دعم عمليات إعادة البناء وترسيخ الأمن، ما جعل تجربتها محل اهتمام محلي وإقليمي.
وفي تعليق على القرار، قال نائب الأمين العام لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، المهندس نزار هيثم، إن الوجود الإماراتي في ملف مكافحة الإرهاب لم يكن وجودًا عدديًا بقدر ما كان وجودًا نوعيًا قائمًا على الخبرة والتجربة الميدانية. وأوضح أن هذا النهج أسهم في تقليص الكلفة الأمنية والبشرية على القوات الجنوبية، التي كانت الطرف الأساسي في مواجهة التنظيمات المتطرفة على الأرض.
وأضاف هيثم أن الجنوب انتقل، بدعم إماراتي، من مرحلة المواجهة العشوائية إلى العمل المنظم، عبر بناء وحدات متخصصة وإدارة عمليات مركزية وتأهيل قيادات تمتلك فهمًا أمنيًا وفكريًا لطبيعة التنظيمات الإرهابية، سواء على مستوى العناصر أو القيادات، وهو ما أفضى إلى تأسيس قوات محلية منضبطة وفاعلة حققت نجاحات ملموسة خلال السنوات الماضية.
من جهته، اعتبر الكاتب الصحفي اليمني هاني مسهور أن التجربة الإماراتية في اليمن تمثل نقطة ارتكاز في مسار مكافحة الإرهاب، مستشهدًا بعملية تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة في أبريل 2016. وأوضح أن الإمارات تعاملت مع الواقع اليمني بواقعية، من خلال تنظيم المقاومة الشعبية وتحويلها تدريجيًا إلى أحزمة أمنية ثم إلى قوات جنوبية مدرّبة، قادرة على ملء الفراغ الأمني، مضيفًا أن هذه التجربة حققت نتائج ملموسة على الأرض دون كلفة إنسانية واسعة.
وفيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، حذّر مسهور من أن التهديدات الإرهابية لا تزال قائمة، مشيرًا إلى محاولات لحرف بوصلة الصراع بعيدًا عن مواجهة الحوثيين، باتجاه استهداف القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي. ولفت إلى وجود تحريض إعلامي وتكفيري، إلى جانب تحشيد سياسي وعسكري، ما يفرض على الجنوب الاستعداد لمختلف السيناريوهات.
بدوره، أكد نزار هيثم أن القوات الجنوبية باتت، بعد سنوات من التدريب والتأهيل، على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تهديدات، سواء من الحوثيين أو التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى أن معظم بؤر التهديد تتركز في المناطق الحدودية مع محافظات الشمال، مثل البيضاء ومأرب، وأطراف شبوة وحضرموت.
وفي سياق متصل، حمّلت الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الأربعاء، رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وحزب الإخوان المسلمين “الإصلاح”، المسؤولية الكاملة والمباشرة عمّا جرى في ميناء المكلا. جاء ذلك خلال اجتماعها الدوري في العاصمة عدن، برئاسة نائب رئيس الجمعية الوطنية عصام عبده علي، حيث ناقشت مستجدات الأوضاع في الجنوب، بما فيها حضرموت والمهرة، إلى جانب التطورات السياسية والأمنية المرتبطة بالقرارات الانفرادية الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
وقالت الهيئة في بيان إن ما جرى في ميناء المكلا يمثل مقامرة خطيرة بمصير البلاد لخدمة أجندات حزبية ضيقة، محمّلة العليمي ومن يقف خلفه الغطاء السياسي المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات أمنية أو اقتصادية أو إنسانية قد تترتب لاحقًا. وأضاف البيان أن الهيئة ترفض رفضًا قاطعًا القرارات الانفرادية الصادرة عن رئيس المجلس، مؤكدة عدم الاعتراف بأي قرارات تُتخذ خارج إطار الشراكة والتوافق، لافتقارها إلى السند الدستوري والسياسي.
وأكدت الهيئة أن إعلان الطوارئ وفرض الحظر على الجنوب قرارات لا تمثل مجلس القيادة الرئاسي ولا تُلزم الجنوب سياسيًا أو وطنيًا، كونها صادرة عن إرادة فردية بعيدة عن أي توافق رئاسي حقيقي. كما أعلنت تأييدها الكامل للبيان المشترك الصادر عن عدد من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الرافضين لتفرد العليمي بالقرار، معتبرة إياه وثيقة سياسية تكشف عزلته داخل المجلس.
وشددت الهيئة الإدارية على أن القضية الجنوبية قضية عادلة وغير قابلة للمساومة أو المقايضة السياسية، مؤكدة أن أي محاولات للالتفاف عليها أو فرض حلول تنتقص من حق شعب الجنوب في تقرير مصيره محكوم عليها بالفشل. وأكد البيان في الوقت ذاته أن الجنوب لا يكن أي عداء لدول الإقليم، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، مشيدًا بالدور المحوري الذي قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة في تثبيت الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب في حضرموت والجنوب عمومًا، واصفًا إياها بالحليف الاستراتيجي والشريك الأساسي في معركة الأمن.