أعمال باقية على مر الزمن
ذكرى وفاة فاتن حمامة
"لكل إنسان يا فاتن فكرته وسكته.. واخترتى أنتِ الطريق الصعب وصمدتى.. ولا فى ضجيج الأسواق المغرية بيعتي.. من البدء راسمة الهدف واضح وصممتى.. بلغتى أعلى القمم على الصخور سيرتى"، هكذا رثى الشاعر الراحل الكبير الخال عبد الرحمن الأبنودى، وجه القمر وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فى قصيدته عنها، هذه الفنانة العظيمة التى أثرت الحياة الفنية و الثقافية فى مصر، بأدوار ستظل محفورة أبد الدهر فى التاريخ، كانت التجسيد الحى الذى كان سببا فى نجاح الكثير من روايات وأعمال يوسف إدريس وطه حسين وإحسان عبد القدوس وغيرهم من الكتاب والروائيين الكبار.
ستظل أعمالها باقية تحيى ذكراها دائما على مر الزمن، لامتلاكها تاريخاً طويلاً من الإبداع الفنى والبصمات التى لن تسقط من ذاكرة السينما المصرية، فقد استطاعت فاتن حمامة بأدائها المبهر، أن تعبر بصدق عميق ونجاح منقطع النظير عن شخصية الفتاة والمرأة المصرية فى العديد من أعمالها مثل "صراع فى الوادى، لحن الخلود، موعد مع السعادة، أيامنا الحلوة، الأستاذة فاطمة، دعاء الكروان، نهر الحب بين الأطلال، إمبراطورية ميم، أفواه وأرانب، سيدة القصر، ليلة القبض على فاطمة".
عديد من الأعمال الاستثنائية جعلتها تحفر اسمها بأحرف من ذهب فى تاريخ السينما المصرية، وتحفظه فى ذاكرة المشاهدين، ولما لا؟! وقد عرفت باختيارها الدقيق لأدوارها ورفضها للأدوار التافهة المسيئة للفتاة والمرأة المصرية، فى الوقت الذى اتجهت فيه أفلام السينما لتصوير المرأة بشكل مغاير للحقيقة فإما تصور على أنها تافهة لا تهتم إلا لحياة الترف والنوادى وما إلى ذلك، أو لإظهار جسدها ومفاتنها ومطاردة الرجال لها كوسيلة لرفع إيرادات الأفلام مثلما فعل الكثيرين من أبناء جيلهاـ، لذلك إذا استرجعنا كامل أعمالها لن نجد بينهم على الإطلاق فيلما أو دوراً بلا قيمة قدمتها الفنانة فاتن حمامة، لذلك لقبت عن جدارة واستحقاق بـ"سيدة الشاشة العربية"، هذا اللقب الذى رافقها حتى موتها، وفى السطور القادمة سنتعرض باقة من أجمل أفلامها، و التى سجلت من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية:
1- الأستاذة فاطمة
جسدت فاتن شخصية فاطمة وهى فتاة من عائلة متوسطة وطالبة فى كلية الحقوق، تؤمن أن للنساء دورًا يوازى دور الرجال فى المجتمع، وتدور أحداث الفيلم عن فاطمة وعادل، جاران يدرسان معًا فى كلية الحقوق وتربطهما علاقة حب عبر نوافذ منازلهم المتقابلة.
يفتح كل منهما مكتب محاماة خاص به، لكن تفشل فاطمة؛ لعدم ايمان الزبائن بقدرة المرأة بالعمل كمحامية، ويتفوق عليها عادل لكونه رجل، وبالرغم من رفض عادل لعملها وعدم ايمانه بقدراتها، يطلب منها أن تدافع عنه بعد اتهامه بارتكاب جريمة قتل. تعتبر فاطمة إتهام عادل فرصة لتبثت نفسها كمحامية قادرة على مسك زمام الأمور.
2- صراع فى الوادي
جسدت فاتن شخصية آمال وهى شخصية مختلفة عن الصورة النمطية التى كانت النساء تمثلها فى الخمسينات فابنة الباشا فى هذا الفيلم، لم تكن تلك الابنة السطحية لرجل ثرى، بل كانت متعاطفة مع الفقراء والمسحوقين، حيث كانت تقوم بمساندتهم و الدفاع عنهم.
يروى الفيلم قصة أحمد، الذى يعود لقريته فى صعيد مصر، بعد تخرجه من الجامعة كمهندس زراعي. يحب أحمد ابنة باشا القرية “آمال” منذ الطفولة، إلا أن الباشا يرفض هذا الحب، ويتآمر مع ابن أخيه رياض على تدمير محاصيل أحمد، وإسناد تهمة القتل لصابر والد أحمد. تتطور الأحداث، وتسفك دماء فى سبيل وصول رياض الى قلب بنت عمه آمال المتعلق بأحمد.
3- دعاء الكروان
جسدت فاتن شخصية آمنة الفتاة الريفية المتمردة على العادات والتقاليد فى صعيد مصر، و هى شخصية معقدة من الناحية النفسية و تحمل وجوه متعددة، استوحيت قصة الفيلم من رواية الأديب العربى طه حسين، وحاز الفيلم على المرتبة السادسة من بين أفضل عشرة أفلام قدّمت فى تاريخ السينما المصريّة.
تدور القصة حول آمنة، التى يُقتل والدها نتيجة لعلاقاته غيرالمشروعة وهتك أعراض الناس. فيصر خالها على ترحيلهم من القرية للتخلص من كلام الناس. تعمل آمنة عند المأمور، وتعمل أختها هنادى عند مهندس الرى الأعزب وتقع فى حبه. تتطور الأمور بينهما ويقوم بالتعدى عليها، يصل خبر الاعتداء للخال فيأتى ويقتلها أمام آمنة، فتقرر آمنة الانتقام لأختها من ذلك المهندس. تعمل آمنة فى منزل المهندس لتنفذ خطتها.
4- إمبراطورية ميم
جسدت فاتن شخصية الأم منى العاملة والمسئولة أيضا عن عائلتها الكبيرة، فى ظل غياب الأب، وهى امرأة ذات عزيمة، فهى تتحمل مصاعب الحياة، لكنها تستمتع فى الحياة فى نفس الوقت وتقع فى الحب من جديد.
تعمل الأرملة منى مديرة فى وزارة التربية والتعليم وتتولى تربية أولادها الستة. تتعرف منى على رجل الأعمال أحمد الذى يعجب بها، ويعرض عليها الزواج. لكنها تقع فى حيرة بين التفرغ لتربية أبنائها وبين حبها لأحمد.
5- أريد حلاً
جسدت فاتن حمامة شخصية درية، المرأة التى تعانى لتحصل على الطلاق فى ظل قانون الأحوال الشخصية المجحف بحق المرأة، وتطالب طوال الفيلم بأن يساويها القانون فى المعاملة مع الرجل، وتسبب الفيلم بتغيير قانون الأحوال الشخصية، حيث قرر الرئيس السادات، وزوجته جيهان تغييـر قانون الأحوال الشخصية عام (١٩٨٧) بعد إجراء عدة تعديلات عليه وسمى بقانون "جيهـان".
تدور قصة هذا الفيلم حول درية التى تعمل مترجمة فى إحدى الصحف، تطلب الطلاق من زوجها الدبلوماسى مدحت٬ لكنه يرفض ذلك فتلجا للمحكمة الشرعية لرفع دعوى طلاق. تخوض درية معركة الطلاق بين ألاعيب زوجها وقوانين الأحوال الشخصية.