الانفجار الكبير رهن ضغطة على الزناد..
اليمن: تراشق الحوثي وصالح يتطور إلى مواجهة عسكرية
لم يستطع الحوثيون وحزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، التمادي أكثر في محاولة حجب خلافاتهما السياسية الحادّة وعودة العداوة التاريخية بينهما، حيث تطوّر تراشقهما الإعلامي، الأربعاء، إلى مواجهة بالرصاص في شوارع العاصمة صنعاء التي يشتركان في السيطرة عليها بقوّة السلاح.
ومثّلت هذه المواجهة إيذانا ببداية تفجّر التحالف الظرفي بين الحوثي وصالح، الأمر الذي سيكون له أعمق التأثير في مجهودهما الحربي المشترك وقدرتهما على الصمود بوجه التحالف العربي الذي يقود حربا ضدّهما بهدف إنهاء انقلابهما على السلطات الشرعية وإعادة الأمور في اليمن إلى نصابها الطبيعي.
وانطلقت مواجهات الأمس من جامع الصالح بمنطقة السبعين بالقسم الجنوبي من العاصمة اليمنية صنعاء حيث أهمّ المراكز التابعة لحزب صالح، وذلك حين حاول مسلّحون حوثيون اقتحام الجامع والاستيلاء عليه، استباقا لتظاهرة دينية وسياسية كبرى كان يجري الإعداد لها بمناسبة الاحتفال بالمولد النّبوي. إلاّ أنّ المواجهات لم تلبث أن امتدّت إلى مناطق أخرى تحت سيطرة قوات صالح وأنصاره في صنعاء.
وحاولت قوات الحوثيين، بحسب شهود عيان، بسط سيطرتها على محيط منزل نجل الرئيس السابق طارق محمد عبدالله صالح في شارع الجزائر.
ونُقل عن مصادر في حزب المؤتمر قولها إن قوات صالح نجحت في وقف زحف الحوثيين على مواضع سيطرتها وأحرقت عرباتهم وألقت القبض على عدد من مقاتليهم.
وصنّفت المصادر ذاتها العملية ضمن أوامر صدرت لميليشيات الحوثي بتنفيذ خطة إعادة انتشار عسكري في كافة الشوارع والمناطق المحيطة بميدان السبعين في صنعاء، الموطن الرئيسي لصالح في المدينة.
ووصف أحد مراسلي وكالات الأنباء الوضع الذي ساد عقب الاشتباكات في صنعاء بـ”الحذر جدّا”، قائلا إنّه “ينذر بانفجار أكبر مع أوّل طلقة من هذا الطرف أو ذاك حيث تسود صفوف قوات الطرفين حالة من العصبية الواضحة والاستنفار الشديد”.
ومن جهتها نقلت وكالة الأناضول عن سكان محليين وشهود عيان قولهم إنّ المواجهات استمرت بين الجانبين قرابة الساعة في الجهة الجنوبية من جامع الصالح، وفي منطقة ميدان السبعين، وتم سماع دوي إطلاق نار كثيف من رشاشات ثقيلة في منطقة الاشتباك ومحيطها. وأكّد أحد السكان سقوط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين دون أن يحدّد عددهم.
وحاول أحد المصادر الحوثية تبرير ما حدث بـ”تأمين الاحتفال بالمولد النبوي، الذي يقام الخميس، في ميدان السبعين المجاور لجامع الصالح، وأن مسألة السيطرة على الجامع لم تكن واردة وما حدث كان سوء تفاهم فقط”.
غير أنّ مصدرا في حزب صالح ذكّر بأنّ أحداثا مماثلة كانت جرت الصيف الماضي لدى تنظيم زعيم المؤتمر تجمّعا شعبيا في المدينة احتفالا بذكرى تأسيس الحزب، معتبرا أن الحوثيين يحاولون “قطع صالح عن الشارع وحرمانه من التواصل مع الجماهير”.
وجاءت اشتباكات الأربعاء على طرف نقيض من محتوى كلمة لعلي عبدالله صالح كان ألقاها الثلاثاء في ندوة ثقافية بصنعاء، وبدا من خلالها متودّدا للحوثيين وداعمتهم الأساسية إيران، ومثنيا على ما سمّاه “الوحدة الوطنية”، في إشارة إلى تحالفه مع الحوثيين.
ودعا صالح إيران إلى الدخول معه “في تحالف استراتيجي” ضدّ التحالف العربي.
وأثنى على المجلس السياسي الأعلى الذي يقوده صالح الصماد ويشترك فيه حزبه مع جماعة أنصارالله الحوثية، وقال إنّه سيؤدي دوره. أمّا الحكومة الموازية المعلنة في صنعاء تحت اسم “حكومة الإنقاذ” فقد اعتبرها “الحكومة الشرعية الوحيدة في البلد”.
وكان واضحا أن كلمة الرئيس السابق تحاول القفز على الخلافات العميقة مع الحوثيين، ومن أسبابها المباشرة الصراع على المناصب الحكومية، والذي مالت كفّته بشكل واضح لمصلحة الحوثيين، وهو ما يظهر بوضوح في شكوى الوزراء والمسؤولين المحسوبين على صالح بشكل مستمر من سلب سلطاتهم ومنعهم من ممارسة مهامهم من قبل ميليشيات الحوثي.
وسبق أن انتقد طه المتوكل وهو زعيم روحي حوثي في إحدى خطب الجمعة حكم صالح باعتباره “أياما سوداء” عاشها اليمن ودعا الحوثيين إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية ومصادرة أصول رجال الأعمال المتحالفين مع الرئيس السابق، فيما ألقى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي كلمة وجّه من خلالها هجوما لم يسبق له مثيل على المسؤولين الموالين لصالح. وقال “من لا يعي مفهوم التحالف والشراكة مأزوم لا يعرف إلا أن يكون خصما”.
ومن جانبه وصف حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح المقاتلين الموالين للحوثيين بأنهم “مرتزقة وتجار حروب”.
ولم تستبعد مصادر سياسية يمنية تحدّثت لـ”العرب” أن مواجهات الأربعاء في صنعاء جزء من خطة الحوثيين للإجهاز النهائي على علي عبدالله صالح بعد أن أصبح الطرف المستضعف بفقده أي حليف ممكن له في المنطقة، فيما الحوثيون يحظون بدعم إيراني سياسي وإعلامي ومالي.
وتعليقا على المواجهات بصنعاء، وصف محمد المسوري محامي علي عبدالله صالح في تغريدات عبر تويتر الحوثيين بأنّهم “أبشع الأعداء الذين يريدون أن يتخلّصوا منا”، قائلا “هؤلاء هم الشركاء. هم متعودون. وكلما خطر لأحدهم يرسل من يطلق النار على حراسة جامع الصالح أو بيت أحمد علي”، ومضيفا “لا تقلقوا هذه نيران عدوّة تعودنا عليها منذ سنوات. ولا تصدقوا أنها نيران صديقة”.