معطيات اللعبة
اليمن بين فرص السلام والحل العسكري
يواصل مبعوث الامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ جولته في عدد من العواصم الخليجية، ومدينتي صنعاء وعدن اليمنيتين، في مسعى منه للخروج بحل سلمي للازمة ووقف إطلاق النار بين الأطراف اليمنية .
وشكلت زيارة ولد الشيخ للعاصمة اليمنية الموقتة «عدن» أهمية خاصة، في ظل التقدم الذي تحققه الحكومة الشرعية سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
زيارة في ظل متغيرات دولية
وقال وكيل وزارة الاعلام اليمنية أيمن محمد ناصر ان زيارة المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ الى عدن تأتي ضمن جهود الامم المتحدة لإيجاد تسوية سياسية للحرب وفقا للمرجعيات الثلاث ( قرارات مجلس الامن وفي مقدمتها القرار 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني).
وربط وكيل وزارة الاعلام في حديث خاص لـ «إيلاف»، بين زيارة ولد الشيخ والتغيير الحاصل في الامم المتحدة في ظل الامين العام الجديد للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والذي حرص ان تكون بدايته فاعلة في حل الازمات التي فشل سلفه في حلها وفي إطار سعيه لإصلاح الامم المتحدة ، مشيرا الى ان امين عام الأمم المتحدة الجديد قد صرح بإصلاح البيت الداخلي للامم المتحدة، وفي اشارة واضحة الى احتمال استبدال بعض ممثليه حول العالم ممن لم يحققوا نتائج إيجابية في المهام التي كلفوا بها .
وأضاف ان زيارة ولد الشيخ تأتي ايضا تزامنا مع استلام الحزب الجمهوري مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الاميركية، موضحا ان لدى الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب وحزبه الجمهوري سياسة واستراتيجية مغايرة للرئيس اوباما وخاصة العلاقة مع السعودية وايران، وانعكاسات ذلك على الحرب في اليمن .
ترتيبات لقاء الاردن
وكشف وكيل وزارة الاعلام ايمن ناصر عن زيارة ولد الشيخ والتي تتضمن في المقام الاول اللقاء المرتقب عقده في الاردن بين الاطراف العسكرية اليمنية بشأن الرقابة على وقف اطلاق النار، قائلا ان اللقاء هو تقني وفني بحت ومخصص لوقف اطلاق النار وآلية تنفيذه ومراقبته .
وأضاف قائلا : "المبعوث الاممي سيتوجه لصنعاء بعد عدن واعتقد امامه مهمة صعبة وشاقة والبعض يتحدث عن مبادرة جديدة ، بينما هو يركّز على اجتماع الاردن بشأن وقف اطلاق النار، وللعلم الحكومة الشرعية سمت ممثليها في اجتماع الاردن وفي اللجان المشرفة على وقف اطلاق النار ، بينما الطرف الانقلابي رفض تسمية ممثليه ، وهذا يعطي مؤشرا انهم لا يريدون التوصل لحل سلمي للحرب ، غير آبهين بالدماء التي تهدر ولا يريدون حقن تلك الدماء".
تطورات لصالح الشرعية
ولفت ناصر الى ان زيارة ولد الشيخ تأتي في ظل تطورات جديدة لصالح الحكومة الشرعية ، قائلا :" وجود الرئيس هادي وحكومة رئيس الوزراء بن دغر في عدن التي تتعافى وتعيش استقرارا امنيا واقتصاديا ، وكانت قد نجحت الحكومة في نقل البنك المركزي لعدن وتشغيله ، وتسليم الرواتب لموظفي الدولة في كافة المحافظات اليمنية بما فيها المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين ، حتى ان ولد الشيخ نفسه اشاد بالاستقرار الامني في عدن والمناطق المحررة، وحث الجميع على توريد الايرادات الى بنك الحكومة الشرعية في عدن".
وأكد وكيل الاعلام ان جولة ولد الشيخ ولقاءه الفرقاء اليمنيين جاءت في ظل تحقيق الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية تقدما كبيرا في جبهة باب المندب وذوباب التي سقطت بيد المقاومة ، كما ان ميناء المخاء الاستراتيجي على البحر الاحمر بات قاب قوسين من سيطرة الحكومة الشرعية عليه، مضيفا أن قوات الحكومة تتقدم ايضا في الجبهة الشمالية، بتقدم الجيش ثمانية كيلو في شرق صنعاء، مؤكدا أن هذا التقدم العسكري سيلعب دورا كبيرا في تغيير سير المفاوضات، مع ان الحكومة لم تكن يوما طرفا معيقا للمفاوضات .
حراك سياسي
وقال السكرتير الصحافي في الرئاسة اليمنية مختار الرحبي ان زيارة المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ الى عدن تأتي في اطار الترتيبات والحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوم به هذه الايام ، وفي اطار زياراته المتعددة لعدد من العواصم الخليجية ، وأهمها الرياض والدوحة ومسقط، والتقى خلالها عددًا من المسؤولين الخليجيين مناقشا معهم الملف اليمني، مضيفا ان الزيارة تهدف الى احياء عملية السلام والعودة لطاولة المفاوضات والخيارات السلمية لحل الحرب .
وأكد الرحبي في تصريح خاص لـ «إيلاف» ان موقف الحكومة واضح ومعلن من المفاوضات، في انه لن يكون هناك تقدم وحل طالما لم يتم الاخذ بالمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية والقرار الاممي 2216 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، مطالبا بمبادرة جديدة لحل المشكلة اليمنية وفق الملاحظات التي تقدم بها الرئيس هادي ، محذرا من انه في حالة عدم استيعاب تلك الملاحظات لا يمكن الحديث عن حوار سياسي ، وبالتالي لابد من الضغط على الطرف الاخر لكي يقدم تنازلات ولكي يقبل بالمرجعيات في اطار الحوار .
وضع افضل للحكومة
وابدى السكرتير الصحافي في الرئاسة اليمنية ارتياحه لوضع الحكومة الشرعية ، وتغلبها على كثير من نقاط الضعف التي كانت في الماضي ، مشيرا الى ان الحكومة تتحرك الان بشكل افضل من خلال تواجدها ورئيسها احمد بن دغر في عدن ، وتواجد الرئيس هادي ايضا ، فيما يتردد نائب الرئيس علي محسن الاحمر على محافظة مأرب في الشمال ، التي يتواجد فيها نائب رئيس الوزراء بشكل دائم ، مضيفا ان الوضع العسكري يتحسن بشكل مستمر لصالح الحكومة الشرعية وخاصة في الجوف وصعدة وصرواح ونهم وتعز والساحل الغربي .
نسعى للسلام
وأضاف الرحبي مستدركا:" رغم ذلك التقدم السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تحققه الحكومة ، فانها تسعى للسلام والامن والاستقرار في كافة ربوع اليمن، بينما الانقلابيون هم من يعرقلون العملية السلمية، مع انهم يمرون بأوضاع صعبة ، ففي الجانب الاقتصادي هناك أزمة خانقة لديهم ، فرواتب موظفي الحكومة لم يدفعوها منذ اربعة اشهر، ووضعهم العسكري في تقهقر، واذا لم يقدموا تنازلات حقيقية من اجل احلال السلام فان الحل العسكري هو الحل المتاح للحسم من قبل الحكومة الشرعية والتحالف العربي".
معطيات اللعبة
يرى الكاتب والمحلل السياسي احمد الدثني ان فرص السلام لن تغلق أمام اليمنيين مهما اشتدت وتيرة الصراع والخصومة، واستبعد الدثني في حديث لـ «إيلاف» ان يكون الحسم العسكري هو الطريق الوحيد لإحلال السلام مهما بلغت نتائجه على الأرض ، مشيرا الى ان لكل شيء قيمته وثمنه يحددها مقدار الحاجة اليها وارتفاع الطلب عليها وهو ما يجعل ثمن السلام في اليمن غاليا ان لم يتحل أطراف الصراع بالمرونة في التعاطي مع الواقع والقدرة على خلق البدائل والشجاعة لتقديم التنازلات".
وأضاف قائلا:" تلك هي أهم معطيات اللعبة التي يدركها الخصوم جيدا وهي ما تجعل كل طرف يصر على استخدام القوة العسكرية بغية تغيير قيم طرفي المعادلة والفوز بعرض السلام بدلا من المطالبة به، وهذا ما يتلمسه ويترقبه المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ الذي يحاول استغلال التغيرات الميدانية وتوظيفها للتقريب بين الفرقاء اليمنيين، على الرغم من أن ولد الشيخ ينشط بشكل ملحوظ وباعث للشك والريبة كلما اشتد الخناق على قوات صالح والحوثيين".