زيادة الانشقاقات في صفوف الانقلابيين

الحوثي وصالح يواجهان غضب اليمنيين

القوات الجنوبية على شريط البحر الأحمر

حسن أنور (أبوظبي)

تتوالى انتصارات قوات الشرعية والمقاومة الوطنية على مختلف جبهات القتال على حساب تراجع وفرار الميليشيات الانقلابية على مختلف الجبهات، في وقت تتصاعد فيه مشاعر الغضب بين اليمنيين الذين باتت معاناتهم تفوق قدراتهم على المضي قدماً في تحمل تبعات الانقلاب الذي قام به الحوثي وصالح على الشرعية.

فقد شهدت جبهة نهم شرق العاصمة اليمنية صنعاء تقدماً نوعياً للجيش الوطني الذي تمكن بمساندة قوات التحالف العربي من السيطرة على عدد من الجبال الاستراتيجية من بينها حلبان ورفح ومنطقة الجروف وجبل دوة المطل على محافظة الجوف، وهو تطور يمكن أن يؤدي إلى التمهيد لالتقاء قوات الشرعية في الجوف مع الجيش الوطني في صنعاء، لتتحول إلى جبهة واحدة مفتوحة باتجاه العاصمة. ومعروف أن السلسلة الجبلية التي سيطر الجيش الوطني على معظمها تربط بين الجوف وصنعاء وعمران، المحافظات التي تمثل مركز الثقل الحوثي.

وشهدت المعارك التي شهدتها جبهة نهم على مدار الأيام القليلة الماضية فرار المئات من ميليشيات الحوثي وصالح من المواقع التي كانوا يسيطرون عليها مخلفين وراءهم كميات ضخمة من الأسلحة ومن بينها صواريخ إيرانية الصنع وأخرى حرارية.

وفي الإطار نفسه واصلت القوات اليمنية مدعومة بغطاء جوي من التحالف العربي تقدمها باتجاه ميناء «المخا» الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر غرب محافظة تعز، خاصة بعد التمكن من إحكام السيطرة على منطقة ذوباب، وباتت مسألة سقوط الميناء في أيدي الشرعية خلال الساعات المقبلة مسألة حتمية خاصة أن الميليشيات تواصل الفرار من مواقعها في ساحل المخا في ظل التقدم الكبير لقوات الشرعية المدعومة ببوارج وطائرات التحالف العربي التي شنت بالتزامن غارات على أهداف عسكرية للحوثيين في بلدتي «الوازعية ومقبنة» غرب محافظة تعز. ومعروف أن «المخا» كان يستخدمه الحوثيون في الحصول على شحنات الأسلحة المهربة، ويعد واحداً من ثلاثة منافذ بحرية رئيسة لا تزال تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية، ومن المؤكد أن سقوط المخا سيضيق الخناق على الميليشيات ويقطع أحد شرايين تزويدهم بالأسلحة التي تقوم إيران بتهريبها لهم.

وفي الوقت نفسه فإن تحرير المخا سيساهم في تحول المنطقة إلى نقطة انطلاق لاستكمال تحرير تعز وباب المندب.

وتسببت هذه الخسائر وغيرها على مختلف جبهات القتال إلى حدوث انشقاقات خطيرة في صفوف الانقلابيين، ولعل أبرزها انسحاب لواء كامل من قوات الحرس الجمهوري من جبهة نهم، وهو دليل واضح على أن المخلوع صالح قد فقد سيطرته علی العديد من قيادات الألوية التابعة لقوات الحرس، خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التي ينسحب فيها لواء من الحرس من مناطق القتال خلال الأسابيع الأخيرة. وتشير الانشقاقات المتزايدة لقيادات عسكرية في قوات المخلوع إلى شعور قوي لدى هذه القيادات بفداحة التداعيات الأخلاقية التي ترتبت عن تحالف صالح مع الحوثيين الذين تمادوا في إذلال القوات النظامية سواء في قوات الحرس أو الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.

وفي الوقت نفسه فإن قوات الحرس باتت تعاني من حالة استنزاف غير مسبوقة وعلى وجه الخصوص في جبهتي نهم والساحل الغربي، بعد أن غادرت معظم عناصر الميليشيا الحوثية تلك الجبهات وعادت للقتال في محافظة صعدة معقل الجماعة بعد الانتصارات المهمة التي تحققها قوات الشرعية في العديد من مناطق المحافظة.

وطبيعي وعلى ضوء الانهيار النفسي في صفوف قوات صالح، أن يعلن قادة عسكريين الانشقاق على المخلوع وانضمامهم للجيش الوطني وكان آخرهم قائد القوة الصاروخية في جبهة نهم، وكشفت أحاديث الملتحقين بالجيش الوطني عن حالة استياء متعاظم في صفوف قوات ضباط الجيش اليمني السابق الموالي لصالح بسبب ما يتعرضون له من إذلال من قبل عناصر الميليشيا الحوثية.

وبحسب مصادر خاصة تجري قيادة الجيش الوطني اتصالات مستمرة مع قيادات في الحرس الجمهوري والألوية العسكرية الأخرى للانضمام إلى صفوف الجيش الوطني، وهو الأمر الذي بدأت ملامحه تتضح مع كل تقدم يتم إحرازه باتجاه العاصمة صنعاء.

وفي الإطار نفسه تسود حالة من الغضب بين أنصار المخلوع صالح بسبب ما اعتبروه حالة إقصاء ممنهجة يتعرضون لها من قبل الحوثيين في مؤسسات الدولة حتى بعد الإعلان عما سمّيت بحكومة الإنقاذ الوطني، وهو الغضب الذي فاقم من عجز الانقلابيين عن دفع رواتب موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسلطتهم منذ شهور، حيث من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصاعد حالة الاضطراب السياسي في جبهة الانقلاب، والتحاق المزيد من السياسيين في صنعاء من غير العقائديين بالحكومة الشرعية في عدن ومأرب.

الانتقام من تعز

اعتاد متمردون الحوثيون وحليفهم صالح على الانتقام من سكان تعز لدى تعرضهم لخسائر كبيرة على مختلف جبهات القتال، ولم تكن الأيام الماضية بأفضل حال لهم من تقهقر قواتهم في المخا ونهم وغيرها من المناطق.. وقد قام الانقلابيون بمجزرة وحشية في تعز أدانتها مختلف الدوائر المحلية والإقليمية والدولية. فقد قتل وجرح العشرات عندما قامت الميليشيات الحوثية بقصف مدفعي وحشي على حي سكني في مدينة تعز. وقامت الميليشيات المتمردة بإطلاق قذائفها على حي النور السكني في شمال غرب مدينة تعز، مما أوقع العديد من القتلى والجرحى وعندما توقف القصف لدقائق تجمع عدد من اليمنيين لتفقد الجرحى الذين سقطوا نتيجة القصف الإجرامي غير أن الحوثيين قاموا بإطلاق قذائف أخرى تستهدف المدنيين الذين كانوا يسعفون المصابين ما أدى لسقوط عدد آخر من الضحايا.