القوات الجنوبية تفرض واقعا مختلفا
اليمن: جيش يحارب وأخر يخطط لما بعد الحرب
افرزت الحرب في اليمن وقائع كثيرة، خاصة في معسكر الشرعية التي تحاول استرداد مدن يمنية "احتلها الانقلابيون الموالون لإيران"، بدعم من عشر دولة عربية تقودها المملكة العربية السعودية.
تدخل الحرب التي افتعلها الحوثيون وقوات المخلوع صالح بدعم من طهران، في مارس (اذار) المقبل عامها الثالث، في حين لا تزال القوات الموالية للشرعية رابضة في صحراء مارب وميدي على عكس القوات الجنوبية التي استطاعت تحرير بلدات خارج حدود الدولة الجنوبية السابقة.
دخل الجنوبيون معركة مصيرية لا تخلوا من كونها معركة استنزاف لقواتهم، على عكس القوات الشمالية التي يتم اعدادها في مأرب اليمنية شرق صنعاء، والتي يتم تعزيز قوتها البشرية بشكل يومي مستغلين الدعم السخي الذي تقدمه الرياض للحلفاء الشرعيين في اليمن.
لماذا يقاتل الجنوبيون خارج حدود بلادهم؟
دخول القوات العسكرية الجنوبية في معركة مصيرية مع الانقلابيين في ذو باب والمخا حيث يوجد في الأخيرة ميناء ذا أهمية، لم تكن العملية العسكرية الأولى بل سبقها عملية الدفع بقوات جنوبية في بلدة البقع بصعدة في اقصى الشمال اليمني والمعقل الرئيس للمتمردين الحوثيين.
في صعدة نصب مقاتلون جنوبيون علم بلادهم (اليمن الجنوبي) فوق تلال البقع، للتأكيد على انهم جنوبيون من يقاتلون المتمردين الحوثيين وقوات المخلوع صالح في صعدة.
يعتقد الكثير من سكان الجنوب ان علم الدولة السابقة التي تعرضت لاجتياح عسكري، هو من جعل الناس تنخرط في معركة الدفاع عن الجنوب، ضد العدوان اليمني الذي تتزعمه جماعة الحوثي واتباع المخلوع صالح، عقب مرور ربع قرن على اجتياح عسكري سابق نفذ في منتصف تسعينات القرن الماضي.
رفع علم الجنوب في مناطق شمالية لا يعني بالمطلق احتلال مدن شمالية، كما تدعي وسائل إعلام شمالية، فالقوات الجنوبية تقاتل ضمن هدف استراتيجي لدول التحالف العربي، لكن هذه القوات لم تتخل عن حقها في استعادة دولتها السابقة، بدليل رفع علم الجنوب فوق العربات العسكرية والأطقم وفي مناطق السيطرة الجنوبية.
لماذا رفعت اعلام الجنوب والتحالف في المخا؟
رفع مقاتلون من القوات الجنوبية اعلان دولتهم واعلام دول التحالف العربي وابرزها السعودية دولة الإمارات العربية المتحدة في اعقاب اعلان السيطرة على المخا الساحلية.
وقالت المصادر لـ(اليوم الثامن)" إن مقاتلين رفعوا علام الجنوب واعلام السعودية والإمارات، لأول مرة في ميناء المخا اثناء السيطرة عليه وتحريره من ميليشيات العدوان الحوثية العفاشية".
وذكرت المصادر ان عملية تحرير المخا تمت بدعم جوي وبحري من التحالف العربي فيما تكفلت القوات الجنوبية تطهير المدينة والميناء ونزع الألغام بشكل كامل".
وقتل العشرات من عناصر الميليشيات خلال المعارك، وتستعد القوات الجنوبية التوغل صوب الخوخة.
قتال الجنوبيين في الشمال اليمني تأكيدا على انهم ماضون في الوقوف إلى جانب التحالف العربي وهدفه الاستراتيجي في التخلص من حلفاء إيران في المنطقة، لكن الهدف الاستراتيجي الجنوبي يظل قائما، ولا يمكن باي حال من الأحوال ان يفاوض الجنوبيون على مشروع قد يربطهم بصنعاء مرة أخرى بعد ان اثبتت عدائها للعرب، رغم الدعم الكبير.
يميز الجنوب انه يقع على شريط البحر العربي، وباب المندب والانتصارات التي تحققت مؤخرا في باب المندب وشريط البحر الأحمر اثبتت للعالم ان الجنوبيين قادرين على حماية المياه الإقليمية والدولية.
جيش يحارب وأخر يستعد
كشفت الحرب ان في اليمن جيشان الأول (جيش جنوبي) يحارب ويحقق انتصارات، وأخر جيش شمالي يستعد لما بعد الحرب.
مصادر عسكرية في مأرب قالت ان القوات الرابضة في المحافظة النفطية، تجهز لما بعد الحرب بعد ان تنهك جميع الأطراف ليسهل عليها السيطرة وفرض وقائع جديدة، قد لا تنسجم وتطلعات العرب في التخلص من لتمدد الإيراني.
وأكدت مصادر عسكرية في مأرب لـ(اليوم الثامن)" أن قوة عسكرية تابعة للجنرال علي محسن الأحمر تم الدفع بها نحو سيئون بحضرموت في محاولة للسيطرة على ابار النفط قبل أيام.
يعتقد الأحمر ان الانقلاب مهمة خليجية وان عليه الاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب، فالحوثيون والقوات التابعة لأخيه يغير الشقيق، هزيمتهم ليست في صالحة الهيمنة الزيدية والحلول السياسية قد ربما تحفظ للسياسة الزيدية هيمنتها.
مرحلة ما بعد الحرب هو ما يخطط له الأحمر، ونفط الجنوب وأولى اوليات الجنرال العجوز، طموحات يعتقد نائب الرئيس اليمني انه بإمكانه تحقيقها ولكن بجيش قوي وهو ما يعده في صحراء مأرب.
*القسم السياسي في صحيفة اليوم الثامن