الضغط على طهران حتى تكف عن الإرهاب..
الدور الإيراني في اليمن تحت مجهر مجلس الأمن الدولي
يلفت مشروع قرار معروض على مجلس الأمن الدولي، الانتباه مجدّدا للدور الإيراني في تأجيج النزاع المسلّح في اليمن من خلال مواصلة إمداد ميليشيا الحوثي بالسلاح، لا سيما الصواريخ الباليستية المستخدمة من قبلهم في القصف العشوائي الذي لا يوفّر مدنا وتجمّعات سكانية في داخل اليمن وأيضا داخل أراضي المملكة العربية السعودية المجاورة.
وتترسّخ قناعة لدى المجتمع الدولي، لاسيما القوى المهتمة بالملف اليمني، بأنّ من الصعوبة بمكان تحقيق أي اختراق باتجاه حلحلة هذا الملف في ظلّ الدور السلبي الذي تقوم به طهران وعملها التواصل على تشجيع الحوثيين وإسنادهم لوجستيا وسياسيا لمواصلة الصراع وعدم الاستجابة لمبادرات الحوار التي رعتها الأمم المتحدة دون جدوى.
وتتضمّن مسودة القرار رغبة كلّ من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا في أن يدين مجلس الأمن الدولي إيران بشكل صريح لمواصلتها إمداد جماعة الحوثي بالصواريخ الباليستية، وعدم التزامها باتخاذ أي إجراء لوقف انتهاك الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى اليمن.
ورحبت المملكة العربية السعودية، الأحد بمشروع القرار، معتبرة على لسان وزير الخارجية عادل الجبير أنّه إذا ما أقرّ سيساعد في محاسبة إيران على تصديرها للصواريخ الباليستية للحوثيين وعلى السلوك المتطرّف والعنيف الذي تسلكه في المنطقة بما في ذلك دعم جماعات إرهابية.
الرياض: ماضون في الضغط على طهران حتى تكف عن الإرهاب
تعهّدت المملكة العربية السعودية بمواصلة الضغط على إيران بهدف دفعها إلى تغيير سلوكها والعدول عن سياساتها التي تصفها الرياض بالداعمة للإرهاب والمهدّدة للأمن في الإقليم والعالم.
وجاء ذلك خلال كلمة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الأحد، في مؤتمر الأمن المنعقد بميونيخ في ألمانيا قال فيها إن إيران دربت العديد من الخلايا ونفذت عدة عمليات إرهابية حول العالم.
وذكّر الجبير في كلمته بأن إيران هي من قامت بتدريب وإدارة الخلية التي قامت بتفجير الأبراج في المملكة عام 1996، في إشارة إلى التفجير الإرهابي الذي استهدف في السنة المذكورة أبراجا سكنية لجنود أميركيين في منطقة الخُبر مخلّفا 19 قتيلا والعشرات من المصابين، وبيّنت التحقيقات لاحقا ضلوع المخابرات الإيرانية في تنفيذه.
وقال الوزير إن بلاده لم تنفذ أي اعتداء على أحد خلافا لإيران، مذكّرا في المقابل أنّ “النظام الإيراني حاول زعزعة استقرار سوريا والعراق واليمن ولبنان”، ومؤكّدا “إيران توفر أكثر من تسعين بالمئة من المتفجرات التي تستخدم في الاعتداءات”.
وقرن بين حالة عدم الاستقرار وما تشهده المنطقة من مشاكل بثورة الخميني عام 1979 والتي قلب فيها نظام حكم الشاه، وأسس “الجمهورية الإسلامية” الذي جاءت بطموحات واضحة للتمدّد في محيطها مجسّدة ذلك في شعار “تصدير الثورة” الذي ترفعه بشكل علني.
وتطرّق الجبير لمسألة علاقة إيران بتنظيم القاعدة مؤكّدا أنّها تؤوي عناصره وأنها وفّرت ملاذا لزعيمه أسامة بن لادن. كما طالب طهران بالالتزام بالقوانين الدولية والأعراف إذا أرادت أن يتم التعامل معها كدولة مثل سائر الدول.
وقال الجبير في حديث على هامش مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي “من أجل ضمان التزام إيران بالقانون الدولي يجب أن تكون لنا مواقف أكثر صرامة في ما يتعلق بالصواريخ الباليستية وفي ما يتعلق بدعم إيران للإرهاب”.
كما دعا إلى إدخال تغييرين في الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 مع إيران وهما إلغاء البند المتعلق بالقيود الزمنية في الاتفاق ومد عمليات التفتيش لتشمل المواقع غير المعلنة والمواقع العسكرية.
واعتمد مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي رسميا، تعيين البريطاني مارتن غريفيث مبعوثا أمميا إلى اليمن، خلفا للدبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وتتحّدث دوائر سياسية عن رغبة أممية في تنشيط جهود السلام المتوقّفة في اليمن، غير أنّ مراقبين يخفّضون من سقف التوقّعات بالنظر إلى وقوع الطرف الأساسي في الأزمة، جماعة الحوثي في دائرة التأثير الإيراني، فيما طهران لا تبدو صاحبة مصلحة في إنهاء الحرب باليمن ما سيعني خسارتها لورقة تستخدمها في الصراع على النفوذ بالمنطقة.
ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين قولهم إن مسودة قرار تجديد عقوبات الأمم المتحدة على اليمن لعام آخر ستسمح أيضا للمجلس المؤلف من 15 عضوا بفرض عقوبات ضد “أي نشاط له صلة باستخدام الصواريخ الباليستية في اليمن”.
وقال الدبلوماسيون إن بريطانيا أعدت مسودة القرار بالتشاور مع الولايات المتحدة وفرنسا قبل طرحها على المجلس بكامل أعضائه الجمعة.
ويفترض أن تجري الموافقة على مسودة القرار في السادس والعشرين من فبراير الجاري، إذا لم تتم مواجهتها بحق النقض (الفيتو) من قبل أحد الأعضاء القارين بمجلس الأمن، وتحديدا من قبل روسيا.
وتبدي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب اهتماما متزايدا بتحجيم دور إيران في محيطها الإقليمي وهو ما يستدعي بالنتيجة، حسب مراقبين، تحجيم الأذرع التابعة لطهران على غرار جماعة الحوثي في اليمن.
وقالت نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في مقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز “منذ التوقيع على الاتفاق النووي زاد دعم النظام الإيراني للميليشيات الخطيرة وجماعات الإرهاب بشكل ملحوظ. وبدأت صواريخها وأسلحتها المتطورة تظهر في مناطق الحرب في كل أنحاء الشرق الأوسط”.
وتجسّد الساحة اليمنية بوضوح ما ذهبت إليه السفيرة هيلي، إذ كثّفت جماعة الحوثي من استخدامها تلك الصواريخ في قصف مناطق يمنية وأخرى سعودية. وكان أخطر استخدام لها محاولة استهداف العاصمة السعودية الرياض.
وفي أحدث قصف باستخدام تلك الصواريخ، حاولت ميليشيا الحوثي الأحد استهداف مدينة المخا على الساحل الغربي لليمن بصاروخ لكنّ الدفاعات الجوية للتحالف العربي تصدّت له وأسقطته دون تسجيل خسائر مادية أو بشرية.