دعم الدوحة للإرهاب..

الإمارات تعيد الخلاف مع قطر إلى نصابه

منذ اليوم الأول للأزمة كانت الدعاية جزءا أساسيا من معالجتها

أبوظبي

الدوحة تحاول إزاحة أزمتها عن سياقها الأصلي إلى سياق قانوني وحقوقي، وإجراءات المقاطعة باقية رغم الحملة القطرية.

نفت دولة الإمارات العربية المتحدة، الخميس، اتهامات قطر لها باتخاذ إجراءات للتضييق على دخول أو إقامة المواطنين القطريين على الأراضي الإماراتية، متهمة الدوحة بتزييف الحقائق، ومذكّرة بالدور القطري في دعم التشدّد والإرهاب، وهو السبب في المقاطعة التي تفرضها أربع دول عربية، من ضمنها الإمارات، على قطر منذ يونيو من العام الماضي.
ويُنظر في منطقة الخليج والمنطقة العربية، إلى الاتهامات التي توجّهها قطر للدول المقاطعة لها، وبشكل رئيسي لدولة الإمارات، ونقل الدوحة للملف إلى منابر القضاء الدولي من خلال رفع دعوى ضدّ أبوظبي أمام محكمة العدل الدولية، كجزء من تكتيك قطري هدفه الأساسي، إثارة الضجيج حول مسألة المقاطعة، وإضفاء طابع النزاع الحقوقي عليها، للتغطية على أصل المشكلة المتمثّل في صراع عدد من دول المنطقة مع قطر حول دعمها للإرهاب، وسعي كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين بما اتخذته من إجراءات ضدّ الدوحة للتوقي من سياساتها وأنشطتها الخطرة على الأمن والاستقرار.
وبشأن حرص قطر على إفراد الإمارات باتهاماتها بشكل رئيسي، يرى المتابعون للملف أنّ الهدف من ذلك محاولة شقّ صفّ الدول الأربع، التي أبدت بعد مضي أكثر من عام على قرار المقاطعة، تماسكا في مواقفها وإصرارا على مطالبها من الدوحة بشأن تراجعها عن سياساتها الداعمة للإرهاب، كشرط ضروري لإنهاء المقاطعة وإعادة العلاقات مع قطر إلى سالف طبيعتها. ولا يغيب الهدف الدّعائي والإعلامي، بحسب المراقبين، عن خلفية حملة الاتهامات القطرية، إذ تتيح للدوحة الإبقاء على الأضواء مسلّطة على أزمتها، التي بدأ أمدها يطول وتوقّفت عمليا محاولات حلّها عن طريق الوساطات الإقليمية، أو استدراج قوى عالمية للضغط على دول المقاطعة وتفكيك موقفها الصلب من قطر وسياساتها.
وتضمّن بيان صدر الخميس عن وزارة الخارجية الإماراتية، نفيا قطعيا لاتخاذ الإمارات أي تدابير إدارية أو قانونية لإبعاد القطريين عن الدولة منذ صدور قرارها بقطع علاقاتها مع قطر دعما للقرارات الصادرة من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين.
حملة الاتهامات القطرية للإمارات تبقي الأضواء مسلطة على أزمة الدوحة التي طال أمدها وفشلت محاولات حلّها عبر الوساطات
ومما جاء في بيان الخارجية الإماراتية “منذ إصدار بيانها في الخامس من يونيو عام 2017 والذي اتخذت بموجبه دولة الإمارات عددا من الإجراءات تجاه دولة قطر لأسباب تتعلق بحماية الأمن الوطني، اشترطت دولة الإمارات على المواطنين القطريين خارج الدولة الحصول على تصريح مسبق للدخول إلى الدولة ويمكن أن يكون ذلك التصريح لمدة مؤقتة وفق تقدير السلطات بدولة الإمارات”.
وأكّدت الوزارة في بيانها على أنّ “مواطني قطر المقيمين بالفعل في دولة الإمارات العربية المتحدة لن يكونوا في حاجة إلى استخراج مثل هذا التصريح كي يستمروا في إقامتهم بالدولة لكن يُنصح المقيمون في الدولة والذين يخططون للسفر إلى الخارج بالحصول على تصريح مسبق بالعودة إلى الإمارات. ويتم طلب جميع التصاريح عن طريق الخط الساخن المعلن عنه بتاريخ 11 يونيو 2017”.
وأضافت “نتيجة للمزاعم الباطلة التي ساقتها دولة قطر ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الإمارات ترى أنه من الضروري التأكيد على السياسة التي اتبعتها منذ زمن بعيد تجاه مواطني دولة قطر حول الشروط المطبقة عليهم بخصوص دخولهم وإقامتهم في الدولة. فمنذ صدور قرار دولة الإمارات العربية المتحدة دعما للقرارات الصادرة من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين لم تتخذ الإمارات أي تدابير إدارية أو قانونية لإبعاد القطريين عن دولة الإمارات. كما لم تتخذ أي قرارات بإبعادهم بعد انتهاء مدة 14 يوما الواردة في إعلان 5 يونيو”.
وتضمن البيان تعبير الإمارات عن أسفها لـ”استمرار قطر في تزييف سياسات دولة الإمارات الخاصة بالشروط المطبقة لدخول وإقامة مواطني قطر”، وأكّد في ذات الوقت على “احترام دولة الإمارات وتقديرها الكاملين للشعب القطري”.
وقطع بيان الخارجية الإماراتية الطريق على محاولات قطر توظيف الاتهامات الموجّهة للإمارات لتغيير إجراءاتها في حماية استقرارها وأمن مواطنيها بالقول “في الوقت ذاته فإن دولة الإمارات تؤكد استمرارها في الإبقاء على التدابير التي اتخذتها ضد دولة قطر لمواجهة تهديداتها للسلامة الإقليمية وللشعب الإماراتي. كما تدعو دولة الإمارات قطر إلى احترام التزاماتها الدولية وأن تكف عن سياسة دعم ورعاية التنظيمات الإرهابية والأفراد التابعين لها وأن تكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار وأن تمتنع عن توفير منابر إعلامية أو دينية لدعاة التطرف في منصاتها الإعلامية التابعة لحكومة قطر أو المدعومة منها”.
وكانت قطر قد رفعت دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، في مدينة لاهاي الهولندية، تتهم فيها أبوظبي بارتكاب “انتهاكات حقوقية وإجراءات تمييزية” ضد مواطني قطر. وعقدت المحكمة ثلاث جلسات للنظر في القضية، بين 27 و29 يونيو الماضي، فيما يقول خبراء قانونيون إنّ الملف القطري يفتقر إلى الإثباتات والأدلّة، وأن عملية التقاضي سوف تطول دون ضمان الوصول إلى نتيجة محدّدة في نهايتها.
ورأى محللّون سياسيون أنّ قطر أمام مهمّة صعبة لإدانة دولة الإمارات والنيل من صورتها، نظرا للسمعة السيئة التي اكتسبتها الدوحة بدعمها للمتشدّدين الإسلاميين، بعكس السمعة العالمية لدولة الإمارات كقوّة للتوسّط والاعتدال ومقاومة التشدّد بكل صنوفه.