تحرير الحديدة..

قائد تهامي: تحرير الحديدة نهاية مليشيات الحوثي

قائد اللواء الأول تهامي العقيد ركن/ أحمد الكوكباني

خليل الزكري

يشكل تحرير الحديدة “الساحل الغربي” منعطفا خطيرا بالنسبة للمليشيا الحوثية وخطا مفصليا واستراتيجيا بالنسبة للحكومة الشرعية في مسار معركة استعادة الدولة والقضاء على المشروع الانقلابي، على الرغم من الضغوط الدولية الكبيرة إلا ان المعركة تمضي قدما في عمليات التحرير.

وتخوض غمار عمليات التحرير للساحل الغربي  قوات المقاومة التهامية الى جانب ألوية العمالقة وغيرها الكثير من القوات التي عززت جبهة الساحل للمشاركة في مسارات متعددة منها الهجومية والدفاعية والتأمينية والاقتحامية.

ومن الساحل الغربي ومن قلب عملية التحرير كان لنا هذا الحوار مع  قائد ألوية قوات المقاومة التهامية قائد اللواء الأول تهامي العقيد ركن/ أحمد الكوكباني الذي  تحدث فيه عن كثير من تفاصيل  معركة تحرير الساحل الغربي ومساراتها وطبيعة مسرح عملياتها العسكرية ودور المقاومة التهامية منذ لحظة التشكل حتى لحظات الخلاص الأخيرة  فإلى الحوار..

نبدأ الحوار معك من معركة تحرير الساحل الغربي.. حدثنا عن طبيعة ومسار هذه المعركة؟

– باتت اليوم معركة الساحل معركة شبه محسومة.. المعركة مع المليشيا الانقلابية بشكل عام معركة حرب عصابات لا يقاتلون قتال جيوش وهم في الساحل يخسرون أكثر لأنه منطقة مفتوحة ولا وجود للمرتفعات الجبلية التي تعود مقاتلو المليشيا التحصن والاحتماء بها لذلك تنهار صفوفهم ويتساقطون بشكل متسارع.

وبسقوط مدينة الحديدة ومينائها خلال الأيام المقبلة تكون المعركة مع الحوثيين انتهت، لأن اعتمادهم الكلي على ميناء الحديدة في الجانب الاقتصادي والتسليح بتهريب مختلف الأسلحة النوعية القادمة لهم من ايران، وباستعادة السيطرة على الميناء وسقوطها بيد الشرعية  سيحاصرون وستتناقص أعدادهم وقدراتهم وعتادهم القتالي بسبب انقطاع أهم شريان اقتصادي كانوا يستولون عليه وبالتالي سيكون تحرير الحديدة مفتتحا لتحرير صنعاء ونهاية المليشيا الانقلابية.

– من خلال قراءتك لمسرح عمليات تحرير الساحل الغربي وكيف حدث انجاز التوغل حتى مطار الحديدة في وقت قياسي؟

– كان هذا الانجاز الميداني في الساحل الغربي نتاج التدريب الجيد والتجهيزات العالية للمعدات العسكرية والتخطيط للمعركة بين مختلف القوات المشاركة في عمليات التحرير، كما كان للطيران دور رئيسي إضافة الى حالة الوهن التي تصيب قوات العدو بعد خسائرها في جبهة المخا والخوخة ومقتل كثير من القيادات، حيث ان عناصرها كانت تقاتل من غير قيادات، كما ان هناك قيادات للمليشيا كانت تهرب من أرض المعركة وتترك عناصرها بدون قيادة وهذا ما أضعف الروح المعنوية لديهم وفروا من الوهلة الأولى للمعركة.. فمن خلال المعارك التي خضناها مع العناصر الانقلابية كانوا في البداية يدافعون في الخطوط الأمامية وبمجرد سقوط أول نسق دفاعي لهم تنهار كامل قواتهم فمنهم من يولي الدبر ومنهم من يقتل ويجرح وآخرين يقعون في الأسر وهم كثر بعدها تسير قواتنا ومدرعاتنا بدون أي مواجهة.

– ما مدى التنسيق بين القوات المشاركة في عمليات تحرير الساحل الغربي؟

– التنسيق بين القوات المشتركة على مستوى عالٍ جدا وتوجد عمليات مشتركة تربط كل القوات في هذه العملية بضباط ارتباط مسؤولين عن التواصل والتنسيق وتحديد أماكن التأمين وأماكن الهجوم، والعمل على تفادي أي أخطاء قد تحدث.

– ما هو حجم الخسائر التي يتكبدها العدو خلال المعارك؟

– خسائر العدو هائلة، ومهما أخفى ذلك، فأعداد قتلاهم كثيرة جدا ابتداء من المخا والخوخة، وصولا الى المعارك الأخيرة والتي وصلت الى مشارف مدينة الحديدة.. فلا يوجد احصائية دقيقة لدي، لكن ما كان يتم دفنه من جثث قتلى المليشيا في الخوخة والحديدة عبر استخدام الجرافات تدل على ان الرقم كبير جدا، كذلك الأسرى هناك أعداد كبيرة منهم وقعوا في الأسر خلال المعارك، ففي معركة الخوخة وحدها فقط أسرنا أكثر من 150 مقاتلا وكذلك الحال في بقية المناطق التي تم تحريرها، انهم يتساقطون بالمئات لكن قياداتهم لا تأبه لذلك وتقدمهم وقوداً لمعاركها العبثية.

– من واقع خبرتك العسكرية.. كيف تقيم اليوم وضع المليشيا الحوثية شعبياً وعسكرياً؟

– في الواقع وعلى امتداد الساحل الغربي لا تمتلك المليشيا أي حاضنة شعبية، وهذا يعد واحدا من عوامل خساراتها.. عسكريا تمتلك المليشيا صواريخ نوعية منها الصواريخ الحرارية وصواريخ الكورنيت التي تأتيها طبعا من ايران، هذا السلاح النوعي الذي تستخدمه فقط، أما فيما يتعلق بصفوف مقاتليها فهي تعاني من نقص كبير في هذا الجانب بسبب عمليات الاستنزاف المتواصلة التي طالت عناصرها، وفي الأونة الاخيرة لجأت الى التحشيد من ذمار وصعدة وعمران وغيرها وبينهم الكثير من الأطفال وصغار السن وتدفع بهم الى المعارك دون أي تدريبات أو خبرات قتالية ليلقوا حتفهم كسابقيهم الذين كانوا أكثر خبرة منهم.. لذلك نكرر دائما ان سقوط الحديدة من يد المليشيا الحوثية هي نهاية لها، لأنه لم يعد لديها المزيد من المقاتلين لتدفع بهم، وأكبر دليل على ذلك ظهور حسن نصر الله وهو يعترف بإرساله مقاتلين الى اليمن نتيجة افتقار المليشيا الحوثية للمقاتلين.. وسوف تكون الحديدة مقبرة لعناصر حزب الله والمقاتلين الايرانيين الذين يقاتلون الى جانب المليشيا الحوثية.

– كيف استطعتم تسخير الحاضنة الشعبية لكم والمناهضة للمليشيا الحوثية في خدمة عملية التحرير للساحل الغربي؟

– تشكل الحاضنة الشعبية في كافة مناطق الساحل الغربي اسناداً معنوياً غير عادي للقوات المشتركة بشكل عام ولألوية القوات التهامية على وجه الخصوص.. كما انها كانت تشكل في كثير من المناطق دعماً غير عادي من ناحية المعلومات الاستخباراتية وعمليات الاستطلاع حيث يتم من خلال هذه الحاضنة تحديد نطاق انتشار وتركز العدو وكذلك أماكن تواجد أسلحته، فيتم استهدافها بعد التأكد من دقة المعلومات بسهولة.

يخوض الجيش الوطني معركة موازية وهي معركة الألغام التي تتفنن المليشيا الحوثية في تشكيلها وزراعتها في حقول عشوائية وغدت اليوم مشكلة مجتمعية تهدد حياة الالاف من المدنيين.. كيف تتعاملون مع هذا الخطر خصوصا في مناطق الساحل المفتوحة؟

– في بداية الأمر من خلال عمليات التقدم نقوم  بتأمين خطوط سير قواتنا، لكن بعد انجاز عمليات التحرير تقوم فرق هندسية بالتعامل مع حقول الألغام في المناطق المحررة، ومع ان المساحة واسعة ومفتوحة لا تزال الكثير من المناطق حتى الآن مزروعة بالألغام ونعمل على تحذير المواطنين من عدم الاقتراب اليها أو العبور خلالها حيث تنشغل في هذه الأثناء كافة الفرق في عمليات تأمين خطوط سير قواتنا لتفادي الصعوبات والعوائق في عمليات التقدم.. فالمليشيا الحوثية عملت على زرع كافة المناطق بأعداد مهولة من الألغام المختلفة والمتنوعة، ففي الخوخة فقط حتى اللحظة توصلنا الى نزع أكثر من 2000 لغم وعبوة ناسفة هذا الرقم من الألغام انتزعته المقاومة التهامية وحدها، فما بالك ببقية القوات، علماً ان الكثير من المناطق في الخوخة لم يتم تطهيرها من الألغام حتى الآن.

أظهرت المؤشرات الميدانية ان معركة تحرير الحديدة مفصلية وذات أهمية استراتيجية كبيرة ..برأيك لماذا تأخرت حتى الآن؟

– ربما يكون خطأ في التقديرات السياسية في مرحلة كانت مربكة، مع ذلك نحن طرحنا هذا الكلام في اولى لقاءاتنا بقيادات من دول التحالف العربي ان القضاء على الحوثيين لن يتم إلا بتحرير الحديدة، وذهبوا حينها لفتح جبهات في نهم وصرواح وغيرها وأضاعوا الكثير من الوقت والجهد والامكانات في الصحراء.. ولم يدركوا ان اسقاط صنعاء يأتي عبر اسقاط محافظة الحديدة وهذا ما يثبته التاريخ وليست المسألة اعتباطية.. فلو كانوا ركزوا على الحديدة لحسمت المعركة مع الانقلابيين مبكراً، ومعركة حصار السبعين يوماً مع الإماميين لخير شاهد.. لكن نقول ان تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي.

حدثنا عن دور الاسناد والدعم الذي تقدمه قوات التحالف العربي في الساحل الغربي؟

– تقدم قوات التحالف بشكل عام والقوات الاماراتية بشكل خاص في الساحل الغربي دعما غير محدود، فلو لا فضل هذا الدعم بعد الله لما تم تحقيق هذه الانتصارات، فالدعم المقدم في مختلف الجوانب عسكرياً ولوجستيا في عمليات اسعاف الجرحى.. اضافة الى عمليات الاسناد غير المحدودة من قبل المدرعات والطيران سلاح الجو الحاسم حيث يرافق القوات على مدار الـ24 الساعة يوميا خلال المعارك.. كما ان هناك قوات تشارك في العمليات القتالية في الجبهات من القوات الاماراتية والسودانية تحديدا وقدموا الشهداء جنا الى جنباً مع اخوانهم اليمنيين.

ما هي القضية الأبرز التي دفعت العقيد أحمد الكوكباني للتصدي ومواجهة المليشيا الانقلابية منذ الوهلة الأولى وكيف خضتم غمار هذه المواجهة؟

– كنت انتمي لجيش الجمهورية اليمنية ولما ادركت ان هذا الجيش لم يعد يؤدي مهمته الوطنية اتجهت لخدمة المواطنين وقضاياهم فترشحت وانتخبت للمجالس المحلية في الخوخة واستمريت أقدم من موقعي ما استطيع عليه بحسب امكانياتي الكثير من الخدمات للمواطنين ومتابعة قضاياهم العامة والخاصة، لكن منذ انقلاب مليشيا الحوثي وما رأيته بأم عيني كيف سلم الجيش -الذي كنت انتمي له يوماً- امره وسلم البلاد لهذه المليشيا دفعني هذا الوضع الى العودة الى صفوف الجيش من جديد وحمل السلاح دفاعا عن الوطن وبدأت في تشكيل مقاومة لهذه المليشيا في محافظة الحديدة بعشرين فرداً منذ الوهلة الأولى لاجتياحها قبل ان تأتي عاصفة الحزم بغاراتها الجوية التي استهدفت الانقلابيين.

تشكلنا في بداية الأمر خمسة عشر شخصا في مدينة الحديدة وخمسة اشخاص في مديرية الخوخة وبدأنا بتنفيذ عمليات بسيطة كان أبرزها تنفيذ عملية نوعية في حارة اليمن والتي قتل فيها الشخص المسؤول عن تصفية القشيبي في عمران ويدعى ابو طه، بعدها غادرت الحديدة الى خارج اليمن عبر عدن وعقدنا لقاءات مع قيادات عسكرية في قوات التحالف العربي وبعدها عدت الى الحديدة وتمكنا من ادخال بعض الأسلحة التي نحتاجها وبدأنا بتنفيذ عمليات نوعية كنت أقودها استهدفنا من خلالها نقاط المليشيا الانقلابية في الخوخة وبيت الفقيه وحيس وفي مدينة الحديدة، وبعد ان وقع الكثير من أفراد المجموعة في الأسر والذين كانوا يشكلون قيادات ميدانية لخلايا تنشط سراً في مواجهة المليشيا افتضح امرنا بعدها غادرت الحديدة، وسأروى لك قصة ظريفة ساعدتني على الخروج ومنعت من وقوعي في الأسر.. فبعد ان عرف اني القائد العسكري لهذه الخلايا وحدد مكان سكني رغم أني كنت أغير مكان سكني بشكل مستمر وفي اللحظة التي بدأت المليشيا في مداهمة الحي وحصاره وبدأت عملية البحث عني من بيت الى بيت في اللحظة نفسها دخل الحي شاب من ابناء الحديدة يستقل سيارة “سنتافي” يحمل نفس اسمي الأول مع اللقب أحمد الكوكباني وعند تفتيشه القوا القبض عليه معتقدين أنه أنا وتم الاعتداء عليه بوحشية وكسروا سيارته واقتادوه الى السجن في البحث الجنائي ورفع الحصار وتوقفت الحملة على الحي وبعد خمسة أيام تبين لهم ان الأمر فيه تشابه أسماء.. كانت هذه الخمسة الأيام كفيلة بأن تعطيني مساحة كافية للنجاة من قبضة المليشيا ومغادرة الحديدة مع أسرتي وتمكنت من سحب الكثير من الشباب من الخوخة الى عدن تهريبا.

-يعرف عنك أنك قائد معركة تحرير مديرية الخوخة.. حدثنا عن تفاصيل هذه المعركة وكيف بدأت.. حيث أنها تكتسب أهميتها من كونها أولى المديريات التي تم تحريرها في محافظة الحديدة؟

– بعد ان كلفت من قبل قوات التحالف العربي بأن أقود عملية تحرير مديرية الخوخة أعدينا العدة وكوني أحد ابناء مديرية الخوخة كان الدافع أكبر لعملية التحرير وبدأنا في تنفيذ المهمة حتى طلب منا التوقف لكن لم نستجب لأن داعي الأهل وانقاذ الناس من عبث وانتهاكات المليشيا كان أقوى، كما ان الفرصة كانت مهيئة لعملية التحرير الكامل حيث كانت قوات العدو منهكة تماما بعد معارك الخوخة فتمت عملية تحرير الخوخة بنجاح ولو كنا واصلنا حينها لكنا حررنا مديرية حيس لكن وقتها كنا نفتقر لقوات تؤمن المناطق المحررة، ففي هذه الحالة تحتاج الى قوات تهاجم وقوات تؤمن.

هل نستطيع القول ان عملية تحرير الخوخة كانت معركة لقوات المقاومة التهامية بامتياز؟

– صحيح.. معركة تحرير الخوخة كانت معركة للقوات التهامية بامتياز لأنها كانت تمثل لنا تحرير أولى مديريات محافظة الحديدة وتهامة بشكل عام وكان يجب ان يكون للمقاومة التهامية دور محوري في هذه المعركة.. حينها كان قد تشكل اللواء الأول واللواء الثاني ضمن قوات المقاومة التهامية بعد عودة القوات من عصب الارتيرية حيث كانت تتلقى التدريبات المكثفة هناك، وكلفت بقيادة المعركة وكانت الخطة تقتضي ان اللواء الثاني قوات تهامية يتحرك الى منطقة الهاملي لتحرير مرتفعات جبيلة هناك بموازات ذلك يتحرك الى منطقة الزهاري والسيطرة على الخط الاسفلتي حتى منطقة يختل وتسليمها لقوات هيثم قاسم طاهر وكان اللواء الأول قوات تهامية قد تحرك حسب التوقيت في خوض معركة تحرير الخوخة وكان الخط الدفاعي الأول للمليشيا الحوثية في منطقة يختل ومن هناك شكلنا أول رتل للهجوم وسقط أول نسق دفاعي للعدو في يختل في المنطقة الفاصلة بين المخا والخوخة وتقدمت قواتنا تحت غطاء ناري كثيف الأمر الذي تسبب بانهيار صفوف المليشيا الانقلابية واستطعنا اجتياز المناطق بسهولة حتى وصلنا في اليوم التالي الى منطقة موشج، وشارك معنا في معركة تحرير الخوخة الشيخ رائد بسرية فقط من الوية العمالقة وكانت هذه أول مشاركة لألوية العمالقة في مناطق الحديدة.

وكان الأمر الذي ساعد كثيرا في عملية تحرير الخوخة افتقار المليشيا الانقلابية للحاضنة الشعبية فيها إضافة الى ان الخوخة كانت النواة لتشكل المقاومة التهامية بأكثر من خمس مائة مقاتل، بعد الموشج جاءت توجيهات بالتوقف حتى ان المشاركين من قوات العمالقة عادوا للخلف استجابة للأوامر الا ان نداء الأهل كان أقوى واتخذنا القرار في القيادة الميدانية بمواصلة عمليات التحرير للخوخة كاملة واشعرنا القيادة العليا بالتحرك واستكمال العملية.

استكملنا العملية وكان معنا غطاء جوي لطيران التحالف العربي ولو كان معنا قوات اضافية تتولى عملية التأمين حينها حررنا مديريات حيس والتحيتا بالكامل حيث كانت قوات العدو منهارة بشكل كامل بعد السيطرة الكاملة على الخوخة. وهناك استقبلنا من قبل الأهالي استقبال منقطع النظير بالحفاوة والزغاريد.

– لم نفقد في المعركة غير خمسة شهداء فقط لكن في عملية التأمين فقدنا الكثير من الشهداء وذلك بسبب ان التأمين وصل بشكل متأخر واستطعنا ان ندافع ونؤمن بلوائين تهاميين يتجاوز عددهم الألفين ونيف مقاتل حينها لأنه تقتضي أي عملية عسكرية قوة تهاجم وقوة تؤمن لكن عودة المهاجم الى التأمين كانت عملية تفوق القدرات والطاقات مع ذلك استبسلنا في الدفاع عن الخوخة وساعد في ذلك وحدة القيادة فكان اللوائين تحت قيادة موحدة، صمدت أمام شراسة الهجمات التي كان يشنها العدو لاستعادة الخوخة بكل طاقاته وكان أكبر هجوم ما عرف بهجمة المُترات “الدراجات النارية” التي حشد العدو فيها المئات من مقاتليه وتم العامل معها والتصدي للعدو وبمساندة من أهالي الخوخة الذين حملوا سلاحهم لمواجهة المليشيا وبعدها تدخل الطيران وقتل العشرات منهم واسرنا عددا كبيرا بينهم الكثير من الأطفال.

– بعد معركة تحرير الخوخة ما الدور الذي لعبته القوات التهامية خصوصا في العمليات الاخيرة التي وصلت الى مطار الحديدة الدولي؟

– في معركة الحديدة.. للأسف الشديد خصص للقوات التهامية دور تأميني وبما ان التأمين ليس ثانوي لكن ليس بحجم حلم التهامي فحلم المقاتل التهامي ان يكون دوره تحريري وليس تأميني خصوصا وأنه ابن منطقته وفي أرضه لذلك اعطائنا الدور التأميني كان مضرا بنا أكثر مما هو مفيد، وكنا نتمنى من صناع القرار ان تكون الوية القوات التهامية في المقدمة، مع ذلك وعدنا ان تكون العملية تطويق حتى تأتي ساعة الهجوم ستكون الوية المقاومة التهامية في المقدمة.. ونأمل تحقيق هذا الوعد.

– يبرز في المشهد العام دور القوات الأخرى أكثر من القوات التهامية ما مرد ذلك برأيك؟

– في حياتنا نحن اليمنيين دائما ما يحتاج الناس الى “مطوف” أو وسيط، فالقوات الأخرى قياداتها مرتبطة ومتواجدة باستمرار مع قيادة التحالف فبوجود ارتباط مباشر لقواتها تكون متصدرة المشهد، أما نحن في القوات التهامية لا يوجد لدينا أحد عند القيادة الاماراتية بالتحديد في الميناء أو في مركز القيادة، مع ذلك نحن نتقبل.. فنحن أهل الأرض واكثر تحملا وصلابة وفي الأخير الكل يساعدنا في الوصول الى بيوتنا ولا ننكر جهودهم جميعاً، ألوية العمالقة أو القوات الأخرى المشاركة هم أخوة مشاركون ونشكرهم على أدوارهم ويقدمون التضحيات الكبيرة في عمليات التحرير.

يعتقد الكثير ان تهامة وابناءها يميلون أكثر الى السلام  لكن التاريخ عبر مراحله سجل لهذه المنطقة شواهد كثيرة لأشكال من المقاومة والثورية ولعل انتفاضة الزرانيق ضد الإمامة في القرن الماضي خير شاهد وما يعتمل اليوم من مقاومة تهامية للمليشيا الانقلابية بوجهها الإمامي الجديد القديم شكل حي للتهامي الثائر ضد الظلم والاستبداد.. فكيف قاومت تهامة المشروع الانقلابي.. حدثنا عن التشكل والبدايات لها؟

– تشكلت المقاومة التهامية في إطار الحراك التهامي وكان هذا الحراك وسيلة لاسترداد الحقوق وشعور المواطن التهامي انه مواطن يمني متساوي في الحقوق مع كل المواطنين.. بعيدا عن أي نزعات عنصرية أو مناطقية غير البحث عن المواطنة المتساوية.. حيث كانت التعيينات في المحافظة في المكاتب التنفيذية وغيرها تتم لغير ابناء المحافظة رغم ان الكثير منهم يحملون المؤهلات العليا هذا شكل فقط من التهميش الذي كانت تتعمده القيادة السياسية للدولة حينها، بعد انقلاب المليشيا ودخولهم الحديدة انتقل الحراك التهامي الى الحراك المسلح وكان تواجد الحوثيين في الحديدة غير مرغوب فيه، رغم محاولتهم التقرب من قيادات الحراك لتهيئة الناس والقبول بهم.

رفضت قيادات الحراك التهامي كل عروض المليشيا الانقلابية وإغراءاتهم بإشراك الحراك في إدارة شؤون المحافظة، وأعلنت القيادة التحول الى الشكل المسلح لمواجهة المشروع الانقلابي وكانت البدايات للمواجهة بالشكل الذي سبق الحديث عنه في الرد على سؤالك السابق حيث نفذنا عدة عمليات نوعية كانت أبرزها تلك التي حدثت في حارة اليمن وقتل فيها قائد مجموعتهم المدعو ابو طه المسؤول عن تصفية القشيبي في عمران.

– بعد مغادرتكم للحديدة هربا من المليشيا ماهي الاستراتيجية التي اتبعتموها لمواجهة المليشيا؟

كان علينا ان نرتبط بالتحالف العربي والتخطيط لعمل مسلح منظم ضد مليشيا الحوثي فكانت رحلتنا أنا والشيخ عبد الرحمن الحجري الى القاهرة للوصول الى المملكة وفي مصر وصلنا الى أحد المشائخ الذي كان على أساس وسيطاً لنا لدى التحالف لكن لم يتقبلوا وجودي لكوني أقف ضد المشيخة المتنفذة في تهامة خاصة.. لكني ظللت انتظر في القاهرة ومن ثم غادرت الى تركيا ومنها الى عدن مرة أخرى.

مع كل ذلك لم أيأس، ولم اترك باباً إلا وطرقته وكان الشباب المقاتلون موجودين على الأرض وكانت القيادة في الخارج وكلما كنا نخطط لتنفيذ عملية يطلب من القيادة العودة حتى استطاع الشيخ عبد الرحمن حجري التنسيق لنا مرة أخرى واستطعنا الدخول الى المملكة العربية السعودية وكانت فرصة لتمتلئ أرواحنا في بيت الله الحرام بالإيمان والمعنوية العالية.

بعد العودة من السعودية أمنت القيادة السياسية لنا مكانا للعمل وبدأ التخطيط للعمليات بعد ان وصل الدعم من التحالف خصوصا من المملكة العربية السعودية بالسلاح والعتاد الى الحديدة ارتفعت معنويات الشباب للبدء بتنفيذ عمليات نوعية باستخدام مختلف الاسلحة عملت على ارباك العدو في الحديدة وتوسعنا في المناطق الأخرى في حيس والخوخة وبعض المديريات، وكنا ننشط كخلايا سرية حتى وقع الكثير من شبابنا في الأسر من ضمنهم عدد من القيادات منهم أحمد غانم قائد اللواء الثاني مقاومة تهامية الذي أفرج عنه لاحقا وكذلك مراد شراعي والزيلعي وغيرهم الكثير لايزالون حتى اللحظة في سجون المليشيا الحوثية.. بعدها تلقيت التعليمات من القيادة السياسية بمغادرة الحديدة الى عدن.. وبدأنا معاناة البحث عن سكن لي وللشباب ونقل الشباب المقاتلين من الحديدة حيث كانت تكلف عملية نقل الفرد الواحد ما يقارب المئتين ألف ريال.. ورغم الأوضاع الآمنية حينها في عدن ساعدنا الكثير من الضباط الزملاء من عدن والضالع الذين التقيت بهم في عدن.

وكنت فور وصولي عدن قد ذهبت الى الشرعية، وعيدروس الزبيدي قبل ان يعين محافظا ووعدنا بالتدريب للأفراد وذهبت الى الأخوة السلفيين طلبا منهم الدعم والمساندة وكثير منهم كانوا متخوفين كوني ضابط سابق في الجيش من ان اكون عميلا لعفاش وما الى ذلك.

وتوفقت بفتح المجال لي مع اللواء أبو حمد من الاستخبارات السعودية والتعرف عليه عبر جمعية خيرية، هذا الرجل الذي لن انسى فضله على المقاومة التهامية في البداية، وبعد ان عجزنا عن ايجاد مكان تدريبي في عدن وأماكن إيواء للمقاتلين انتقلنا للمشاركة في عملية تحرير الجزر ومنها جزيرتي زقر وحنيش ومن هناك بدأنا في تشكيل القوة الرئيسية للمقاومة التهامية في نهاية العام 2015 واستمرينا في المعسكرات التدريبية لمدة سنتين بدعم واشراف مباشر من القوات الخاصة السعودية وكانت هذه المجموعة النواة الأولى للمقاومة التهامية التي تلقت تدريبا نوعيا وكانوا من أفضل المقاتلين التهاميين وسقط منهم الكثير من الشهداء وحرصت على ان اقبرهم جوار بيتي لشعوري بالقرب والانتماء لهم.

ففي بادئ الأمر وبعد سنتين من عمليات الإعداد والتدريب التي اعقبت معركة تحرير زقر وحنيش اسندت لنا مهام تفتيش السفن واعتراض السفن المشبوهة وغيرها من السفن التي تجنح في البحر بالقرب من الجزيرة.

بعد ذلك نزلت قوات اماراتية الى الجزيرة وكان وقتها يجري الترتيب والإعداد لعمليات عسكرية في الحديدة والتقينا بهم وتم اعتمادنا من ضمن القوات المشاركة في العمليات.. بعدها اذن لنا في التجنيد وبدأنا بتشكيل معسكر في عدن بدعم من الامارات وبعد ان شكلنا أول لواء من المقاومة التهامية انتقلنا الى الامارات للتدريب العسكري المكثف الذي تركز على اقتحام المدن.. ولذلك نحن نصر ان تكون القوات التهامية في مقدمة الصفوف في عمليات التحرير للحديدة لأن قواتنا مدربة على اقتحام المدن فيما غيرنا من القوات غير مجهز قد يخوض عمليات قتال تصادمية لكنه لا يمتلك خبرات كافية في اقتحام المدن وتجنيب المدنيين أي اضرار.

بعد العودة من زقر شاركت في قوة بسيطة مع هيثم قاسم طاهر في منطقة شعب الجن قبل تحرير ذو باب واستمريت بالمشاركة الى جانب قوات اللحجي والرائد حتى معركة تحرير المخا.. بعدها وصلت قواتي التي كانت تتلقى تدريبات مكثفة في عصب الارتيرية الى المخا حينها تشكل أول لواء للمقاومة التهامية وقبل أن تتشكل الوية العمالقة.

-قوات المقاومة التهامية.. وبما يوحيه الاسم هل هي تشكل لقوات مغلقة على منطقة تهامة فقط؟

عملنا خلال هذه الفترة على استقطاب شباب مجاهدين وشباب المقاومة وأصحاب قضية، الى القوات التهامية حيث يبلغ حاليا قوام القوات التهامية أكثر من ثلاثة آلالاف فرد فهي احتضنت الكثير من أبناء الساحل وكل من حب ان يلتحق بنا فهناك من ابناء المحافظات الجنوبية التحقوا بنا ومن محافظة تعز ونعمل بعيدا عن أي نزعة عنصرية أو مناطقية.

– بعد عقود من التهميش والحرمان بفعل السلطات السابقة ها هي تهامة اليوم تعبر عن نفسها بقوة كيف تنظرون لهذا المسار الجديد والى أي مدى يمكن ان يكون خلاقا في الإطار الوطني الجامع؟

– نحن نمضي بهذه المقاومة التي تم تشكيلها وأصبحت الآن أكثر قوة في مسار بناء وتشكيل اليمن الواحد بأقليمه السته ، ونحن نصر على الستة الاقاليم لأنها الشكل الوحيد والفرصة الوحيد سوف يتساوى فيها الجميع في الحقوق في السلطة والثروة على حد سواء.. كما انه الطريق والخيار الوحيد ليعيش اليمن أمنا مستقرا، كما اننا نجتهد في القضاء على النعرات العنصرية والمناطقية التي تسعى الى تدمير المشروع الوطني.

فنحن في المقاومة التهامية في كل مواقعنا نرفع شعار الجمهورية اليمنية ونقاتل تحت راية شرعية الجمهورية اليمنية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، أما غير ذلك فهو مقلق.

ما هو دور القيادة السياسية في دعم المقاومة التهامية وهل من تواصل مع القيادة العسكرية؟

– نحن نعرف امكانياتهم .. لذلك نقدر لهم تواصلهم المستمر بنا.. فدائما ما يتصل بنا الرئيس عبد ربه منصور هادي للاطمئنان على سير العمليات في الساحل الغربي ودور المقاومة التهامية ويقدم لنا الكثير من الموجهات والنصائح وكانت آخر نصائح له في عمليات تحرير المطار ونحن نعمل بها ونبلغ الأخوة في قيادات الجبهات للعمل بموجبها، فالأخ الرئيس يحرص على بناء جسور تواصل مع الجميع.. أما فيما يخص القيادة العسكرية في وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة فلا وجود لأي تواصل من أي شكل كان.

حققت قوات الجيش وكل أشكال المقاومة للمليشيا حتى اللحظة وفي وقت قياسي توازناً قوياً بل فاق قوى العدو الانقلابي في كثير جوانب هل بالإمكان البناء على ذلك في طريق استكمال بناء جيش وطني يحمي ما تحقق من مكتسبات وطنية حتى الآن؟

– نمضي في هذا الطريق في عملية استكمال بناء جيش وطني قوي في إطار الشرعية وبدعم من دول التحالف العربي، فالقوات الموجودة اليوم اكتسبت خبرات قتالية عالية خلال المعارك التي خاضتها مع مليشيا الانقلاب وبوجود التعاون بين الشرعية والتحالف سوف نتمكن من تحويل هذه القوات المرابطة في ميادين القتال في كل الجبهات الى جيش وطني، وهناك ميزة مهمة يمكن البناء عليها وهي ان كل من انتسب الى هذه القوات قاتل بكل مصداقية دون ان يكون هناك اطار رسمي للجيش، فما بالك عندما يكون هؤلاء المقاتلون الصادقون في اطار جيش وطني بقيادة موحدة يحمي اليمن.

نحن نسعى الى بناء جيش وطني قد نختلف مع الكثيرين الذين يعارضون ذلك.. لذلك يجب على القيادة السياسية ان تدعم ذلك واستغلال كل اشكال المقاومة اينما تواجدت لكي تتحول الى جيش وطني وتعمل على تجنب الأشكال والمشاريع المليشاوية المرتكزة على طائفة أو جهة بعينها، فنحن في المقاومة التهامية نشعر بالفخر كونها لم تقتصر في تشكلها على تهامة فقط ففيها الكثير من المناطق غير تهامة وفيها من كل الأطياف.. فكم اتمنى ان تكون كل أشكال المقاومة إطارا وطنيا يجمع كل الناس.

 

نبذة تعريفية للعقيد الكوكباني

– عقيد ركن/ أحمد علي أحمد الكوكباني

– متزوج وأب لخمسة أطفال ثلاثة إناث واثنين ذكور.

– من ابناء مديرية الخوخة

– خريج الكلية البحرية محافظة الحديدة وحاصل على الماجستير في العلوم العسكرية في مجال القرصنة وحماية السفن

– تنقل خلال فترة عمله في البحرية من قائد زوارق صغيرة الى متوسطة ومن ثم الى قائد سفن انزال حربية.

– عضو المجلس المحلي في مديرية الخوخة

– يشغل حاليا قائد قوات المقاومة التهامية قائد اللواء الأول مقاومة تهامية