العاصمة الجنوبية وتأثير الاجتياح الشمالي المتكرر..
عدن.. ماذا بعد أن أصبحت قرية؟
"سنبني سكة حديدة"، الوعود الذي أطلقه رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر ليتحول الى مادة ساخرة اثارت حالة من الاستياء لدى الناس في الجنوب، معبرين ان تلك الوعود ما هي الا تأكيدا على فشل الحكومة اليمنية في توفير ابسط مقومات الحياة البسيطة في عدن.
في العاصمة الجنوبية التي افشلت المشروع الإيراني في المنطقة كأول عاصمة عربية، اصبح اهاليها يفقدون كل شيء فالعاصمة تسير نحو كارثة، فلا حصل الموظفون على رواتبهم ولا توفرت الكهرباء والمشتقات النفطية، ولا تم اصلاح الطرقات والمجاري، فالحكومة لم يعد يهمها امر المواطن بقدر ما يهمها كيفية الحصول على نفوذ سياسي ومالي في الجنوب.
عدن سابقا
كانت عدن العاصمة الجنوبية سابقا مدينة عريقة عصرية كان من افضل مدن الشرق الأوسط لكن حروب صنعاء عليها حولتها الى قرية، كانت الحرب الأخيرة تأكيدا لحقد صنعاء على عدن.
يؤكد باحث عربي اقام في عدن" الوحدة دمرت الجنوب و(صالح) حول عدن إلى قرية ونهب كل شيء حتى الجبال".
وأمتدح الكاتب والسياسي العربي رشيد الخيون " شعب الجنوب الذي قال انه كان يتمتع بالنظام والقانون.. نافيا في الوقت ذاته إن يكون في الشمال اليمني دولة".
وسرد الخيون في مقابلة مع قناة روتانا خليجية, " طلعت في 79 وبقينا على تركيا وبقيت في بلغاريا ودرست في اقتصاد وفلسفة في مدارس حزبية (Schools partisan) تسعة شهور وبعدها أتاني الخيار اروح الجزائر او اليمن فكانت عندي فكرة عن عدن وقيادتها فأصررت على عدن ورحت على عدن ودخلت انا وزوجتي وأصدقاء اخرين وكان في 7/نوفمبر /1979م".
وأكد ان عدن لمن تدخل لها تتضايق من الجو من الحر, لكن بعد الستة الأشهر ترفض ان تخرج منها, وفعلا ما خرجت منها الا بعد الوحدة وبعد ما أتتني رسالة تهديد من جماعات مسلحة".
وذكر رشيد انه الفضل بعد الله لتطور عدن حينها يعود لبريطانيا التي احتلت عدن 1839م إلى 1967م كانت منظمة بشوارعها منظمة بأهلها في تقليد تعليمي تقليد مالي, فبريطانيا لم تحطم الدولة مثل الأمريكان ما حطمت العراق فبنوا وظلوا ملتزمين ،طبعا بعض الأخطاء المتعصبين من الثوار بالجنوب انه يلغى مسألة تدريس اللغة الانجليزية حتى أنني سمعت انه مستشفى الجمهورية كان اسمها مستشفى الملكة اليزابيت فالبريطانيون قالوا نتكفل بهذه المستشفى بشرط ان يبقى اسمها بمستشفى الملكة الزابيت, ولكن ما قبلوا من باب العناد, وظليت بعدن ومفاتيحها بيدي وبدون اي حواجز معهم وحياتي معهم وتعاطيت القات بحرية اجتماعية ولكن دكتاتوريا حزبية".
وقال " كان في تحضر في عدن, لا يوجد تحرش بالمرأة, كانت الناس على درجة عالية من التحضر, والرقي , وما في اي قيود بين المجتمع, لكن بعد الوحدة مع صنعاء صارت (......)".
وأكد " أن علي عبدالله صالح ما وافق على الوحدة إلا بعد ما شاف نفسه متمكن أما أكثر الدول المحيطة, بعد ما كانوا يريدون الوحدة لو ساعدوا عدن ان تبقى".. مضيفاً " صارت الوحدة وبعدين عدن أتحولت قرية, تصور جاؤوا واخذوا الجبال وبنوا عليها وبدلوا العملة الجنوبية من الدينار إلى الريال, وتوجت هذه بحرب 1994م كانت حرب دولة أزاحت دولة".
وقال السياسي العربي ان " الشاعر اليمني عبدالله البردوني تحدث عن حرب اجتياح عدن ووصفها بحرب احتلال, لأن هذه الوحدة كان ممكن ان تبني باليمن الجنوبي او اليمن الديمقراطية لانها تمتاز بمساحة كبيرة مساحة تمتد من باب المندب الى اقصى حضرموت فالمهرة الى مقابل عمان يسمى شريط ساحلي وعندهم ثروات سمكية هائلة وعندهم نفط بمحافظة شبوة كانوا يسموها المحافظة الرابعة".
وأضاف " كان ممكن اليمن الجنوبي تبتني يعني الجنوبيين سلموا دولة منظمة تقاليد موظفين بميزانية سلموها على طبق من ذهب للوحدة وتدمرت"..
وتابع" أنا التقيت بمسئول بعد الوحدة قال بعد أسبوع علي عبدالله صالح, ما قدرنا نشوفه".. مؤكدا ان الاعتكاف الذي قام به علي سالم البيض كان على حق, لكن المسئولين الجنوبيين كان بيدهم دولة هم سلموا دولة اليمن الجنوبي وأهانوها إهانة الكبيرة".
عدن عرفت بانها اقدم مدينة عربية عصرية توفرت فيها كل مقومات الحياة، لكن الوحدة اليمنية التي تلتها حرب الاجتياح الأول دمرت مقومات الدولة الجنوبية قبل ان تقضي الحرب الأخيرة على ما تبقى، لتأتي الحكومة اليمنية لاستكمال المرحلة الأخيرة في مشروع تدمير عدن.
في صبيحة الـ22 من مايو (أيار) 1990م وقف الرئيسان الجنوبي علي سالم البيض واليمني علي صالح في عدن لرفع علم الوحدة اليمنية التي تم توقيعها بصورة مفاجئة، رغم العراقيل التي زرعت في طريق تحقيقها منذ عهد الرئيسين سالم ربيع علي وعبدالرحمن الحمدي.
كان يوما مأسويا منذ دقيقته الأولى، كان الناس في عدن يحاولون الفرح لكن دون جدوى رغم ان هناك شيء من المستقبل المخيف الذي كان يخيل للبعض ممن عارضوا توقيع الوحدة اليمنية.
لم تكن الوحدة قصة هروب جنوبي من مشاكل اقتصادية كما يصورها البعض بل كانت تحت شعارات قومية عربية، لكن هذه القومية العربية دفع الجنوب ثمنها دول بكل مقدراتها الاقتصادية والبشرية.
فالرئيس البيض وقادة أخرون كانت لديهم شعارات قومية عربية، انطلاقا من مشروع الزعيم العربي الأخر جمال عبدالناصر الذي توحد مع سوريا.
وكان الزعماء العرب – البيض أحدهم- يسعون إلى وحدة عربية، تجعل العرب أقوياء في مواجهة الأعداء لهم، لكن الوحدة السورية، فشلت،
فشلت الوحدة اليمنية مثل ما فشلت الوحدة السورية المصرية، ربما انقلاب صنعاء على عدن قد حول الوحدة إلى كارثة على عدن.
"سوف احول عدن إلى قرية" هدد صالح خصمه البيض كثيراً حاول اغتياله، بعد ان اغتال اكثر من 150 من معاونيه.
اقام الرئيس البيض في قصر بصنعاء زرع صالح في جنباته أجهزة تنصت " انهم يتنصتون علينا" هكذا قال البيض لمحمد علي أحمد.
"لم تكن عملية تدمير عدن وليدة حرب العدوان اليمني الأولى في منتصف تسعينات القرن الماضي, بل هي ممارسات سبقت هذا التاريخ بسنوات, لكن السنوات التي تلت الاحتلال اليمني كان التدمير فيها بشكل ممنهج ومدروس, فعقب انقلاب نظام العربية اليمنية على مشروع الوحدة السلمي وتصفية الكوادر الجنوبية وصولا إلى اجتياح الجنوب إثر فتوى التكفير الشهيرة, ظهر الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح منتشياً بالانتصار المزعوم وتعهد بأنه سيحول أقدم عاصمة في الجزيرة العربية إلى "قرية".
شن الشماليون حربا أخرى في العام 2015م، لتدمر تلك الحرب العدوانية كل مقومات الحياة في عدن، ناهيك انها قد قضت على الأرض والانسان الجنوبي، وحين تحررت عدن ظن أهلها انهم قد نفضوا غبار التدمير عنها، لكن شيء من ذلك لم يحصل، فقد عادت الحكومة اليمنية لتمارس نفس ما كانت تمارسه ابان حكم صالح ضد عدن، فالشخوص هي لم تتغير، وعدن تدمر، وانقاذها مهملة تبدو مستحيلة في ظل تكاتف الأعداء في النيل من هذه المدينة.
فمع وقع تظاهرات غاضبة في عدن، ذهبت الحكومة اليمنية الى اطلاق وعود لم تلق الا السخرية من المواطن في عدن، فبدلا من ان تذهب لمعالجة قضايا الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية وتستجيب لمطالب الناس، ذهبت الى اطلاق وعود بانها سوف تبني سكة حديدة للتنقل بين الشمال والجنوب، الامر الذي جعل الكثير من السياسيين الى تفسير تصريحات بن دغر الى انها رسالة مبطنة للجنوبيين بان الوحدة باقية، وان السكة الحديدية ما هي الا جزء من مشروع الحفاظ على الوحدة اليمنية.
تظاهرات فعدن تسير نحو الهاوية، في ظل الحديث عن عدم وجود ميزانية للمدينة، وإصرار الحكومة على افشال الجهود الجنوبية، وسط حديث عن اعتزام بعض القوى الشمالية إعادة ارسال قوات شمالية إلى الجنوب، الامر الذي قد يولد حرب أخرى على الجنوب، ما يعني تزايد معاناة الناس.