زعامة اليمن أو زعامة المؤتمر..
من أجل ماذا يناور الرئيس عبدربه منصور هادي في اليمن؟
يواصل عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام في الخارج اجتماعاتهم في العاصمة المصرية القاهرة، لتجاوز العثرات التي تعتري اختيار قيادة جديدة للحزب، ومحاولة إثناء الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي عن إصراره على قيادة المؤتمر، وسط رغبة ملحة في توحيد قيادات الخارج لمواجهة مخطط الحوثيين الساعي لتهميش دور الحزب في الحياة السياسية باليمن.
وعلمت “العرب” أن المفاوضات بدأت قبل أيام بين قيادات تقيم في كل من القاهرة والرياض للاتفاق على تصعيد قيادة جديدة للحزب، للتوصل إلى حل وسط يوقف التصدع الذي يعاني منه، وهو ما يتوقف على مقدار مرونة هادي في مسألة رئاسة الحزب.
ويصل أبوبكر القربي الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر إلى القاهرة قادما من لندن غدا الثلاثاء، للمشاركة في الاجتماعات وأملا في الحصول على تأييد قيادات الحزب بالخارج للرئيس هادي.
وكشفت مصادر يمنية لـ”العرب”، أن مؤيدي هادي في اجتماعات القاهرة، أكدوا اعتراضه على عدم الأخذ بشرعيته كنائب لرئيس الحزب، وشددوا على عدم ترحيبه بإنهاء العقوبات الأممية على السفير أحمد علي، نجل زعيم الحزب الراحل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الأمر الذي سيعقّد مهمة القربي، وربما يؤدي إلى تأجيلها.
وبدأت في القاهرة اجتماعات لقيادات حزب المؤتمر أخيرا بحضور رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر والشيخ عبدالغني جميل وزير الدولة وأمين عام العاصمة ونائب رئيس هيئة الأركان اليمنية، كممثلين عن منصور هادي، وعدد من قيادات الحزب المقيمة في كل من الرياض والقاهرة والموالين لجناح الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
ويشارك في الاجتماعات الشيخ سلطان البركاني الأمين العام المساعد للحزب ومحمد بن ناجي الشايف عضو اللجنة العامة، كوسيط بين الطرفين في محاولة لتقريب المسافات بينهما، بعدما أخفق اللقاء الذي عقده هادي في القاهرة، مطلع أغسطس الجاري، مع عدد من قيادات الحزب في التوصل لتفاهمات سياسية، بل وصلته منه رسائل سلبية بشأن رفض قيادته للحزب في المرحلة المقبلة.
وتعكس السرية التي تخيّم على اجتماعات القاهرة رغبة في تخفيض مقدار الضجيج الإعلامي حولها وتجنّب إثارة المزيد من الخلافات في صفوف المؤتمريين.
واعتذر الشيخ سلطان البركاني عن عدم الإفصاح عما وصلت إليه الاجتماعات، ورفض الإدلاء بتصريحات. وقال لـ”العرب”، “أقوم بدور الوسيط بين الأطراف المختلفة، ولا يجب الحديث لوسائل الإعلام الآن”.
وقال محمد المسوري محامي الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وأحد قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، لـ”العرب”، “اللقاءات تستهدف أن يكون لحزب المؤتمر من يمثله خارجيا في أعماله ولقاءاته، لحين انتخاب قيادات جديدة، وهو مطلب يسعى إليه الجميع كي يكون هناك حضور إقليمي للحزب عندما يحين وقت التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة اليمنية سياسيا”.
وأكدت مصادر يمنية لـ”العرب” أن مفاوضات القاهرة تركز على ثلاث نقاط رئيسية؛ الأولى مستقبل الرئيس هادي في الحزب، و”تعترف قيادات حزب المؤتمر في القاهرة بشرعيته كرئيس للجمهورية وليس رئيسا للحزب وتتعامل معه على أنه أحد أعضاء المؤتمر”، والثانية رفع العقوبات عن السفير أحمد عبدالله صالح، والثالثة الوصول إلى توافق عام على قيادة جماعية من اللجنة العامة للحزب لإدارة شؤونه في المرحلة المقبلة لحين عقد الانتخابات واختيار رئيس للحزب.
وحسب مصادر شاركت في الاجتماعات، يرتكن الطرفان على لائحة الحزب في ما يتعلق بإدارة شؤونه، وتوصّلا إلى قيام اللجنة العامّة المكونة من سبعين عضوا، وتمثل قيادة الحزب الجماعية بوضع مشروع مرحلي لإدارته، ويُكلّف أمناء العموم المساعدون، كل في موقعه، بإدارة شؤون الحزب الإدارية، لحين التمكن من تنظيم الانتخابات، عقب إنهاء سيطرة الحوثي على صنعاء.
وأضافت المصادر ذاتها لـ”العرب”، أن بن دغر رحب بتلك المقترحات، وطالب بمنح فرصة لعرضها على هادي، ويتوقع أن يوافق في النهاية على هذا الطرح، مقابل الحصول على دعم جميع قيادات الحزب في الخارج له كرئيس للدولة.
غير أن يحيى أبوحاتم، أحد أعضاء حزب المؤتمر الموالين للرئيس الانتقالي، شدّد على أنه “لا تراجع عن التعامل مع هادي، باعتباره نائبا لحزب المؤتمر الشعبي والقيادة العليا به، لحين عقد اجتماعات اللجنة العامة واللجان الدائمة والتحضير إلى الانتخابات”.
وأشار في تصريحات لـ”العرب” إلى أن اجتماعات القاهرة تتواصل الأيام المقبلة للاتفاق على موعد إجراء انتخابات اللجنة العامة واللجان الدائمة من أعضاء الحزب المتواجدين في الخارج، وأن قيادات الحزب الموالين للرئيس اليمني يرفضون الارتكان إلى اللجنة العامة الحالية، لأن “بعض أعضائها يخضعون لسيطرة ميليشيا الحوثي في صنعاء”.
وتعبّر تصريحات أبوحاتم، وهو يشغل أيضا منصب مستشار لوزير الدفاع اليمني، عن جوهر الخلاف بين الطرفين، لكن جهات فاعلة على رأس قيادة حزب المؤتمر بالقاهرة ترى أن الرئيس اليمني “يدرك جيدا أنه ليس له شعبية قوية داخل الحزب ومن مصلحته التخلي عن المطامح الحزبية لصالح إدارة الدولة”.
ويرى بعض المتابعين أن اشتراك جميع الأطراف في مواجهة مساعي ميليشيا الحوثي للسيطرة على المؤتمر الشعبي العام سيكون حاسما في التوصل لاتفاق بشأن قيادة الحزب.
كما أن تراجع قيادات القاهرة عن الاعتراف بشرعية صالح أبوراس الذي صعّدته ميليشيا الحوثي ليكون رئيسا للحزب، أحد المحاور التي تشكل نقطة اتفاق بين الطرفين المتخاصمين.
وأكد أحد القيادات البارزة في حزب المؤتمر بالقاهرة، طالبا عدم ذكر اسمه، أن هناك قرارات عامة تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ، لكنها بحاجة إلى موافقة من جهات رسمية أعلى منها، على رأسها عدم إجراء انتخابات رئاسة الحزب والمناصب العليا داخله قبل إنهاء سيطرة الحوثيين على صنعاء.
وكشف لـ”العرب” أن قيادات الخارج تتفق على ضرورة “رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على السفير أحمد عبدالله صالح، قبل تقديم تنازلات في الملفات الأخرى، وتنتظر قيادات القاهرة موافقة الرئيس هادي على ذلك المطلب، الذي يعد دليلا على حسن النوايا لإنهاء الخلافات”.