كبح نفوذه في اليمن..
لماذا يرفض الإصلاح حكومة اليمن الجديدة؟
قالت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” إن مشاورات الإعلان عن تشكيل حكومة يمنية مصغرة وصلت إلى طريق مسدود في ظل رفض العديد من القوى السياسية وفي مقدمتها حزب الإصلاح لمثل هذه الخطوة.
وأشارت المصادر إلى أن قيادات بارزة في الإصلاح عبّرت عن رفضها لتعيين معين عبدالملك رئيسا للوزراء خلفا لأحمد عبيد بن دغر باعتبار ذلك مخالفا للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، غير أن المصادر لفتت إلى أن هذا الرفض يندرج في إطار ضغوط تمارسها بعض المكونات السياسية لإيقاف عجلة التغيير في بنية الشرعية خوفا من أن تطال تلك التغييرات قيادات عسكرية ومدنية محسوبة عليها.
وشن ناشطون مقربون من الإخوان في اليمن حملة منظمة على قرار الرئيس هادي، مشيعة أن هذا القرار جاء بضغط وإيعاز من قبل التحالف العربي وأنه لا يعبر عن رغبة الرئيس هادي في إحداث أي تغييرات جوهرية في مؤسسات الشرعية.
وقال مراقبون سياسيون إن التصعيد ضد قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي لا يعبر عن الاعتراض على تعيين معين عبدالملك سعيد المحسوب على تيار الربيع العربي في اليمن بقدر ما هو محاولة لكبح أي قرارات لاحقة تصدر من الرئيس هادي قد تقوض من نفوذ حزب الإصلاح داخل الشرعية وتستبعد قيادات عسكرية وأمنية وإدارية من المنتمين للحزب.
وتصدر القيادي في حزب الإصلاح ورجل الأعمال المقيم في تركيا حميد الأحمر حملة الرفض لقرار تعيين رئيس جديد للحكومة الشرعية، وكتب الأحمر على صفحته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، “مع كل التقدير لشخص الدكتور معين عبدالملك سعيد، إلا أنني استغرب من تجاهل الرئيس لبنود المبادرة الخليجية التي تعتبر إحدى أهم المرجعيات التي يستمد منها شرعيته وهو يعلم أن المبادرة وآليتها التنفيذية لم تعطه حق تسمية رئيس الحكومة أو تغييره”.
وأضاف الأحمر “لا يليق بنا في معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب أن نرضى بالانقلاب على المبادئ والمرجعيات من أي كان، وليست هذه هي الدولة المؤسسية التي بشرت بها مخرجات الحوار وأكدت القرارات الدولية على احترامها، بعد أربع سنوات من المآسي لم يعد من اللائق استمرار الصمت على الممارسات الخاطئة”.
وعلق مراقبون على موقف الأحمر بأنه تعبير عن مواقف معظم قيادات الحزب المتواجدة في الرياض والتي تتحاشى إطلاق تصريحات من هذا النوع، مضيفة إلى أن استحضار الأحمر للمبادرة الخليجية إشارة إلى ضرورة عودة المكونات الموقعة على هذه المبادرة للمشاركة في اتخاذ القرارات.
وكشفت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب”، عن تحركات حثيثة يقوم بها الأحمر بصفته عضوا في مجلس النواب اليمني للتأثير على مجريات انتخاب رئيس جديد للمجلس والتي من المتوقع أن تتم في أول جلسة للمجلس من المزمع عقدها في عدن أو سيئون، والسعي لإفشال انتخاب نائب رئيس المجلس محمد علي الشدادي رئيسا للمجلس باعتباره الشخصية التي يدعم الرئيس هادي ترشيحها، عبر التأثير على كتلة حزب الإصلاح البرلمانية.
ولفتت مصادر “العرب” إلى أن الأحمر يعمل بشكل حثيث للتنسيق مع قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام وخصوصا تلك المناوئة لسياسات هادي لتكوين تيار ضاغط لإعادة إحياء التقاسمات التقليدية بين المكونات السياسية الرئيسية التي نشأت عقب التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي تم التوقيع عليها في نوفمبر 2011 في العاصمة السعودية الرياض بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه واللقاء المشترك وشركائه والتي أعقبها تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة يتقاسم مقاعدها الطرفان الموقعان على المبادرة الخليجية.
ويشهد معسكر الشرعية تصاعدا لافتا في حالة الصراع بين المكونات والقوى السياسية مع بروز مؤشرات على الاتجاه نحو عقد تحالفات جديدة عقب تعثر محاولات قادها التحالف العربي لتمتين جبهة الشرعية من خلال إنشاء تحالف سياسي عريض يضم كافة المكونات المناهضة للحوثيين بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) وهي المساعي التي باءت بالفشل حتى الآن، نتيجة ممانعة العديد من الأطراف القوية في الشرعية التي ترى أن أي توسيع لقاعدتها قد يأتي على حساب الاستحقاقات التي حازت عليها خلال الفترة الماضية. وينظر إلى معين عبدالملك على أنه من التكنوقراط الشباب وغير محسوب على جهة سياسية بعينها في اليمن.
وأقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الاثنين رئيس الوزراء أحمد بن دغر وأحاله على التحقيق، محملا إياه مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد الذي تمزقه الحرب.
وصعّد اسم عبدالملك الحاصل على الدكتوراه في مجال العمارة من جامعة القاهرة في العامين الماضيين مع توليه حقيبة وزارة الأشغال العامة والطرق. وصنّف مراقبون الأستاذ السابق في كلية الهندسة بجامعة ذمار وسط البلاد، على أنه كان أكثر الوزراء في حكومة بن دغر الذين “يعملون في صمت” بل إنه كان حاضرا بشكل مستمر في اليمن ويشرف على بناء وهندسة الطرقات خلافا لبقية الوزراء الذين يقيمون في العاصمة السعودية الرياض.