مركز (GMBDW) للأبحاث..

ما هو سر انحياز صحيفة واشنطن بوست للإخوان المسلمين؟

تجاهل المقال انتماء عدد من المتحدثين في هذا المسجد لجماعة الإخوان في الولايات المتحدة

صحف

نشر مركز (GMBDW) للأبحاث، المهتم بمراقبة تحركات جماعة الإخوان المسلمين حول العالم، تقريرًا بشأن المواطن السعودي "جمال خاشقجي"، الذي كان موضع اهتمام دولي مكثف بسبب اختفائه عقب زيارته للقنصلية السعودية في إسطنبول. وكما خلص التقرير، تشير الأدلة المقدَّمة بقوة إلى أن خاشقجي لم يكن فقط عضوًا قديمًا في جماعة الإخوان المسلمين وشخصية مقرّبة من التنظيم الدولي للإخوان، لكنه كان أيضًا، في الواقع، يدعم نشاط مشاريع الإخوان، لا سيما في شهر إبريل في هذا العام.
لقد أثار التقرير أيضًا مسألة كيف خاشقجي بصورة وثيقة بصحيفة الواشنطن بوست، كما لفت إلى أن هذا ليس بأي حال من الأحوال المثال الوحيد الذي تُظهر فيه الواشنطن بوست بصورة مذهلة سوء تقدير تجاه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
يكشف استعراض لاحق لقصص أخرى عن وجود إخفاقات من جانب الواشنطن بوست؛ إما عبر نشرها تقارير غير دقيقة حول الموضوع، أو على سبيل المثال، توفيرها منصة لقادة الإخوان المسلمين للتعبير عن أنفسهم وللتفاعل مع القراء: 
 
-  في يوليو 2007، ذكر تقرير لنا أن مجلة النيوزويك وصحيفة واشنطن بوست اشتركا معًا لإدارة "محادثة تفاعلية بشأن الدين" بعنوان:"المسلمون يتحدثون" والتي وفرت منصّة للعديد من الإسلاميين البارزين حول العالم، من بينهم "الزعيم الروحي" لحزب الله  "حسين فضل الله" والعضو الألماني في الإخوان "مراد هوفمان" والقائدين الإخوانيين الأمريكيين "مزمل صديقي" والراحل "طه العلواني"، وزعيم جماعة الاخوان التونسية "راشد الغنوشي" وطارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة الإخوان المصرية، والذي ينتظر في الوقت الراهن محاكمته بتهمة الاعتداء الجنسي. وكما لفتنا في ذلك الوقت، فقد وفّر هذا المشروع لهؤلاء الأفراد مدونات شخصية يستخدمونها للتعبير عن آرائهم والتفاعل مع القراء.

-  في سبتمبر 2011، ذكر مركزنا أن صحيفة واشنطن بوست كتبت تقريرًا عن مسجد " دار الهجرة" في العاصمة واشنطن وتحدثت عن إمام المسجد "جوهري عبد المالك" لكنها لم تذكر العلاقات الوثيقة بين المسجد والإخوان المسلمين. لقد اكتفى مقال الواشنطن بوست بوصف أعضاء المسجد بأنهم "ملتزمون التزامًا شديدًا بعقيدتهم ومحافظون للغاية"، وتجاهل المقال فيما يبدو ميثاق المسجد والذي يشترط أن يكون أربعة من أعضاء مجلس المسجد التسعة من رؤساء أكبر منظمات الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة. كما تجاهل المقال أيضًا انتماء عدد من المتحدثين في هذا المسجد لجماعة الإخوان في الولايات المتحدة، فضلاً عن تجاهلها حقيقة أن العديد من الأفراد المدانين/المتهمين في قضايا متصلة بالإرهاب، قد ترددوا على المسجد. 

- في يناير 2014، ذكر تقرير لنا أن زعيم جماعة الإخوان المسلمين التونسية "راشد الغنوشي" نجح في خداع الواشنطن بوست في مقابلة معها زعم فيها أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليس "سياسيًا" بالرغم من ترؤسه من جانب القائد الإخواني "يوسف القرضاوي"، بالرغم من البيانات العديدة التي أصدرها المجلس والتي تطرقت لتطورات سياسية عالمية. في المقابلة، زعم الغنوشي أنه لم يتنبأ مطلقًا بــ "زوال إسرائيل" بالرغم من وجود أدلة واضحة تثبت عكس ذلك. لكن صحيفة الواشنطن بوست لم تحاول تفنيد تلك البيانات أو الاعتراض عليها. 

-  في فبراير 2017، نشرنا تقريرًا بشأن مقالة كتبها الصحفي المخضرم في واشنطن بوست " "جلين كيسلر" يفنّد فيها سلسلة من المزاعم بشأن "هوما عابدين" مساعدة هيلاري كلينتون منذ زمن طويل. وكما ذكرنا في ذلك الوقت، فقد بدأ "كيسلر" بحق مقالته بالحديث عن المزاعم الخاطئة حول "عابدين" الصادرة عن "روجر ستون"، وهو مستشار رفيع للمرشح الجمهوري حينها دونالد ترامب، لكن "كيسلر" فشل في تفنيد مزاعم خاطئة أو مضللة صادرة من هوى نفسه، من بينها عدم تطرقه إلى العلاقات التي تربط بين جامعة نسائية سعودية تحاضر فيها والدة "هوما عابدين" وبين رجل الأعمال السعودي "ياسين عبد الله" المصنف إرهابيًا في الولايات المتحدة "، وفشله في تحديد العلاقات الراهنة بين عائلة "عابدين" ومنظمة جامعة تضمّ تحت مظلتها 86 منظمة إسلامية، العديد منها مرتبط بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وبعمليات جمع الأموال لصالح حماس، أو دعم تنظيم القاعدة. وكما خلصنا حينها فإن "عمليات التثبت من الحقائق التي أجراها (كيسلر) هنا مضحكة، وأظهرت في بعض الأحيان فقرًا مذهلاً في معرفة الموضوع الذي يتحدث بشأنه".  

-  في فبراير 2017 أيضًا، نشرت البوست مقالة بشأن اقتراح يدعو لتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية. نقل المقال كلامًا عن "خبراء" لم تفصح عن هويتهم، زعموا أنه "ما من دليل" يثبت المزاعم التي تفيد بارتباط منظمات إسلامية أمريكية بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. كما نقل المقال أيضًا إنكار هذه المنظمات لأي علاقة لها بالإخوان، لكن المقال فشل حتى في إجراء أبسط أنواع البحث الاستقصائي فيما يتعلق بفرع جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة . 

يبدو أن صحيفة واشنطن بوست ابتعدت كثيرًا عن الزمن الذي كانت توظف فيه مراسلين استقصائيين مخضرمين لديهم معرفة عميقة بالمواضيع التي يكتبون تقارير عنها. على سبيل المثال، في عام 2004، كتب الصحفي الاستقصائي "دوجلاس فرح" سلسلة من المقالات الرائدة بشأن التنظيم الدولي الإخوان المسلمين لحساب صحيفة الواشنطن بوست. يبدو أنه من غير المرجّح أن نرى تقارير لمراسلين من أمثال "فرح" على صفحات الواشنطن بوست في أي وقت قريب.