تحريك حل الأزمة اليمنية..
لماذا تعتمد لندن على الدعم السعودي الإماراتي في اليمن؟
أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” أن زيارة وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت للرياض وأبوظبي، والتي تضمنت لقاء مسؤولين من الدولتين إضافة إلى مسؤولين يمنيين، كانت تهدف إلى الحصول على دعم السعودية والإمارات لجهود لندن في إحياء المسار السياسي اليمني وإيقاف المواجهات العسكرية.
وكشفت المصادر أن هانت عرض انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة مقابل وقف تقدم القوات المشتركة نحو مركز المدينة، والإعلان عن وقف تام لإطلاق النار قبيل الشروع في جولة جديدة من المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة.
وبحسب المصادر تضمنت مقترحات الوزير البريطاني إمكانية أن تكون “مسقط” ضامنة للحوثيين في أي اتفاق مستقبلي، إلى جانب التلميح بإصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي لإيقاف العمليات العسكرية الجارية في مدينة الحديدة غرب اليمن.
واستبق إدوين سموأل، المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، زيارة وزير الخارجية البريطاني بالتأكيد على أنها ستتضمن “محادثات مع حكومتي دولة الإمارات والسعودية والحكومة اليمنية وتركز أولا وقبل كل شيء على اليمن”، مضيفا في تغريدة على تويتر “نريد أن نرى استعادة للشرعية ووقف معاناة المدنيين”.
وكثفت الدبلوماسية البريطانية من تحركاتها لدعم جهود مواطنها مارتن غريفيث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، والذي عادة ما يوصف من قبل المراقبين السياسيين للشأن اليمني بأنه يعمل على تنفيذ الأجندة البريطانية في اليمن أكثر من حرصه على تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي.
وأشار بيان صحافي صادر عن وزارة الخارجية البريطانية، الثلاثاء، في أعقاب زيارة هانت للمنطقة، إلى أنه “جرى النظر جديا في مجموعة من الأفكار السياسية وتدابير بناء الثقة التي تتيح بدء المحادثات السياسية في السويد بحلول نهاية نوفمبر الجاري”.
ووفقا للبيان تركزت مباحثات الوزير البريطاني مع “الشركاء” حول “سبل دعم مجلس الأمن لعملية سياسية تؤدي إلى تحسين الأوضاع الإنسانية”. كما أسفرت المباحثات عن موافقة التحالف العربي “على الإجلاء الطبي للحوثيين، وفق شروط متفق عليها”، وهو ما وصفه البيان بأنه “تطور كبير بالنظر إلى أن هذه المسألة كانت عائقا أمام المحادثات في ما مضى”.
وسيتم السماح للأمم المتحدة، بناء على ضمانات لم يكشف عنها، بالإشراف على الإجلاء الطبي للحوثيين، “بمن فيهم ما يصل إلى 50 من المقاتلين الجرحى، إلى سلطنة عمان قبل انطلاق جولة أخرى من محادثات السلام المقترح عقدها في السويد”.
وقال البيان إن زيارة وزير الخارجية البريطاني إلى المنطقة، والاجتماعات التي عقدها مع كبار القيادات في السعودية والإمارات والحكومة اليمنية، والحديث إلى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، “ساهمت في تحسين التفاهم بشأن الخطوات التي ستؤدي إلى وقف العمليات القتالية”.
وترك البيان الصادر عن الخارجية البريطانية باب الضغوط في ما يتعلق بالملف اليمني مواربا، من خلال الإشارة إلى الدور البريطاني في مجلس الأمن الدولي ومسودة القرار الخاص بالمجلس والذي من المفترض أن يطرح للتصويت في جلسة السادس عشر من نوفمبر التي سيقدم فيها غريفيث إحاطته الأخيرة قبل انطلاق المشاورات المزمعة.
وقال جيريمي هانت، في تصريح صحافي نشره الموقع الرسمي لوزارة الخارجية البريطانية “تظل الدبلوماسية والمفاوضات السبيل الوحيدة لإنهاء الصراع، وقد شعرت بتفاؤل لإبداء السعودية والإمارات تأييدهما لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، تحت قيادة المبعوث الخاص مارتن غريفيث”.
وأضاف “أحرزنا تقدما خلال اجتماعاتي في إزالة أكبر عقبة أمام جولة محادثات السلام التي اقترحت سابقا، وحددنا سبيلا ذات مصداقية لخفض تصعيد العمليات العسكرية”.
وتزامنت زيارة هانت لأبوظبي مع زيارة قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، التقى خلالها ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يعتقد أنها على علاقة بالملف اليمني.
وتناغم موقف الاتحاد الأوروبي مع التحركات البريطانية الأميركية المتعلقة باليمن. وأشار بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي، الاثنين، إلى أنه “سيواصل دعمه الكامل لعملية الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث من أجل استئناف المحادثات السياسية على الفور”.
وجدد البيان دعوة “جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل كامل وبنّاء مع المبعوث الخاص وفريقه بينما نتحرك جميعا للتوصل إلى تسوية سياسية دائمة ومستدامة للصراع في اليمن”
وتصاعدت الضغوط الدولية لإيقاف المواجهات العسكرية في اليمن وخصوصا في جبهة الساحل الغربي، في الوقت الذي تضيّق فيه قوات المقاومة المشتركة الخناق على الميليشيات الحوثية التي لجأت للتمترس في الأحياء السكنية.
وحذرت الحكومة اليمنية قبل أيام في بيان صادر عن وزارة حقوق الإنسان من قيام الميليشيات الحوثية بتحويل أهالي الحديدة إلى دروع بشرية.
ورحب غريفيث بالتقارير بشأن الحدّ من الأعمال القتالية في مدينة الحديدة، مشددا على أن خفض التصعيد خطوة مهمة لمنع المزيد من المعاناة الإنسانية وبناء بيئة أكثر تمكينا للعملية السياسية.
ودعا في بيان رسمي جميع أطراف الصراع إلى التحلي بضبط النفس بشكل مستمر. معبرا عن ثقته بأن الأطراف مستعدة للعمل على إيجاد حل سياسي، “كما أنني متفائل بالانخراط البناء من جميع الأطراف. الاستعدادات اللوجستية للتحضير لجولة المشاورات المقبلة جارية، ونحن في وضع يمكننا من المضي قدما لعقد الجولة المقبلة من المشاورات”.
ويؤكد المبعوث الخاص أن الأمم المتحدة مستعدة للتباحث مجددا مع الأطراف بشأن التوصل إلى اتفاق تفاوضي حول الحديدة، من أجل حماية الميناء والحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية.