منتدى باريس للسلام..
خبير دولي يفند تقارير خبراء الامم المتحدة عن اليمن
خلصت ورقة عمل، أعدها خبير القانون الدولي الإنساني، طاهر بومدره نائب رئيس منتدى باريس للسلام والتنمية والرئيس السابق لبعثة الامم المتحدة لحقوق الانسان في العراق، إلى أن تقرير فريق الخبراء الأممي لتقصي الحقائق في اليمن، قد أخفق في وضع النزاع في سياقه التاريخي الصحيح للحركة الحوثية التي تقف في وجه الحكومة المركزية اليمنية بمشروعها الرامي الى إعادة تأسيس الإمامة الزيدية الوراثية كشكل من أشكال الحكم.
وأشارت الورقة التي عنونة بـ"النزاع المسلح في اليمن.. حقوق الإنسان-القانون الدولي الإنساني وواجب الحماية، وقدمت خلال ندوة عقدة الجمعة في باريس، عن (الأمم المتحدة في اليمن.. تقارير تناقض القرارات) أن تقرير فريق الخبراء لا يذكر أن الحوثيين قد دخلوا في نزاع مسلح ضد الحكومة 6 مرات منذ عام 2004.
وذكرت أن فريق الخبراء الأممي استخدم، في التقرير، مصطلحات غامضة لتحديد أطراف النزاع. فقد استخدم "القوات الموالية للحكومة" للإشارة إلى الجش النظامي الحكومي، فيما هناك قوة حكومية تساعدها قوات التحالف العربي تدافع بتفويض وبدعم من مجلس الأمن، وكان من أجل عدالة التقرير أن يؤكد على شرعية هذه القوى المعترف بها دوليا.
وقالت الورقة أن تقرير فريق الخبراء الأممي، يشير من جهة أخرى، إلى ميليشيا الحوثي بـ "سلطات الأمر الواقع"، ورأت أن هذا المصطلح يمنح الحوثيين وضعا قانونيا خاصا يفتح الطريق أمام الاعتراف بهم كحكومة موازية.
وأضاف خبير القانون الدولي الإنساني طاهر بومدره :"وعلاوة على ذلك وباستخدام هذين المصطلحين للتمييز بين طرفي النزاع ، فقد أبعد التقرير من المعادلة عددا من الجهات الفاعلة الأخرى، مثل جماعات القاعدةالإرهابية في الجزيرة العربية والدولة الإسلامية في العراق و بلاد الشام (داعش) الذين يقاتلان ضد كل من القوات الحكومية والحوثية.
ورأى أن ما جاء في الفقرة 13 من التقرير الأممي حول أن "الحكومة تحتفظ بالتزامات إيجابية فيما يتعلق بالتزاماتها (الدولية في مجال حقوق الإنسان) في المناطق التي فقدت فيها سيطرتها الفعلية"، استخلاص مخالف للقانون الدولي للنزاعات المسلحة.
وأبان أن القانون الدولي يصنف النزاعات المسلحة في مستويين: الحالات التي يتم فيها تمرد ضد الحكومة دون السيطرة على اقليم ودون وجود جيش منظم يطبق قواعد الحرب وأعرافها. هذا هو المعروف باسم حالة التمرد (Insurgency) ويخضع للتشريع الوطني بما في ذلك القانون الجنائي الأهلي.
وتابعت الورقة "عندما يتطور الصراع وينظم المسلحون جيش نظامي ويمارسون سيطرة فعلية على إقليم ما، فإنهم يعاملون كمحاربين ملزمون بقواعد وأعراف الحرب بشكل مستقل عن الحكومة المعترف بها وهم مسؤولون عن حماية حقوق الإنسان والتعامل بحسب المبادئ الإنسانية والالتزامات الدولية المعروفة في مثل هذه الحالات".
وأردفت: "فما دام الحوثيون مسيطرون فعليا على بعض الأقاليم في اليمن ويقاتلون بجيش خاضع لتنظيمهم، فهم ملزمون طبقا لأحكام معاهدات جنيفة الأربعة والبروتكولين التابعين لمعاهدات جنيفة الأربعة عن ما يرتكب في الأقاليم التي تأتي تحت سيطرتهم".
وبشأن حماية الأهداف المدنية، أشارت الورقة إلى أن فريق الخبراء لم يحاول معالجة هذه المسألة ولم يعط أي مؤشر على ما إذا كانوا قد درسوا بالفعل القوانين العسكرية لأعضاء التحالف ولم يقدموا أي توصية في هذا الاتجاه، رغم أنه يترتب عليه عواقب وخيمة.
واستنتجت أن فريق الخبراء قد ركز على تطبيق حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في وقت السلم وليس في زمن الحرب.
وذكرت أنه لا يوجد مبدأ تناسبي عام ينطبق على سير الأعمال العدائية خلال نزاع مسلح دولي أو أهلي، فقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني نفسها هي نتاج الموازنة بين الإنسانية والضرورة العسكرية. ومع ذلك، هناك بعض القواعد التي تتطلب صراحةً من أطراف النزاع المسلح تطبيق اختبار نسبة تناسبية معينة، مثل حظر المعاناة غير الضرورية والخسائر دون أي ميزة عسكرية.
وتطرقت الورقة إلى استعراض الخبراء ملخصات 71 حادثة تم التحقيق فيها من قبل JIAT ، وهو فريق التحقيق الذي أنشأه التحالف رداً على مزاعم عن ضربات جوية تستهدف المدنيين أو الأهداف المدنية، مشيرة إلى أن فريق الخبراء أخفق في تحديد القواعد السارية للقانون الدولي الإنساني العرفي أو اتفاقيات جنيف التي تم انتهاكها والتغاضي عنها من قبل JIAT.
وفيما يتعلق بالمساءلة، قال خبير القانون الدولي الإنساني طاهر بومدره في الورقة، إن فريق الخبراء تجاهل في تقريرهم الشق المتعلق بالاختراقات المتكررة لقرارات مجلس الأمن الملزمة حيث اقتصر تقريرهم على القانون الدولي الانساني. ولا يمكن تفسير هذا الاغفال الا بفرضيتين. اما أن فريق الخبراء تنقصه الخبرة في القانون الدولي للنزاعات المسلحة وكيفية اعداد التقارير أو أنه تعمد اغفال هذا الشق من القانون الدولي المطالب بالنظر فيه بموجب قرار مجلس حقوق الانسان A/HRC/RES/36/31 الذي كلف الفريق بالاضافة الى استقصاء جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، استقصاء المجالات الأخرى المناسبة والقابلة للتطبيق من القانون الدولي والتي ارتكبتها جميع الأطراف.
وجاء في الورقة: "تعزو الفقرة 28 من تقرير فريق الخبراء معظم الخسائر المدنية الموثقة إلى الضربات الجوية للتحالف وتخصص 13 فقرة (27-39) لضربات التحالف الجوية. في حين يخصص التقرير6 فقرات فقط (40-45) لقصف الهاون، وزرع الألغام البحرية، والقنص، وإطلاق النار العشوائي، وإطلاق القذائف من قبل الحوثيين".
وقالت إنه كان ينبغي لفريق الخبراء أن يولي النظر في العملية الجارية لاستعادة السلام والأمن لمنع المزيد من الانتهاكات، ولا ينبغي له أن يتجاهل التفكير في كيفية تنفيذ جميع جوانب القانون الدولي، على السواء حسب تفويض مجلس حقوق الإنسان (القرار 36 / 31).
وخلصت ورقة خبير القانون الدولي الإنساني طاهر بومدره إلى أن ما يظهر جليا في تقرير فريق الخبراء هو نقص الحيادية والتوازن وعدم احترامه للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة في كيفية تقصي الحقائق واصدار التقارير.