مركز المزماة للدراسات والبحوث
هل حان وقت استسلام الحوثي؟
الفشل الحوثي أو الفشل الإيراني في اليمن كان نتيجة مدروسة وواقعية ابتعدت عن عقول من يقفون وراء التخطيط للانقلاب على الشرعية وإخضاع البلاد لسيطرة الحوثي، وفي الوقت الذي شكل هذا الفشل مستنقعاً أطاح بجماعة الحوثي وأربك حسابات القادة في طهران، لم تكن هذه النتيجة مفاجئة أو غير متوقعة من قبل المجتمع الدولي، لأن تلك الجماعة المتمردة التي لا تمتلك سوى الأسلحة المهربة والأموال المختلسة من اليمن والمنهوبة من جيوب الشعوب الإيرانية، والمعتمدة بشكل أساسي في مغامرتها الانقلابية على دعم الحرس الثوري الإيراني، لن تستطع الاستمرار بإنقلابها ومعاندة القوى الإقليمية وارتكاب مزيد من الجرائم، لأنها اصطدمت برفض شعبي داخلي، كما حصل ولا يزال يحصل، وغضب دولي وإقليمي استوجب وضع استراتيجية تنفيذية لإنهاء الانقلاب ومعاقبة مفتعليه لما ارتكبوه من جرائم عديدة في طريق انقلابهم كالقتل العام وتجنيد الأطفال وتنفيذ الاغتيالات وغيرها.
ركز الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن كما يتضح على عدة عناصر إرهابية تعتمد بشكل أساسي على التحرك والإصرار والتدمير والقتل، وخلق طوق من الحصار على المواطنين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي لضمان ضعفهم واستسلامهم لإرادة الحوثي، مع محاصرة الإعلام ومراقبة العاملين فيه لإيصال الصورة التي يريدها الحوثي إلى الخارج والتي لا علاقة لها بالواقع اليمني.
ولكن وبعد مضي قرابة الثلاث سنوات على الانقلاب الحوثي، أخذت تبرز صورة فشل المخطط الإنقلابي وبصورة فاضحة، إذ أن صمود الشعب اليمني أمام غدر الحوثي، وحكمة قادة التحالف العربي ضد هذا الانقلاب أثمرت حتى الآن نتائج كبيرة أسعدت قلوب اليمنيين في الداخل والخارج، وعلى ما يبدوا بدأت رسائل الشكر والعرفان تتزايد من اليمنيين إلى قادة دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، لتثبت هذه النتائج أن انقلاب الحوثي فشل في طمس الهوية اليمنية من خلال حقنها بفكر الولي الفقيه، واستطاعت الوحدة الوطنية في النهاية الانتصار على الغدر الحوثي.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن اليمنيين وبدعم قوات التحالف العربي قد استطاعوا إفشال مخطط إقليمي تدميري يقوده النظام الإيراني بأدواته في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، فكان فشل الإنقلاب الحوثي في اليمن بمثابة فشل المشروع الإيراني في المنطقة، وقوات التحالف العربي لا يزال لديها الكثير من القوة لم تستخدمها ضد النظام الإيراني كحكمة تسعى من خلالها إلى تثبيت وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة والمحافظة على سلامة الشعوب العربية والإسلامية، وهي قادرة على تحجيم النظام الإيراني وكسر أجنحته في داخل وخارج إيران.
هذا الفشل سيضع طرفي الانقلاب أي قادة الحوثي وقادة الحرس الثوري أمام غضب وتساؤلات متبادلة قد تتكشف خلال المرحلة المقبلة، حين يجد الحوثي نفسه أمام تحقيق وغضب إيراني يكسر جدا الصمت من هذه الهزيمة والفشل في الانقلاب رغم ما قدمته إيران من دعم مالي وعسكري وبشري، وفي الوقت نفسه سيجد قادة الحرس الثوري وقيلق القدس في موقف محرج أمام النظام وغضب من قبل الشعوب الإيرانية التي تعلم جيدا أن هذه الفتن والحروب التي يشعلها النظام الإيراني في المنطقة هي السبب المباشر في تردي الأوضاع المعيشية وانتشار الفقر والبطالة والفساد بأنواعه.
لقد جاء الجواب القاطع من الشعب اليمني والتحالف العربي لهؤلاء المتمردين الذين غدروا بأوطانهم وأعطوا الولاء والانتماء لغيرها، وهو إذا كنتم تملكون السلاح والأموال وقادرين على ارتكاب الجرائم ومحاصرة، فنحن نملك الأرض والعزة ولدينا عمق وطني وعروبي وقادرين على اقتلاع تمردكم وإنقلابكم من جذوره، ولا مكان لخائن أو متبرط بيننا.
ومما تقدم فعلى قادة الحوثي والنظام الإيراني وقبل أن يرموا فشلهم وهزائمهم في اليمن على بعضهم البعض أو يغطونه بغربال، أن يجربون الشجاعة ولو لمرة واحدة ويعلنون للعالم فشلهم الذريع في هذه الحرب المدمرة.