الحرب في اليمن..
اتفاق الحديدة.. بين مراوغات الحوثيين والمخاوف الدولية

اتفاق ستوكهولم
تصاعدت الأحداث المتعلقة بالأزمة اليمنية، خلال الفترة الماضية، إذ أعلن مجلس الأمن الدولي زيادة عدد المراقبين في «الحديدة» إلى 75 مراقبًا، وهو ما رحبت به الحكومة اليمنية، باعتباره خطوة مهمة على طريق تنفيذ اتفاق «ستوكهولم» فى السويد، كما أعلنت بعض الدول مثل ألمانيا عن تقديم مساعدات مالية في سبيل إنقاذ الوضع الإنساني في اليمن.
وعلى الرغم من إعلان الأمم المتحدة في وقت سابق أن «ستوكهولم» سوف ينهي الأزمة اليمنية بصورة نهائية، فإن الواقع أثبت عكس ذلك، فما زالت المواجهات العسكرية تدور في بعض المناطق، مع مواصلة ميليشيا الحوثي محاولاتها لبسط نفوذها على الكثير من المناطق باليمن.
في ديسمبر عام 2018، توصل ممثلو الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وممثلون عن ميليشيا الحوثي، إلى اتفاق بشأن الوضع المتأزم باليمن، وهو الاتفاق الذي عرف فيما بعد بـ«اتفاق ستوكهولم»، وذلك أثناء المحادثات التي أشرفت عليها الأمم المتحدة بالسويد.
وشملت الإتفاقية عدة بنود، منها تبادل السجناء والأسرى، وانسحاب ميليشيا الحوثي من ميناء «الحديدة» والمناطق المحيطة به خلال 14 يومًا، بالإضافة إلى إيقاف صور النزاع المسلح كافة ما بين الطرفين، بالتزامن مع تشكيل لجنة من الأمم المتحدة تتولى عملية إعادة انتشار القوات اليمنية بمدينة «الحديدة».
وبعد مرور أكثر من شهر على الإتفاق، لم يتم تنفيذ بنوده حتى الآن، ويرجع ذلك لعدم التزام ميليشيا الحوثي بتنفيذ ما عليها من التزامات، إذ اخترق الحوثي الهدنة المفروضة أكثر من مرة، ما ينذر بالكثير من الأزمات، ويترتب على اتخاذ عدة خطوات مهمة منها:
1- منع الانهيار
أثار عدم التزام ميليشيا الحوثي بالاتفاق، زيادة في تدهور الثقة بينها وبين التحالف العربي، بالإضافة إلى اندلاع مخاوف القوى الدولية، والأمم المتحدة، خصوصًا بعد ما أصاب الأوضاع الإنسانية والأمنية داخل «اليمن»، لذا فإن استمرار المناوشات الحوثية يعني المزيد من التدهور والخراب، بل ربما أيضًا انهيار الاتفاق برمته، لأن «الحوثي» تريد تحقيق مكاسب إقليمية جديدة على حساب التزام التحالف العربي بالهدنة، إضافة إلى استغلال وجود ثغرات باتفاق «ستوكهولم»، وكسب الميليشيا جزءًا من التعاطف الشعبي على مستوى الرأي العام الدولي.
كما أن ما تقوم به الميليشيا يعيد إلى الأذهان أحداث سبتمبر 2014، حيث وقع الحوثيون اتفافية سلام بعد تجاوزهم «صنعاء» والعديد من المحافظات الشمالية الأخرى، ولكنهم ماطلوا في تنفيذ شروط الانسحاب، معتبرين أن نقاط التفتيش بالشوارع كانت من مواطنين مساندين للجان الشعبية وليسوا جنودًا، وهذا ما يعارض بنود الاتفاق، ما يفرض على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الضغط على ميليشيا الحوثي لإيقاف التصرفات والخطوات التي تثير غضب التحالف العربي، خصوصًا أنه ينبغي عليهم القيام بالخطوة الأولى، والتي تكمن في السماح بإعادة نشر القوات بموانئ البحر الأحمر الرئيسية الثلاثة، كما يجب على القوى الدولية التكاتف للبدء في تنفيذ الاتفاق؛ لأن الرغبة السياسية في إنقاذ «اليمن» هي مفتاح القيام بذلك.
2- وضع ملحق تفصيلي:
بسبب رغبة الأمم المتحدة والقوى الدولية في التوصل إلى اتفاق بشأن الأزمة اليمنية بصورة سريعة، نظرًا لسوء الأوضاع الإنسانية هناك، جاء اتفاق «ستوكهولم» مليئًا بالأخطاء، إذ لم يحدد طبيعة القوات التي ينبغي أن تسيطر على الموانئ، أو أفراد لجنة التوزيع وماهيتهم، أو التسهيلات الواجب توافرها لهم، وهو الأمر الذي استغلته ميليشيا الحوثي للاستمرار في تنفيذ مساعيها، لذا كان لابد من وضع ملحق تفصيلي لاتفاق السويد، يتضمن جدولًا زمنيًا واضحًا ومفصلًا، يكشف من خلاله آليات تطبيق بنود الاتفاق، على رأسها كيفية إيقاف إطلاق النيران، وخطوات تسليم المدن وميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثي، والعقوبات التي يمكن فرضها على أي طرف لا يلتزم بالاتفاق.
ولا يمكن إنكار أهمية الخطوة التي اتخذتها الأمم المتحدة بإرسال مراقبين إضافيين إلى اليمن، إلا أنه لابد وأن يتضمن القرار آليات تفصيلية عن هؤلاء المراقبين، وأماكن عملهم، وكيفية انتشارهم داخل اليمن، بالإضافة إلى الحصول على التزام مؤكد من أطراف الأزمة اليمنية بتركهم يقومون بعملهم بحرية، خصوصًا أن الحوثي منع المراقبين الدوليين من أداء عملهم بإنسيابية في أكثر من مناسبة.
لذا فإن هذا القرار بصورة نظرية قد يساهم في حل الأزمة اليمنية على المدى القريب، لكن هذا يتوقف على طبيعة وآليات تنفيذ القرار، خصوصًا أن تاريخ الحوثي في مراوغة القرارات الأممية كبير، وينذر بالخطر.