(اليوم الثامن) ترصد ردود الفعل حول الوحدة اجتياح الجنوب
الجنوب.. هل يتعرض لحرب عدوانية يمنية ثالثة؟
حرب يمنية شمالية ثالثة، هي ابرز ما يتوقعه الجنوبيون، بعد مرور نحو عام ونصف على تحرير بلادهم ودحر الوجود العسكري الشمالي عنها بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية.
لكن تلك الحرب المرتقبة ومتوقعة ، فاليمنيون الشماليون لا يمكن لهم التنازل عن الجنوب، نظرا للثروات التي يسيطرون عليها في الجنوب وخاصة الثروات النفطية والسمكية.
الجدل المتصاعد مؤخرا جاء بعد أن حض وزير الثقافة اليمني خالد الرويشان بضرورة شن حرب عدوانية ثانية على الجنوب.
وهدد الرويشان بالقتال دفاعا عن الوحدة اليمنية" مرددا شعار كان المخلوع صالح قد اطلقه قبل الحرب الاولى على الجنوب ، حينما زعم" الوحدة او الموت".
وجاء تهديد صالح عقب مبادرة تقدم بها سياسي يمني طالب بحل لأنهاء الوحدة ووقف الاقتتال بين الشمال والجنوب، وان يتجه البلدين نحو التنمية بدلا من القتال.
ويتخوف الجنوبيون من ان يتعرضوا لاجتياح وعدوان عسكري قادم، وما تزيد من مخاوفهم هو الانقسام السياسي بين بعض المكونات السياسية التي ترفض الاتحاد رغم ادراكها بما يحاك ضدها من مؤامرات.
يقول السياسي الجنوبي البارز بكر أحمد في رده على سؤال هل تتوقع ان يتعرض الجنوب لعدوان يمني ثالث" بالتأكيد فقوى الجنوب مازالت غير متماسكة كما انها باتت مخترقة من عدة جهات تأتي اخطرها من تيار منغمس في الشرعية ويحمل في ادبياته خصومة شديدة مع اي نزعة استقلالية في الجنوب".
وأضاف أبكر" المؤلم انه ورغم ان الاحداث ومنذ سنتين كلها تصب في صالح الشعب الجنوبي الا ان الشعب ممثل بقياداته لم يستطيع ان ينتهز الفرصة التاريخية ، بينما هناك قوى شمالية مثل الاصلاح انهارت كل قواه العسكرية الا انه استطاع ان يستعيد ما فقده وظل متمسكا بموقفه المتشدد تجاه الجنوب".
وتعهد المخلوع صالح بالدفاع عن الوحدة اليمينة، زاعما انه يمتلك وثائق في مجلس الأمن والجامعة العربية.
وقال صالح في لقاء مع انصاره في صنعاء مخاطبا هادي " هذا بلد محرّم عليكم، عقد 1990 تحقيق الوحدة لن ينفرط لا بإقليم ولا بأقاليم أبعدوها من ذاكرتكم، وثائقنا مودعه في الأمم المتحدة وثائقنا مودعه في الجامعة العربية في منظمة المؤتمر الإسلامي".
وأضاف بكر" اما علي صالح فهو الاقل خطرا لأنه يتعرض لعملية تقليم عنيفة الا انه يظل خطر ماثل لا يمكن اغفاله، لكن في كل الاحوال الجهة الضعيفة والمفككة تظل دائما محل اطماع الاخرين والجنوب وان استمر بهذه الوضعية فاحتمال عودة الشماليين اليه مرة اخرى هو امر غير مستبعد".
البخيتي يدافع عن نفسه
يقول السياسي اليمني علي البخيتي صاحب مبادرة فك الارتباط بين الشمال والجنوب" منذ اللحظة الأولى للوحدة، تآمر الرئيس السابق صالح والإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) عليها، وخططوا للنيل من الشريك الجنوبي، ممثلاً في الحزب الاشتراكي وقتها، ليس بعد سنة أو سنتين من عمر الوحدة، ولا قبل حرب صيف 94م وغزوة عدن في 7/7 من ذلك العام، بالتحالف مع عبدربه منصور هادي وقوى جنوبية أخرى، بل من لحظات الوحدة وأيامها الأولى كما أسلفت، وحديثي هذا ليس مرسلاً، ولا نتيجة خلاف بيني وبين من ذكرت، بل إنه منقول من مذكرات المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر رئيس حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) في حينه، حيث ورد وبالحرف في مذكرات الشيخ الأحمر هذا النص: (وطلب الرئيس علي عبدالله صالح منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي وأنا معهم أن نكون حزبًا في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر، قال لنا: كونوا حزبًا يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر، إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي، وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها، وعلى هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح في حين كان هناك فعلاً تنظيم وهو تنظيم الإخوان المسلمين الذي جعلناه كنواة داخلية في التجمع لديه التنظيم الدقيق والنظرة السياسية والأيديولوجية والتربية الفكرية").
الوحدة نقلت التشطير إلى مربع أعمق
وأضاف" صحيح أن اليمن توحدت سياسياً، وانتهى التشطير، لكن تلك المؤامرة على الوحدة نقلت التشطير الى مربع أعمق وأخطر وهو مربع القلوب، فوحدت الجغرافيا وقسمت الشعب، فبعد سلسلة الاغتيالات التي طالت 149 قيادياً وكاتباً وصحفياً في الحزب الاشتراكي، ومن ثم تفجير حرب 94م، تحولت الوحدة الى أشبه بالاحتلال، حيث طبق صالح وعبدالله الأحمر والإخوان المسلمون (حزب الإصلاح) ما ورد في اتفاقهم السري المنشئ لحزب الإصلاح، والذي نص على أن يؤدي حزب الإصلاح دور المعارض لبعض النصوص الواردة في اتفاقية الوحدة ودستورها، وصالح سيدعمهم في الخفاء، وتطورت الحيلة الى أن انفجرت الحرب، وانقضوا على الحزب الاشتراكي والجيش الجنوبي السابق، متحالفين مع قوى جنوبية كانت في الشمال، مَثَلَهم عبدربه منصور هادي، حيث دخل عدن في نفس المدرعة التي دخلها علي محسن الأحمر، وتم على إثر ذلك تعيينه وزيراً للدفاع، ثم نائباً للرئيس مكافئة له على ذلك الدور.
الاصلاح انشئ لمهمة الانقلاب على الوحدة
وقال" إنحزب الإصلاح أنشئ لمهمة محددة، وهي الانقلاب على اتفاقية الوحدة ودستورها، والاستحواذ على الجنوب كجغرافيا بمعزل عن الانسان فيه وقواه الاجتماعية والسياسية، حزب الإصلاح والرئيس السابق صالح كانوا ولا يزالون الى اليوم ينظرون الى الجنوب كأرض بدون سكان، نفس نظرة الصهيونية العالمية لفلسطين، لذلك هو حزب وظيفي لديه وظيفة واحدة، ولا يزال يمارسها الى اليوم للأسف الشديد، وهي تمكين قوى الشمال من الجنوب، لا أتحدث عن قواعد وأتباع الحزب، فهم مجرد بيادق في رقعة الشطرنج، يتم تحريكهم دون وعي منهم، أتحدث عن قيادة الحزب المحنطة منذ عام تسعين حتى اللحظة، والتي خرجت من دهاليز وغرف جهاز الأمن الوطني التابع لصالح، وعلى رأسهم العقيد محمد اليدومي، الضابط المسؤول في حينه عن التحقيق مع اليساريين والناصريين وتعذيبهم، رئيس الإصلاح حالياً، تلك القيادة لم تتغير ولن تتغير، ولا تزال تمارس ذلك الدور، وان اختلفوا مع الرئيس السابق صالح، لكنهم مستمرون في تأدية دورهم، وهو السعي للاستحواذ على الجنوب وتمكين قوى الشمال منه".
مذكرات الأحمر
وتابع" من خلال ذلك النص في مذكرات الأحمر يتضح جلياً أن الوحدة عند القوى الشمالية التي كان بيدها السلطة في حينه عبارة عن مؤامرة وتذاكي لابتلاع الجنوب، وعندما عجزوا عن تحقيق ذلك عبر الأدوات الناعمة، الانتخابات، والأموال التي أغدقوها عقب الوحدة على نافذين جنوبيين، ومشايخ، وبعض العسكريين، لم يكن من خيار أمامهم الا تفجير الحرب في عمران في البداية ثم الزحف على الجنوب وصولاً للسيطرة عليه في 7/7 1994م".
الوحدة مؤامرة على الجنوب
وتابع" أقولها وبوضوح: الوحدة كانت مؤامرة على الجنوب أكثر منها وحدة وطن، هذا ما كان يدور في خُلد صالح والأحمر واليدومي والزنداني والديلمي والإخوان المسلمين عموماً، ولن أسرد لكم هنا الفتاوى التي صدرت ضد الجنوبيين والجيش الجنوبي والحزب الاشتراكي، الى الدرجة التي أباح فيها الديلمي مثلاً قتل حتى النساء والأطفال والعجزة إذا تمترس بهم الجيش الجنوبي، باعتباره جيش يتبع ماركسيين كفرة، وباعتبار قتل الأطفال والنساء والعجزة في الجنوب مفسدة صغرى إذا ما قورنت بالمفسدة الكبرى وهي انتصار الماركسيين الكفرة (حد وصف الديلمي)".
فرصة ذهبية لبقاء الوحدة وذهبت
وذكر البخيتي " أن فرصاً مهمة توفرت لإصلاح وتصحيح مسار الوحدة، لكننا عجزنا عن توظيفها بشكل جيد، وكانت أهم تلك الفرص هي أحداث (ثورة) 11 فبراير 2011م وما أفرزته، قبل دخول بعض حلفاء 7/7 على خطها وسيطرتهم على قرار الساحات، وصولاً لتشكيل حكومة ما سمي وقتها بالوحدة الوطنية برئاسة باسندوة على المستوى النظري، لكن عملياً كان يرأسها القيادي الإخواني حميد الأحمر، عبر سالم بن طالب الذي فُرض تعيينه على باسندوة كمدير لمكتبه، تلك الحكومة لم تشترك فيها التيارات الجديدة، الحراك الجنوبي والحوثيين، بل أعادت لحمة عصابة 7/7 من جديد، واستمر اقصاء الجنوبيين بشكل أو بآخر، حتى في مؤتمر الحوار الوطني، حيث تآمر هادي والإخوان على القيادي الجنوبي الصلب محمد علي أحمد والشيخ أحمد الصريمة، اللذان كانا أبرز الممثلين للقوى الجنوبية الفاعلة، وقام هادي عبر أحمد بن مبارك بتفريخ ممثلين للجنوب لا يملكون وزناً ولا ثقلاً شعبياً، وقدموهم للمجتمع الدولي والسفراء الأجانب والعرب كممثلين للجنوب، بينما كان أغلبهم عاجزين حتى عن زيارة عدن بسبب السخط الشعبي ضدهم لقبولهم ذلك الدور".
وقال" كنت حاضراً في الحوار الوطني، وفي كل الحوارات والمفاوضات التي جرت بعد الحوار، والزيارات المكوكية الى صعدة لمستشاري الرئيس هادي وقادة الأحزاب للقاء عبدالملك الحوثي قبل دخوله صنعاء، لا أريد أن أسرد لكم الآن ما دار في تلك المرحلة، وكيف تم التآمر على القضية الجنوبية، فقد تناولت الكثير من ذلك في مقالات سابقة ستجدونها في مدونتي على النت، وسأسعى لتسجيل شهادة كاملة حول تلك الحقبة، لكن ما أود قولة الآن هو أن الكل تآمر على القضية الجنوبية، إما عن قصد، أو عن تقصير، أو عجز عن قول الحقيقة واتخاذ موقف، والمحصلة أن الجميع ساهم في ذبح الوحدة من الوريد الى الوريد".
وأضاف" كشهادة للتاريخ أقول أن المسمار الأخير في نعش الوحدة اليمنية دقه (أنصار الله) الحوثيين، بعد دخولهم صنعاء وانقلابهم على السلطة، وتشكيلهم سلطة كهنوتية دينية سلالية رجعية، تنتمي في خطابها ووعيها وممارساتها للقرون الوسطى، أتذكر كيف خرج المواطنون في عدن والضالع الى الشوارع في 21 سبتمبر 2014م، وأطلقوا النار فرحاً بدخول الحوثيين الى معسكر الفرقة الأولى مدرع التابعة للواء علي محسن الأحمر، (وكنت أنا شخصياً احد الفرحين والمنظرين ورأس الحربة الإعلامية والسياسية لما قام به الحوثيين وقتها)، اعتقد الجنوبيون أنهم أمام حقبة تاريخية وسلطة جديدة في الشمال، ستتفاهم معهم على حل عادل للقضية الجنوبية، اما بتصحيح مسارها على أسس صحيحة ومقبولة في الجنوب، او عبر فك ارتباط آمن، بحسب ما أعلنه الحوثيون مراراً، لكنهم صدموا عندما رأوا الحوثيين يمارسون نفس الدور الذي مارسه الإخوان وصالح، وكرروا سيناريوا حرب 94م مع اختلاف بسيط في التفاصيل، لكن المضمون واحد، وهو إعادة احتلال الجنوب بقوة السلاح.... ولذلك تعمقت لدى الجنوبيين ضرورة فك الارتباط، لعدم ثقتهم بأي قوة سياسية شمالية، بعد تجارب مريرة، وباختصار يمكنني القول وأنا مطمئن أن من دمر الوحدة اليمنية وقضى على ذلك الحلم الجميل هم الثلاثي، (صالح، حلف الإخوان وهادي، الحوثيين)، ولا ننسى كذلك مسؤولية قيادة الحزب الاشتراكي السابقة، أيام الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، أو أيام الدكتور ياسين سعيد نعمان، لكنها مسؤولية تقصيرية لا مباشرة أو متعمدة (وهذا يحتاج لبحث مستقل قد يأتي وقته)".
وقال البخيتي" الآن ما هو الحل... يدرك الجنوبيون أنهم غير معنيين بالصراع الدائر في الشمال، وأن انتصار أياً من طرفي الحرب ليس في صالحهم، فان انتصر صالح والحوثيين وهذا مستبعد فانهم سيعيدون الكرة في الجنوب، وان انتصر هادي وشرعيته المدعومة من التحالف العربي بقيادية السعودية والمتحالفة مع الاخوان وعلي محسن وآل الأحمر وألويتهم التي في مأرب والجوف ونهم فسيتفرغون لاستعادة نفوذهم في الجنوب، متحالفين مع الألوية والوحدات التي تدين بالولاء لهادي، وسيتكرر سيناريو 94م، بشكل جديد، لكن المضمون واحد، ولهذا يدرك الجنوبيون أن الوقت الأنسب لترسيخ سيطرتهم على الجنوب وفرض خياراتهم السياسية هو في هذه المرحلة، حيث تدور رحى المعارك حول صنعاء، وليس غداً، بعد انتصار أحد طرفي الحرب، وان انتظروا حتى تنتهي معركة صنعاء، فهم كمن ينتظر حتى يُساق الى المذبح، ويدركون أن عليهم المسارعة الى تشكيل حامل سياسي، من مختلف القوى الفاعلة، يحظى بثقة دول الإقليم، ويعطي انطباع في أن له القدرة على السيطرة على الجنوب اذا ما تم اعلان فك الارتباط، عندها فقط سيجدون دعماً لقضيتهم ولإعلان دولتهم، أما استمرار الأوضاع بهذا الشكل المنفلت، وسيطرة مليشيات مسلحة على مربعات في الجنوب وبالأخص في عدن، وظهورها كالعصابات، وتفشي ظاهرة الإرهاب والحاضنة الشعبية له في بعض مناطق الجنوب، إضافة الى الممارسات التعسفية بحق الشماليين ومصادرة ونهب ممتلكاتهم المشروعة، يعزز الرأي القائل أن هذه الأطراف غير قادرة على بناء دولة في الجنوب، وهذا ما يدفع الأطراف الإقليمية والدولية الى رفض الاعتراف بالواقع الجديد في الجنوب".. مؤكدا انه " مع فك ارتباط آمن بين الشمال والجنوب، ويعم الاستقرار في كلا الشطرين، وتنتهي المؤامرات والمكايدات، ومع إعادة التلاحم بين اليمنيين في الشمال والجنوب كشعب عربي مسلم، أنا مع ان ننقل الوحدة من جديد الى القلوب والى المستوى الشعبي، ولا أريد وحدة سياسية على امتداد مساحة اليمن يسيطر عليها انتهازيين وقوى طفيلية غير قادرة على تمكين المواطنين الشماليين من حقوقهم في الجنوب، ومع انفصال يُتاح فيه للمواطنين في الشطرين التنقل والعمل وتبادل الزيارات واستمرار العلاقات الأسرية والاجتماعية والنسب والمصاهرة بحرية، مع أن نتعامل بواقعية مع الحقائق التي رسمها الدم الذي سُفك خلال العامين الماضيين، بدلاً من التغني بالشعارات الفارغة عن الوحدة أو الموت، التي لا تزال تعشعش حتى في عقول بعض النخبة في الشمال للأسف الشديد، وآخرهم وزير الثقافة السابق خالد الرويشان، الذي قال العبارة التي قصمت ظهر البعير –سنقاتل من أجل الوحدة- وتسببت في صدمة للكثير من نُخب الجنوب، ومع أنه حذف منشوره الا أنه لم يعتذر عما قاله، ولم يقول للجنوبيين بوضوح أن لهم الحق في تقرير المصير، وأن شعار (الوحدة أو الموت) من الماضي ولا يمكن أن نقاتل تحت رايته".
وختم" ما سطرته أعلى هذا، والمبادرة التي أطلقتها، نتيجة إيمان عميق وإدراك أن فك الارتباط هو المدخل لحل الأزمة في اليمن، بحسب المعطيات المتوفرة الآن، والمخاوف والهواجس التي تعتريني من خطورة استمرار هذا الوضع الشاذ على وحدة الشمال، وعلى وحدة الجنوب كذلك، وبالأخص أن المنطقة برمتها يُعاد ترتيبها وتقسيمها على أسس طائفية، وبالتالي وبناء على ما سبق، فإن فك الارتباط في مصلحة الشمال والجنوب، ليلتفت كل منا الى بلده ليصلح أوضاعها، ويواجه المخاطر الداخلية والمشاريع القديمة، الطائفية والمناطقية، التي تواجه كل شطر، قبل أن تنتقل عدوى التشطير الى داخل الشمال وداخل الجنوب، ولن أطالب بعد اليوم بالوحدة، ولا حتى بتصحيح مسارها، الا إذا طالب الجنوبيين بذلك، فأي شمالي يتحدث عن الوحدة يتسبب بردة فعل عكسية متشنجة من الجنوبيين، وبالأخص الكتابات التي تتحدث عن الوحدة أو الموت، أو عبارة الرويشان (سنقاتل من أجل الوحدة)، ولهذا أنا وبصريح العبارة وأقولها علناً مع خيار فك الارتباط، كخيار أول، ومع تصحيح مسار الوحدة إذا طالبت به القوى الجنوبيون نفسها، لأنهم المعني الأول بالقضية الجنوبية، أتحدث عن القوى الجنوبية على الأرض، لا عن القوة الطفيلية التي تدعي تمثيل الجنوب".
ما الذي يريده علي البخيتي الآن؟
وردا على مبادرة البخيتي قال الصحافي سامي الكاف" ما هو مهم بالنسبة للبخيتي الآن، وقف ما يدور من حرب قرب صنعاء، فنتيجة ذلك هو ضرر للجنوب من وجهة نظره، في حين ان النتيجة الطبيعية لوقف الحرب هو إعادة الحياة لصالح، و بالتالي، لحلفه مع الحوثيين الذي يزعم البخيتي انه ضدهما، فأقصى ما يستطيعه هذا الحلف هو الاستمرار في صموده و ليس الانتصار في هذه الحرب كأحد خيارين طرحهما البخيتي كتوقع لمآلات الحرب. و كلا الخيارين ، وفق البخيتي، هما ضد الجنوب: أي انتصار قوات التحالف العربي لاستعادة شرعية الرئيس هادي هو ضد الجنوبيين أيضاً".
وأضاف" البخيتي، مثلما هو محام كما هو مفترض في سيرته الذاتية، يدرك هذا الأمر تماماً. فضلاً عن ذلك، يوجّه - بطريقة غير مباشرة- إلى كل الأطراف ذات الصلة بالحرب في اليمن، و إلى المجتمع الدولي و الأمم المتحدة و مجلس الأمن فيها، يوجّه رسالة واضحة عن الوضع في ما كان يُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الوضع الذي لا يؤهل اطلاقاً لا لفك إرتباط و لا لقيام أي دولة بالمطلق، فهذا الوضع ، حسب نص كلام البخيتي: ((تسيطر عليه مليشيات مسلحة على مربعات في الجنوب وبالأخص في عدن، وظهورها كالعصابات، وتفشي ظاهرة الإرهاب والحاضنة الشعبية له في بعض مناطق الجنوب، إضافة الى الممارسات التعسفية بحق الشماليين ومصادرة ونهب ممتلكاتهم المشروعة))، هو واقع جنوب اليمن اليوم ، و بالتالي فان النتيجة الحتمية في لو تم إعلان فك الارتباط و هو مستبعد وفق ما تم شرحه سلفاً، فإن جنوب اليمن، أو إن شئنا الدقة: أرض جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ستغرق في الفوضى و هي فوضى مسلحة و إرهاب، فضلاً عن كون القوى التي تسيطر على بعض الأراضي فيها لا تملك المشروعية القانونية لفك الارتباط و لا حتى موحدة في ما بينها و ما زالت تعيش في صراع مناطقي عميق لا سيما مثلث الضالع - أبين - يافع، كما أن حضرموت شأنها مختلف عن عدن، كما هو حال شبوة إلى حد ما، و هو ما يدركه البخيتي، و لعب عليه على نحو حذق".
وفي خضم الجدل السياسي بين الوحدة وفك الارتباط يعود صاحب شعار الوحدة او الموت (الجديد) خالد الرويشان إلى التهديد بالقتال دفاعا عن اليمن الكبير حسب زعمه.
وذهب للتذاكي بانه لم يقل الوحدة او الموت، لكنه سرعان ما ناقض كلامه بانه سوف يدافع عن اليمن الكبير في تصريحات اثارت حالة من السخرية.
وردا على تصريحات الرويشان، أكد السياسي الجنوبي أحمد الصالح " بعد سقطته أمام الملأ يحاول وزير الثقافه الأسبق أن يلمع صورته ويحسن مظهره ونظرة الناس له من خلال إنكاره وجحوده قول شعار الوحدة او الموت، والمشكلة الأكبر انه يحاول جاهدا استغباء الناس من خلال تحريف الألفاظ ومواقع الكلمات ظنا منه انه سيفلح في ذلك".
وأضاف الصالح" عبثا ماتفعله يارويشان فالناس ليسوا جهلة إلى الحد الذي تتوقعه وتحاول أن تقنعهم بإستخفاف وسذاجة (إلا الوحدة! سنقاتل من اجل أحلامنا ومستقبل اجيالنا) هكذا قلتها نصاً، قتالك معطوف على ماقبله وهي الوحدة".
وقال" بلا...قلتها يارويشان ولكن بلغتك الخاصة ولفظك الذي ظننت أن لا أحد يفهمه غيرك
فلفظ الوحدة أو الموت كان لغة الإسلاميين المتشددين والعكسر المهوسين بالدماء ولفظ إلا الوحدة كما قلته انت كان لغة من يزعمون أنهم من النخبة المثقفة".
وقال" كان بإمكانك قول ان الوحدة ليست مقدسة ولا تفرض بالقوة وتؤكد انك مع حق تقرير المصير لشعب الجنوب لتثبت انك ضد شعار الوحدة او الموت ولكنك لم ولن تفعل ذلك لإيمانك العميق بشعار الوحدة أو الموت ولو بلغة أخرى".
وعن زعمه ان نصف من الجنوب قال الصالح" بلا...قلتها حتى وإن كان ثلاثة ارباعك جنوبي كما زعمت محاولا إظهار حبك لأهل الجنوب كذبا وزيفاً، لست بحاجة ليكون نصفك جنوبي ولن تكون كذلك لتخفف من سقطتك التي كتمتها كثيرا داخلك واظهرها الله لتظهر حقيقتك التي كان يجهلها الكثير".
وأكد الصالح" أن الوحدة انتهت في الجنوب ولم يبقى الا الموت فمن ارداه فليذهب ليجده".
من جهته قال السياسي الجنوبي نبيل العوذلي" إن من يقول ان الوحدة مشروع سياسي غير إجباري يمكن تصحيح مساره سنحترم ما يقوله حتى ان اختلفنا معه وأن اتفقنا سنبحث كيفية ذلك، واما من يقول الوحدة إجبارية وانظروا جنوب السودان بعد انفصاله ولا يتحدث عن تجربة سنغافورة بعد انفصالها عن ماليزيا فهو انتهازي".
وأضاف" انتهت اسطوانة الصوملة وظهرت اسطوانة جديدة وهي جنوب السودان انظروا جنوب السودان لقد انفصل الانفصال ليس حل ها هم يعيشون مجاعة وحرب ورغم ان الجنوب عكس جنوب السودان فنحن دولة ولدينا موروث حضاري وثقافي حتى ان انصار الوحدة يسمونا اهل الحكمة لكن يهددونا بالفشل ان استقل الجنوب وانهم هم الضامن لأمننا وحياتنا واستقرارنا ".
وقال العوذلي" التقى علي البخيتي بنائب رئيس الشرعية علي محسن الاحمر وقتها لم يعلق الاصلاحيين على اللقاء ولم يحذروا محسن من البخيتي ولم يذكروه ان هذا كان او لا زال حوثي، وعندما تحدث عن القضية الجنوبية والحل من وجهة نظره قالوا انتبهو ايها الجنوبيين هذا رجل مكار لا ادري هل خائفين علينا منه ام انهم رافضين لما قاله جملة وتفصيلاً، لنقل ان الرجل الشرير يخفي مقاصد عكس ما يظهرها لماذا لا تكونوا انتم من يطرح ما طرحه هو دعونا من مقاصده وانتمائه وشخصه هناك طرح او مبادرة هي محور الحديث من سياسي يمني، اقدر غيرتكم منه كشاب نشط بغض النظر عن اختلافنا معه لكن ان تقولوا من هو البخيتي ليتحدث هكذا او يخوض فيما لا يعنيه اقول لكم البخيتي هو من استقبله محسن واجتمع بالسفراء وله علاقة بكل الاطراف وأن كانت المبادرة او الطرح من عفاش نفسه او الحوثي نفسه أين المشكلة بما ان لا حسم والرعاة الدوليين مصرين على التسوية السياسية فستضطروا للاعترف بهم والشراكة معهم ".
وأكد" أن قدموا هم نفس المبادرة بصورة واضحة ومباشرة لتفاعلنا معها ايضاً فلدينا قضية سياسية نرحب بمن يثيرها او يتحدث عن حلول مرتبطة بها ونعود ونكرر ان الفصل المباشر غير وارد وانما ما طرحه البخيتي سيدفع لمناقشة حل وسط يضمن وحدة الشمال و وحدة الجنوب و وحدة اليمن مؤقتاً وربما وحدة دائمة فما يهدد مطلب الجنوبيين بالانفصال هي الوحدة فقط اي بمعنى اوضح وجود وحدة قائمة بين طرفين وحدة شراكة لا ضم والحاق ستدفع الجنوبيين للعمل السياسي وستدفع الجنوبيين لتغيير مواقفهم بمرور الزمن فالشعب الجنوبي بطبيعته وحدوي لكن انتهاء الوحدة هي من دفعته لمطلب فك الارتباط وعودة الوحدة بمفهوما الصحيح قد تغير الكثير وأن عدنا لأفضل اغنية ثورية جنوبية نجد انهم يتغنون ( انا الانفصالي رغم اني الوحدوي ) تريدون ان تحافظوا على الوحدة اعيدوها واتركوا تجربتها للجنوبيين لكي يحكموا عليها امتلكوا شجاعة وجرئة الشرير البخيتي بما انكم انتم الاحرص والاطيب والانقى والاطهر".
وأكد العوذلي" هناك ثلاثة مطالب في اليمن رفض الاقاليم من قبل القوة المسيطرة على الشمال فك الارتباط من القوة المسيطرة على الجنوب 6 اقاليم من القوة المسيطرة على اجزاء من مارب".. مشيرا إلى أن" الحل الوسط هو الاقليمين ففيه نحفظ وحدة الشمال و وحدة الجنوب ونعطي فرصة لتجربة جديدة للوحدة الحقيقية بين طرفي الوحدة ".
وبعيدا عن الجدل اليمني يظل حزب الاصلاح اليمني الموالي للشرعية هو من يعمل في السر على تمكين نفسه من عدن والجنوب، حيث كشفت مصادر جنوبية عن مساع تقوم بها قيادات اصلاحية لاعادة فتح وسائل إعلام شمالية بالتزامن مع حملة إعلامية لشيطنة القوى الجنوبية والحراك الجنوبي باعتباره قوى متمردة، الامر الذي يؤكد المساعي الشمالية لإعادة السيطرة على الجنوب مرة أخرى.
وقالت مصادر حكومية ان قوى شمالية موالية للشرعية تريد اعادة بث قناة اليمن وصحف الثورة 26 سبتمبر وفتح مكاتب قنوات يمنية في عدن في محاول لترويض الجنوبيين وشيطنة الحراك الجنوبي، عبر منظمات تدين بالولاء للشمال.
وبين كل هذا تبدو مؤشرات حرب ثالثة تطرق ابواب الجنوب، وقد يكون الخاسر الأكبر الجنوب ولا يتوقع ان تقوم له قائمة في حالة وهزم في الحرب التي يحضر لها الشمال بعيدا عن اعين الحلف العربي او عن قرب.