ترجمة..

تقرير: لماذا يزيد التشاؤم بشأن الاقتصاد العالمي؟

أسواق السندات تدق ناقوس الخطر على جانبي الأطلسي والوضع أسوأ في أوروبا

واشنطن

في 22 مارس الماضي، دفع مسح الصناعات التحويلية الأسوأ في ألمانيا منذ 7 سنوات المستثمرين إلى الاندفاع لشراء السندات. ولأول مرة منذ 3 سنوات، تنخفض عائدات الدين الحكومي الألماني لمدة عشر سنوات إلى ما دون الصفر؛ ما يعني أن المستثمرين على استعداد للدفع للاحتفاظ بها. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، انخفض العائد على سندات الخزانة لمدة عشر سنوات في الولايات المتحدة إلى ما هو أقل من ذلك في مجموعة متنوعة من المعدلات خلال ثلاثة أشهر كان آخرها عام 2007، وهي واحدة من “الانقلابات” في عائدات سوق السندات التي سبقت كل من أزمات الركود الأمريكي السبع السابقة.

ويثير تاريخ أزمات سوق السندات مثل هذه المخاوف من أن الصعود العالمي في عامَي 2017 و2018 قد يفسح المجال للتراجع. وربما لهذا القلق أسباب وجيهة؛ حيث عززت التخفيضات الضريبية الطلب في أمريكا، لكن ذلك لن يتكرر بسبب الحرب التجارية الطاحنة مع الصين. وعلى الرغم من كل ما سبق؛ فإنه قد يكون التشاؤم بشأن الاقتصاد العالمي خيارًا عشوائيًّا، حيث تظل أمريكا وأوروبا في مواقع مختلفة إلى حد كبير.

فقط أوروبا يجب أن تكون مصدر قلق عميق؛ إذ يوحي منحنى العائد المقلوب الأمريكي بأن ارتفاع سعر الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، وهو التاسع خلال 3 سنوات، سيكون الأخير في الوقت الحالي، لكن هذا لا يعني أن الركود وشيك، فقد أقر بنك الاحتياطي الفيدرالي –متأخرًا- أن مخاطر النمو قد ارتفعت كما أكد جيروم باول، رئيس مجلس الإدارة، في 20 مارس الماضي. وتظل أمريكا في موقع قوة نسبية؛ حيث انخفض معدل البطالة، والمستهلكون غارقون في النقود، ونسبة التضخم قريبة من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.

وتظل أوروبا في وضع أسوأ، فإذا كانت أمريكا قد أنهت رفع أسعار الفائدة؛ فإن الاتحاد الأوروبي لم يبدأ من قبل. ويمكن أن يكون النمو هذا العام أكثر بقليل من 1%؛ حيث ضعف نمو الأجور، والتضخم أقل من الهدف، وإيطاليا في حالة ركود. ومع اقتراب معدلات الفائدة من الصفر، كان رد البنك المركزي الأوروبي هو تأجيل تشديد السياسة النقدية وتوفير تمويل أرخص للبنوك. وربما يكون استعدادها للقيام بالمزيد محدودًا، ففي السابع والعشرين من مارس، قال ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، إن البنك يرى أن توقعات التضخم قد “تأجَّلت بدلًا من أن تخرج عن مسارها”.

ولعل السبب الرئيسي لتباطؤ الاقتصاد في أوروبا، خصوصًا ألمانيا، هو انخفاض أنشطة التجارة العالمية، خصوصًا تباطؤ الطلب الصيني على السلع؛ حيث تعتمد القارة على الأسواق الآسيوية أكثر بكثير مما تعتمده أمريكا، وقد تباطأت معدلات الطلب الواردة من الصين بدءًا من أواخر عام 2018. وبينما يحاول صانعو السياسة تحفيز الاقتصاد، يمكن للصين أن تنقذ أوروبا، خصوصًا إذا توصل دونالد ترامب وشي جين بينغ إلى اتفاق تجاري.

ويعد اعتماد مصير منطقة اليورو على تطورات الصراع بين بكين وواشنطن تقصيرًا من قادتها في أداء الواجب. إنها قوة اقتصادية عظمى وذات أذرع مالية ونقدية، وبالتالي يجب أن تكون قادرة على مواجهة الانكماش بنفسها. غير أن حلول التحفيز النقدي غير التقليدية ستكون أكثر صعوبة بفضل الرعب في شمال أوروبا من الظهور ومحاولة توفير أموال لسد العجز. ومع ذلك يظل هناك مجال لدى منطقة اليورو للتحفيز المالي؛ حيث بلغ العجز الكلي في الميزانية 0.6% فقط من الناتج الإجمالي المحلي عام 2018، بينما بلغ صافي الدين العام 69%.

ولأن أوروبا تفتقر إلى سياسة مالية مركزية -وهذا في حد ذاته فشل للسياسيين- تقع المسؤولية على عاتق البلدان فرادى. ويمكن لأولئك الذين لديهم موارد مالية صحية؛ مثل ألمانيا وهولندا، أن يسهموا في تخفيف الأزمة بالتركيز على التخفيضات الضريبية، وتعزيز الإنفاق على البنية التحتية للقطاع العام والدفاع. وإن لم يفعلوا ذلك؛ فإن منطقة اليورو ستخاطر بالعودة إلى الركود، وهو الفخ الذي واجهته بعد الأزمة المالية. وفي حال تساهلت منطقة اليورو مع هذا الخطر باسم الحكمة؛ فإنها ستكون هزيمة ذاتية. والمدهش أن كل المؤشرات توحي باتجاهها نحو ذلك!

Qposts