تبعات عسكرية وسياسية عميقة..
أكاديمي خليجي يفك شفرة سحب القوات الإماراتية في اليمن
أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات عبدالخالق عبدالله، أن مشاركة الإمارات في حرب اليمن لم تكن مشاركة رمزية وعابرة بل كانت فاعلة وفعالة ومن الصعب الاستغناء عنها او استبدالها بسرعة وبسهولة.
واعتبر، في مقالة نشرتها سي إن إن الأمريكية، تحت عنوان "دوافع سحب الإمارات لقواتها من اليمن" أنه "سيكون لهذا القرار الاستراتيجي تبعات عسكرية وسياسية عميقة وإيجابية وبعيدة المدى، إذا أُحسن استقباله من قبل جماعة الحوثي المتمردة والمدعومة من إيران. فقد يخلق قرار الإمارات تخفيض قواتها أرضية خصبة ومناسبة لإحياء جهود السلام وانهاء الحرب في اليمن.
وأضاف الدكتورعبدالخالق عبدالله: "يمكن لهذا القرار إذا أحسن فهمه في طهران، أن يكون له مفعول ضخم في تخفيف حدة الاحتقان والتوتر الإقليمي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة خلال 2019. الكرة الآن في ملعب الخصم الحوثي والإيراني، وعليهما الرد على خطوة الإمارات بأحسن منها".
وتابع: "لكن مهما كان الرد الحوثي الأولي مترددا ومتشككا، فالمؤكد أن قرار الامارات قرار نهائي واتخذ بعد تفكير عميق وبالتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن".
واستدرك قائلا: "لكن الانسحاب العسكري لن يكون سريعا بل سينفذ بشكل تدريجي وسيتم على عدة مراحل وسيشمل في المرحلة الأولى تقليص القوات الى نصف العدد الراهن الذي يبلغ 5000 جندي، كما سيشمل سحب الآليات والمدرعات والدبابات والأسلحة الثقيلة وطائرات الهليكوبتر ونظم الدفاعات الصاروخية والاعتراضية المتطورة من عدة جبهات بما في ذلك جبهة الحديدة والشريط الساحلي الغربي وميناء عدن.
ووفق الأكاديمي الإماراتي، فقد "تم سحب نحو نصف قوات الإمارات العاملة في اليمن حتى الآن رغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك".
ورأى أن قرار سحب قوات الإمارات يأتي منسجماً مع مستجدات جبهات القتال في اليمن. فمن ناحية أولى وبعيدا عن الاشتباكات الجوية المستمرة، فإن أهم دافع لقرار سحب القوات هو التراجع الملحوظ في كم ونوع العمليات القتالية على ارض الواقع بنسبة 80% في بعض الجبهات خلال النصف الأول من 2019.
وشدد أن هذا الانخفاض الكبير في المواجهات اليومية في ساحات القتال هو الدافع الأهم لخفض التواجد العسكري الإماراتي في اليمن.
وأشار إلى أن قرار الإمارات سحب قواتها من اليمن جاء متزامنا مع استمرار الهدوء النسبي على جبهة مدينة وميناء الحديدة منذ توقيع اتفاقية استكهولم، خاصة خلال الشهور الأخيرة من سنة 2019.
وقال الأكاديمي الإماراتي: "كانت جبهة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر، أهم وأكبر جبهات القتال خلال السنتين الأخيرتين. لكن بسبب تراجع القتال قامت الإمارات بسحب تدريجي ومنظم لنحو 80% من قواتها التي كانت على وشك حسم معركة الحديدة وتحريرها من سيطرة المليشيات الحوثية.
توقف القتال في جبهة الحديدة كان من أبرز الاعتبارات الدافعة لإعادة تموضع قوات الإمارات ولاحقا سحبها.
وذكر أن هناك أيضا دافعا ثالثا بنفس الأهمية ويرتبط بجهوزية القوات الداعمة للشرعية التي تقوم حاليا بمهمة التصدي لخروقات جماعة الحوثي وتحرير ما تبقى من مدن وقرى وموانئ يمنية تقع تحت سيطرة هذه الجماعة.
ولفت أن أكثر من مسؤول إماراتي أكد أن الإمارات ودول التحالف العربي تمكنت من تدريب وتسليح قرابة 90 ألف جندي داعم للشرعية في اليمن. لقد أصبحت هذه القوات اليمينة جاهزة بعد أن أثبتت كفاءة قتالية احترافية وجهوزية عالية في المواجهة مع مليشيات الحوثي في أكثر من جبهة قتالية.
وأضاف: "تعتقد الإمارات أنها أدّت واجبها القومي على أكمل وجه، وربما أكثر من غيرها، بعد أكثر من أربع سنوات من المشاركة الفعالة في حرب اليمن، ودفعت ثمن هذه المشاركة باهظا، وحتما أكثر من غيرها، بشريا وماديا ومعنويا وسياسيا".
ونوه إلى أن مشاركة الإمارات في حرب اليمن جاءت بالتنسيق التام مع السعودية، واليوم يأتي الانسحاب التدريجي أيضا بتفهم تام من قيادة التحالف العربي".
وشدد أنه لا أحد يستطيع بعد قرار سحب قواتها من اليمن، ان يضع اللوم على الإمارات أنها مسؤولة عن إطالة الحرب في اليمن.
وخلص الدكتور عبدالخالق عبدالله إلى القول بأن "إطالة الحرب مسؤولية تتحملها جماعة الحوثي المستفيد الأكبر من استمرار الحرب والمتضرر الأكبر من تحقيق السلام. إيران أيضا ترغب للحرب في اليمن ان تستمر الى أجل غير مسمى من أجل استنزاف كل من السعودية والامارات".