"الجباري والجبواني والميسري" في مسقط..
تقرير: هل اعتزمت "السعودية" إعادة تصحيح مسار "الشرعية"؟
ثلاثة مسؤولين في حكومة رئيس اليمن المؤقت، عبدربه هادي، يحطون رحالهم أخيرا في سلطنة عمان، بعد رحلة تبدو شاقة من الرياض إلى القاهرة، رحلة انتهت بهم بعيدا عن التحالف العربي، قريبا من التحالف الرباعي الذي بدأ يتشكل بعد أن نجح في استقطاب أطراف متعددة في حكومة الشرعية المدعومة دوليا وإقليميا.
منذ وقت مبكر بدأ أحد أقطاب التحالف الرباعي بالبحث عن موطئ قدم في عدن، فتحقق له البعض عن طريق وزير داخلية الحكومة اليمنية أحمد الميسري الذي استغل الأمر من باب اللعب على التناقضات للحصول على مكاسب أقلها رئاسة الحكومة اليمنية، غير أن أحداث عدن الأخيرة حالت دون ذلك، ليجد نفسه لاجئا في أحد اجنحة فنادق الرياض، إلى جوار الكثير من المسؤولين اليمنيين الذين اعتقدوا أن تحرير اليمن ليس الآن بل الأهم من ذلك الحصول على مكاسب مادية وسياسية.
ظن وزير داخلية الشرعية - وانضم إليه وزير النقل صالح الجبواني - أن المرحلة تتطلب اللعب على كافة الأوراق والتناقضات، فالوفود التركية ظلت تتوافد إلى عدن وعلى أعلى مستوى، حينها ظن الثنائي أن المرحلة قد بدأت لابتزاز السعودية من خلال توجيه اتهامات صريحة للمملكة باحتلال محافظة المهرة.
كانت هذه الاتهامات بمثابة تلبية لرغبة قطرية تركية، غير أنها حملت أيضا مغازلة لدور عماني في جنوب اليمن، على الرغم من دخول مسقط بقوة في الصراع على إثر احتضان من يعتقد أنهم حلفاء إيران في الجنوب.
حين تم الضغط على القوات العسكرية في مأرب والتي تتبع تنظيم الإخوان المسلمين، رفض قادة هذه القوات التي يشرف عليها بشكل مباشر نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، رفضوا خوض أي معارك ضد الحوثيين، قبل أن يخرج رئيس دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع بمأرب العميد محسن خصروف للتبرير أن السعودية لم تمنح الجيش اليمني في مأرب أسلحة وصواريخ طائرات، ممتدحا إيران التي قال إنها منحت مليشيات الحوثي صواريخ وطائرات مسيرة.
وقد تسببت هذه الاتهامات في قيام الرئيس هادي بإقالة خصروف الذي وصف الحرب في اليمن بأنها حرب للدفاع عن السعودية، وليست عن انقلاب حوثي على سلطات اليمن الرسمية والشرعية.
وتشير مصادر وثيقة الصلة لـ(اليوم الثامن) إلى أن "السعودية منعت مسؤولين يمنيين ودبلوماسيين من دخول أراضيها على خلفية وقوفهم في صف قطر ضد التحالف العربي". أطاحت السعودية بمسؤولين في السفارة اليمنية بالرياض على خليفة مهاجمة دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الفاعل في التحالف العربي، قبل أن يعلن هؤلاء وقوفهم إلى جانب قطر ضد السعودية، وهي المواقف التي ربما أعادت رسم خارطة التحالفات، ليتبين أن الكثير من المؤيدين لحكومة هادي يهربون نحو محور التحالف الرباعي، قبل أن تحتضن سلطنة عمان الهاربين من السعودية، وتطلب الأردن من آخرين مغادرة أراضيها على خلفية هذه المواقف المناهضة لمشروع التحالف العربي الذي تشارك فيه عشر دول عربية وإسلامية بقيادة السعودية.
سيطر الإخوان على القرار الرسمي والرئاسي وأقالوا كل من يخالف مشروعهم، لكن ذلك دفعهم إلى مواجهة مع السعودية التي تقود التحالف العربي، والتي تبين أنها لم تكن راضية أن يستمر حلفاء الدوحة في أخونة الشرعية، خاصة بعد أن سيطرت قوات مأرب على محافظة شبوة الجنوبية، ودشنت مرحلة الأخونة لكل المؤسسات المحلية والأمنية والعسكرية وأجهزة المخابرات. وتشير معلومات وثيقة الصلة إلى أن قطر الطرف الثاني في التحالف العربي تقوم بتمويل أنشطة سياسية وعسكرية عن طريق سلطنة عمان التي انتقل إليها الكثير من الأطراف المرتبطة بإيران وقطر وتركيا، وأصبحت تتخذ من مدينة صلالة مركزا لأنشطتها.
وقال مصدر مقرب من وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري إنه أخبر الأسبوع الماضي عقب وصوله إلى مصر أنه سوف يتزعم تحالف يمني أطلق عليه الإنقاذ، وأنه أوسع تحالف محلي يضم جميع الأطراف المناهضة للتحالف العربي والتي لها ارتباطات إقليمية بقطر وإيران، وأن هذا التحالف السياسي سوف يبدأ قبل إشهاره رسميا جولات دبلوماسية في العديد من البلدان من أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية لطرح المشروع الذي يتبناه. وأكدت مصادر وثيقة الصلة أن وزيري الداخلية أحمد الميسري والنقل صالح الجبواني وصلا إلى سلطنة عمان عقب رفض السلطات المصرية منحهم إقامة في بلدهم، على خلفية ارتباطهما بقطر التي تقول القاهرة إنها تمول أنشطة إرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار فيها. ورافق الميسري والجبواني المسؤول اليمني الزيدي عبدالعزيز جباري الذي له ارتباطات قديمة بحزب الله اللبناني أحد أذرع إيران في المنطقة، والذي طلبت منه السعودية مغادرة أراضيها برفقة صالح الجبواني وأحمد الميسري على خليفة مواقفه المناهضة للتحالف العربي. وأصدر الثلاثة بعد وصولهم إلى مصر بياناً، كشفوا من خلاله عن نيتهم الخروج من الشرعية والانضمام إلى المعسكر الآخر. وفيما تشير مصادر إلى نية هادي إقالة الميسري والجبواني من منصبيهما، استبعدت مصادر أخرى قيامه بذلك في هذه المرحلة، وهو ما يعني ترك الفرصة للسعودية لإعادتهما إلى أراضيها، لكن قد يكون الأمر مختلفا بعد وصولهما إلى سلطنة عمان.
يسعى الميسري لتزعم مجلس الإنقاذ الوطني الذي أعلن عنه فادي باعوم.. غير أن مصادر مقربة من الأخير أكدت أن رئاسة المجلس ستؤول إلى الشيخ علي سالم الحريزي، على اعتبار أنه أول من خرج رافضا لتواجد القوات السعودية في المهرة، الأمر الذي يبدد حظوظ الميسري في ترأس المكون الجديد والخاص بالجنوب والذي تموله الدوحة عن طريق شقيقتها سلطنة عمان. وتؤكد المصادر أن الميسري يرغب في إقالته من المنصب الذي أصبح من المحال العودة إليه، لأنه يرى في الإقالة مكسبا سياسيا قد يعيد ترتيب شعبيته التي انهارت جنوبا عقب تحالفه العلني مع تنظيم الإخوان والتنسيق مع قوات مأرب التي تحتل شبوة وأجزاء من أبين. ولم يقتصر الأمر على طرد الميسري والجبواني والجباري من السعودية، فقد أعلن مسؤول ودبلوماسي يمني أن الرياض طلبت منه مغادرة أراضيها على خلفية موقفه المناهض للمشروع العربي.
وقال الدبلوماسي اليمني مطهر عنان إنه غادر السعودية بناء على طلب من الخارجية بضرورة مغادرة البلد، وهو ما فعله، لكنه لم يكشف البلد الذي غادر إليه، لكنه على الأرجح أنه ذهب نحو سلطنة عمان. وكتب عنان - وهو مستشار في وزارة الخارجية اليمنية - تصريحا صحفيا على تويتر قائلا "الأخوة الأصدقاء المتابعون المغتربون، أستودعكم الله، أطلب منكم المسامحة والدعاء، غادرت المملكة بناء على طلب من الخارجية السعودية، وسأظل معكم وفي خدمتكم في كل مكان، لن أغيب عنكم ولن تغيبوا عني، حب اليمن يجمعنا".
وترى مصادر دبلوماسية أن إعادة تصحيح الشرعية وتصويب الأخطاء باتت مسألة ضرورية، خاصة في ظل تزايد الهجمات الإرهابية الحوثية والإيرانية على منشآت حيوية سعودية، وهو ما يبدو متاحا في ظل وجود انقسامات في صفوف حكومة هادي الشرعية التي تتجاذبها أطراف إقليمية على حالة عداء مع الرياض التي تقود التحالف العربي لمحاربة المد الإيراني.