قصه محبوكة..
الجوكر
الجوكر
قصه محبوكة من فنان بارع، كتابها من حبر دمه، وكأنها حدثت له، تحبس أنفاسك فيها من البداية إلى النهاية لبساطة سردها، ولوضوح معالمها، كل شيء فيها يودي إلى تصاعد الإحداث، حتى تكتمل الصورة ويصبح بطل الفيلم فيها شريرا، عوضا عن الطيب.
بدا المؤلف الفيلم ومخرجه بذكاء شديد من أول وهلة، مما جذب المشاهدين لاستكمال الفيلم، فالدقائق الأولي هي التي تحكم عن جمال أو رداءة الفيلم، والمشاهد الأولي معبرة، أتذكر منها اعتصام عمال القمامة، لعدم اخذ مستحقاتهم، مما يودي إلى انتشار القمامة ورائحته الكريهة، وهذا يشير إلى انتشار الفساد، فكلهم نفس الرائحة النتنة، وعدم الوفاء بمطالبهم يذعن أن المجتمع طبقي، مما ينبأ بثورة الفقراء، تناقض الجوكر، فهو يبدأ بالتضحية والإيثار، يهزل جسده من أجل غذاء أمه ورعايتها، وتشعر أمه بذلك وتداعبه بالأمل، بحديثها، عن معرفة العمدة، وأنها قد عملت معه من قبل، وسيساعدهم، لكنه لا يلفت لها انتبها، وكأنه فقد الأمل في كل شيء.
وتبدأ الأسباب، التي تحوله من رمز للتضحية إلى مجرم، مشهد خروجه لينشر البسمة على وجه الجمهور، فتسرق منه اليافطة، فيجري وراءهم، فيضربوه، وهنا يدرك أن براءته ستقتله، في مجتمع عديم الإنسانيّة.
يحكي لأحد زملائه، الذين يكرهونه لأنه مختلف عنهم، وكان الاختلاف جريمة يعاقب عليها القانون! هذا البغيض يعطيه مسدس، ويوصي إلا يتركه، حتى يدافع عن نفسه، فيأخذه بفرح، وكان داء البراءة لم ينتزع منه بعد، على اثر ذلك يأخذ .
المسدس معه في أحد حفلات تهريج الصغار، وهنا يلعب القدر لعبته القذرة، ويظهر المسدس معه، مما يصيب رئيسه ..والعاملين معه بالفرح، لينقضوا عليه برفده، وكأنه هو فريسة وهم اسود لم تأكل قط.
إما المشهد شديد القاتمة، انه يحاول رسم البسمة على وجه طفل مع أمه وهيئتها تدل على الفقر، فيضحك الطفل من حركاته، فتنظر إليه إلام، وتأمره إلا يفعل ذلك، وكان البسطاء ليس لهم الحق في الضحك فهو مقصور فقط على الأغنياء، مما يجعله يفقد الثقة في نفسه ويصاب بالحالة النفسية المعتادة، إلا وهي ضحك مستمر كلما عانى من فشل.
بعد طرده من العمل، خيم الحزن عليه، فكيف يوفر لامه المسكينة فتات الطعام لتكمل حياتها؟ وبعد صعود المترو، وجد أناس على وجوهم القذارة يضايقوا فتاة بهزارهم السمج، فحزن، وأتت إليه نوبة ضحك، فذهبوا إليه ليضربوه، ظنا انه يسخر منهم، حاول أن يفهمهم لكن دون فائدة، فقد ركبا عقلهم حمار، وبدا يضربا، لكن رفض في هذا المشهد أن يضرب، وخرج مسدسه وقتلهم.
هنا تخرج النظرة الطبقية بقذارة من المرشح لعمدة البلد، ويسيء بعنجهيته للمهرجين والفقراء، وتكتمل هنا الصورة، بمشهد انعدمت فيها الإنسانيّة من الدولة، حينما تخبر الدكتورة النفسية الجوكر، بغلق المراكز، وأنه لن يأخذ علاجه مجددا، فالدولة لا تعيره إي اهتمام.
يتحول بعدها إلى قاتل، يقتل أباه، لان أباه ينكر نسبه، ويقتل أمه، لان هي من إصابته بالمرض النفسي، وتقوم ثورة الفقراء، ويفرح كل من الفيلم انه ربما ينذر ذلك بغد أفضل!


