أربك انقطاع شبكة الإنترنت بشكل شبه كامل، منذ الخميس الماضي، كافة القطاعات في اليمن خاصة الاقتصادية، مع تسببه بوقف مظاهر الحياة في العديد من المدن.
وقالت وزارة الاتصالات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إن 80% من خدمة الإنترنت خرجت عن الخدمة، جراء انقطاع الكابل البحري ”فلكون“ في قناة السويس.
وتتحكم جماعة الحوثي، بمعظم شركات الاتصال في اليمن، خاصة ومراكز تلك الشركات تقع في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وعلى الرغم من مرور ثلاثة أيام لا تزال الخدمة متوقفة، وهو ما تسبب في توقف القطاع المصرفي والتجاري وأغلب مظاهر الحياة في اليمن، كما اختفى آلاف المدونيين من منصات التواصل الاجتماعي، وعادت رسائل ”sms“ بدلا من التطبيقات للرسائل الفورية.
مظاهر الحياة
في العديد من المدن، خاصة العاصمة اليمنية صنعاء، بدت الشوارع كأنها خالية ليلا من قاطنيها، والمصارف والبنوك أوقفت تعاملاتها المالية، وأغلقت محال الصرافة أبوابها.
الأمر نفسه بالنسبة لأماكن التنزه، فمقهى ”الأسرع نت“ بشارع الرقاص بصنعاء يغلق للمرة الأولى منذ خمس سنوات أبوابه أمام الزبائن، حيث كان ملاذ العشرات من الأدباء والعاملين في الحقل الإعلامي وطلاب الجامعات وحتى الأكاديميين.
تعرض صاحب المقهى (أمين شقيق) منذ افتتاحه في فبراير 2014 لسبع مرات اعتقال من قبل مسلحي الحوثي، إحدى تلك المرات استمر سجنه ثمانية أيام، لكن أصدقاءه تناوبوا على فتح المقهى.
ويقول ”شقيق“ إن استمرار المقهى مسألة تحد مع الواقع، متحدثا عن تعرضه من افتتاحه لاعتداءات متكررة من قبل ميليشيات الحوثي، وارتفع الإيجار وتكاليف التشغيل ومضاعفة أسعار خدمة الإنترنت وشراء الكهرباء من محطة كهربائية تجارية.
وقال أمين "إنانقطاع الإنترنت منذ عدة أيام هي القشة التي قسمت ظهر البعير، وفق تعبيره."
وأشار إلى أن ”المقهى بالكاد يستمر في العمل ليأتي انقطاع الإنترنت، ويعيد الأوضاع المالية للمقهى للصفر، وربما تحت الصفر مع ديون الإيجار وخدمة الكهرباء التجارية“.
لم يكن ”مقهى الأسرع نت“ الوحيد الذي تعرض تأثر بشدة جراء انقطاع الإنترنت، وسط حالة شتات للكثير من القطاعات التي تعتمد أساسا على خدمة الإنترنت على غرار الصرافات.
عبدالله المصري مسؤول إحدى شركات الصرافة "إن انقطاع الإنترنت يهدد آلاف الأسر، وفي حال استمرار الانقطاع سيتم تسريح آلاف العمال؛ ما ينعكس على حياة الكثير من الأسر اليمنية."
لكنه يشير إلى عنصر إيجابي في الأمر يتمثل في التفرغ للجلوس مع الأسر، قائلا: ”خلال السنوات الماضية الثلاث لم أجلس مع أسرتي كما جلست في اليومين الماضيين كان العمل يمضي معي إلى المنزل وإلى كل مكان أذهب اليه“.
مخطط حوثي
أما علي المسرح وهو مهندس اتصالات، فيحمل جماعة الحوثي مسؤولية انقطاع الإنترنت، معتبرا أن الأمر ”مخطط له للتضييق على حياة المواطنين ومنع نشر فضائحها للعلن في منصات التواصل الاجتماعي“، مستدلا بحديث وزير الاتصالات في حكومة الحوثي مسفر النمر عن خطر الإنترنت والاستخدام الزائد له بشكل عشوائي.
وأضاف المسرح: ”يتم إجبار المواطنين على ترشيد استخدام الإنترنت بالقوة“، منوها بأن ”عدد المشتركين في الخدمة بمناطق سيطرة الحوثي تتجاوز مليونين ونصف المليون مشترك، بالإضافة إلى من يتصفحون من الهواتف عبر شبكات الهاتف النقال“.
تحولت تصريحات الوزير الحوثي الداعية إلى ترشيد الإنترنت، إلى مادة للسخرية في منصات التواصل الاجتماعي قبل أن تمتد إلى القنوات الفضائية، والبرامج الساخرة على مستوى الوطن العربي، فخلال الأسابيع الماضية ضاعفت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية الخاضعة لسيطرة الحوثيين وشركة ”يمن نت“ المزود الوحيد لخدمة الإنترنت، التعرفة إلى الضعف.
وتعاني خدمة الإنترنت في اليمن مشكلات عديدة، إذ تسببت الحروب في انقطاعات متكررة في بعض المحافظات، فضلا عن خروج الخدمة في بعض المناطق نتيجة الكوارث الطبيعية كالأمطار والسيول الجارفة وغيرهما.