سطوة الحوثيين..
صحيفة دولية: سقوط الجوف يعمّق الأزمة الإنسانية في اليمن
قالت صحيفة العرب الدولية الصادرة باللغة العربية في لندن إن سقوط محافظة الجوف اليمنية في قبضة الحوثيين الموالين لإيران، تمثل تعميقا للأزمة الإنسانية في اليمن.
وبدأت التبعات السياسية والإنسانية لسيطرة المتمرّدين الحوثيين على محافظة الجوف تظهر بشكل فوري على المشهد اليمني المعقّد والمثقل بالأزمات.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته الثلاثاء "إن سقوط مدينة الحزم مركز المحافظة بأيدي جماعة الحوثي المدعومة من إيران، أشّر على حالة الارتباك الشديد في معسكر الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي نتيجة وجود جناح داخلها موال لجماعة الإخوان المسلمين ويعمل على تنفيذ أجندة قطر وتركيا المضادّة لأجندة التحالف العربي بقيادة السعودية.
وبينما مثّلت سيطرة الحوثيين على الجوف نكسة لجهود استعادة مناطق اليمن وعلى رأسها العاصمة صنعاء من أيدي الحوثيين، حمل هذا التطور الميداني الخطير ملامح أزمة إنسانية حادّة من شأنها أن تعمّق معاناة اليمنيين في ظرف محفوف بالمخاطر، لاسيما إمكانية انتشار فايروس كورونا في البلد ذي البنى الصحية شبه المنهارة والمعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
وانطلقت من محافظة الجوف خلال اليومين الماضيين موجة نزوح كثيفة صوب محافظة مأرب أربكت السلطات هناك. وقال مكتب الأمم المتحدة في اليمن، الاثنين، إنه تم تهجير الآلاف من المدنيين نتيجة الاشتباكات المسلحة في محافظة الجوف الواقعة شمالي اليمن والمحاذية للحدود السعودية. وأضاف المكتب، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “وفقا للتقارير الأولية، تم تهجير الآلاف من المدنيين نتيجة الاشتباكات العنيفة في الجوف على مدار الأربع وعشرين ساعة الماضية”. ودعا المكتب الأطراف المتحاربة إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين.
وفي وقت سابق قالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التابعة للحكومة اليمنية، إن التصعيد العسكري للحوثيين في الجوف، أجبر عشرات الآلاف على النزوح إلى محافظة مأرب شرقي البلاد. وأضافت، في بيان صحافي، أنّ النازحين يواجهون وضعا مأساويا.
موجة نزوح كثيفة من محافظة الجوف باتجاه محافظة مأرب في ظل وضع محفوف بالأخطار خصوصا الصحية
وأكّدت أنّه تم رصد نحو 25 ألف أسرة نازحة من محافظة الجوف، مشيرة إلى أن النزوح الأخير أكبر من قدراتها وقدرة السلطة المحلية على مواجهته. وأطلقت الوحدة نداء استغاثة للمنظمات الدولية والجهات المعنية بالعمل الإنساني من أجل التحرك العاجل.
وأعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، عن توسيع نطاق دعمها الصحي للنازحين في محافظة مأرب اليمنية. وجاء ذلك في بيان مقتضب ورد فيه “نقوم حاليا بتوسيع دعمنا من 5 إلى 8 منشآت صحية في مأرب لضمان حصول النساء الحوامل والنازحات على الخدمات الصحية الطارئة التي يحتجن إليها بشكل عاجل أثناء النزوح”.
وأضاف البيان “الشهر الماضي استطعنا إيصال خدمات الصحة الإنجابية إلى أكثر من 4 آلاف و500 نازح ونازحة في مأرب والجوف والعاصمة صنعاء”.
وسيطرت جماعة الحوثي، الأحد، على مدينة الحزم مركز محافظة الجوف شمالي اليمن. وتمكّن مسلحو الجماعة المدعومة من إيران من اقتحام المدينة بعد مواجهات مع قوات الجيش الموالي لحكومة الرئيس المعترف به دوليا عبدربّه منصور هادي. وجاء هذا التطور الميداني بيعد سيطرة الحوثيين على مناطق أخرى بالجوف، وسط تراجع ملحوظ لقوات الجيش اليمني.
واعتبر محمد جميح، سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، سقوط مدينة الحزم بيد الحوثيين “انعكاسا طبيعيا لبقاء القيادات السياسية والعسكرية خارج الوطن، والمعارك الجانبية والمكايدات بعيدا عن معركة دحر الانقلاب، ولوجود الآلاف من الأسماء الوهمية في الجيش”.
ويقول متابعون للشأن اليمني إنّ من أسباب الانهيار المفاجئ لقوات الشرعية في عدّة جبهات ترهل القرار السياسي وتغول الفساد في مؤسسات الجيش وازدواج الولاءات.
وقادت حالة الانهيار المتسارعة التي تمر بها الشرعية إلى طرح الكثير من التساؤلات في صفوف الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي حول طبيعة العلاقة بين اليمنيين ومؤسسة الشرعية في الفترة المقبلة، وإمكانية خلق أطر جديدة لمواجهة المشروع الحوثي في اليمن.
وتعد الجوف من أكبر المحافظات اليمنية مساحة وترتبط بحدود برية مع السعودية. وكانت قوات الجيش اليمني قد استطاعت السيطرة على مركزها مدينة الحزم نهاية 2015 بعد مواجهات محدودة مع مسلحي جماعة الحوثي.
والجمعة الماضية، عبّر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن إدانته للتصعيد العسكري في الجوف، مشيرا إلى أن الوضع هناك يثير الإحباط.
وجاءت التطورات الأخيرة في اليمن معاكسة تماما لمزاج السلام الذي ساد لفترة وجيزة خلال الأشهر الماضية حيث تكثّف الحديث عن إمكانية إقفال ملف الصراع اليمني سلميا خلال العام الجاري 2020، وهو ما أشار إليه غريفيث نفسه في فترة سابقة.
ولا يستبعد متابعون للشأن اليمني أن يكون الحوثيون بصدد مضاعفة جهودهم الحربية لتحسين موقفهم الميداني وتوسيع دائرة سيطرتهم لمعرفتهم بأنّ السيطرة الميدانية ستحدّد مدى قوة موقفهم التفاوضي خلال أي عملية سلام قادمة.