الحلي عشق المرأة السعودية

السعوديات يتخلين عن عادات أمهاتهن في اقتناء الذهب

فرط عشق المرأة السعودية للمعادن النفيسة لم يتركها حبيسة الذهب

وكالات (الرياض)

تشهد محلات المجوهرات والأحجار الكريمة في السعودية إقبالا واسعا من محبي اقتناء الذهب والأحجار الكريمة بشتى أنواعها خاصة من النساء، وذلك خلال شهر رمضان وموسم الأعراس، لما تمثله المعادن النفيسة من قيمة اقتصادية واعتبارية تلفت نظر الكثير من أفراد المجتمع.

وتقبل السعوديات على اقتناء الأحجار الكريمة والمجوهرات متخليات عن عادات أمهاتهن في شراء كميات من الذهب للزينة والادخار، فالشابات أصبحن يهتممن بمظهرهن وبما يعرض من تصميمات حديثة من الزمرد والألماس بأنواعه وألوانه.

ويزداد الإقبال على سوق الذهب بمدينة الدمام بالمنطقة الشرقية أكثر وخاصة خلال شهر رمضان، حيث اشتهر أهالي المنطقة الشرقية بتجارة الأحجار الكريمة منذ القدم والتي كانوا يحصلون عليها من الهند، وباكستان، ودول شرق آسيا التي تعد المصدر الرئيس للأحجار الكريمة في العالم.

رمضان موسم الأحجار الكريمة في الدمام

ويقول متخصصون إن بعض النساء في السعودية ينفقن ما يصل إلى مليوني ريال (حوالي 600 ألف دولار أميركي) سنويا على اقتناء المجوهرات، وأن حجم سوق الألماس في السعودية يتراوح بين 700 و800 مليون ريال سنويا.

وقال عضو لجنة الذهب والمجوهرات بغرفة المنطقة الشرقية عبدالمحسن بن حسن النمر إن المملكة العربية السعودية تعد رابع دولة مستهلكة للأحجار الكريمة في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية، والهند، وإيطاليا.

وأضاف أن المقتنين للمعادن يعتمدون على الشكل الخارجي للحجر، إلى جانب الثقة باسم المنتج أكثر من الاهتمام بالمعلومات التي تحملها الأحجار الكريمة من حيث النظرة التاريخية ومكونات الحجر نفسه، والعوامل الفيزيائية والجيولوجية له، ومناطق استخراجه.

وتختلف مصادر الأحجار الكريمة، فمنها مصادر صخرية كالياقوت والزمرد، وحيوانية مثل اللؤلؤ والمرجان، ونباتية مثل الكهرمان والعنبر، وبحسب ندرتها في الطبيعة تنقسم إلى قسمين؛ الكريمة وهي الألماس والزمرد والزفير والياقوت، وشبه الكريمة وهي الكوارتز البريل والأولفين والترومالين.

وفي المقابل، قال صالح الحارثي مدير أحد المعارض إن النساء السعوديات أصبحن أكثر وعيا بماركات المجوهرات والأحجار الكريمة، وهن دائمات السؤال عن مواصفاتها بخلاف ما كان عليه الأمر قبل سنوات، ويزداد الإقبال على المجوهرات خلال فترة موسم الأعراس بين شهر سبتمبر وديسمبر.

وأشار الحارثي إلى أن الماركات التي تقبل عليها السعوديات تختلف باختلاف الأذواق، وبعضهن يفضلن الموديلات الكلاسيكية، وأخريات يحبذن الموديلات الحديثة المواكبة للموضة العصرية، مؤكدا أن ما يلفت السعوديات هو تصميم قطعة المجوهرات أو الألماسة بقطع النظر عن الماركات. وينصح خبراء المجوهرات المشترين للأحجار الكريمة بأهمية الحصول على شهادة موثقة عند شراء أي قطعة مجوهرات للتأكد من جودتها.

المنطقة الشرقية

اشتهر أهالي المنطقة الشرقية بتجارة الأحجار الكريمة منذ القدم حيث يتداول في تلك المنطقة أكثر من ألفي نوع من المعادن النفيسة، تختلف بحسب الاسم والشكل. ويتوفر في أسواق الدمام والمنطقة الشرقية بصفة عامة حجر العقيق اليماني، والسليماني، والهندي، والإندونيسي، والبرازيلي، والياقوت، والفيروز، والزمرد، والزبرجد، والزفير، إلى جانب حجر الألماس الذي يعد الأغلى في العالم.

في حين يتم تقييم الأحجار الكريمة وأسعارها بحسب خصائصها التي تتمثل في النقاوة والندرة والصلابة وبلد المصدر ولـون الحجر وخلوه من الشوائب، إضافة إلى عامل الوزن.

ويقول المتخصّص في الأحجار الكريمة صاحب موسوعة علوم المجوهرات والأحجار الكريمة أحمد بن جواد السويكت إن الأحجار الكريمة الملونة تحظى بروعة الشكل وجاذبية اللون، إضافة إلى عنصر عامل الندرة بما تشتمل هذه الأحجار الكريمة من ثروات معدنية من خلال تبلورها وتكوينها في طبقات الأرض. وأوضح السويكت أن عدد الأحجار الكريمة بجميع مصادرها الجيولوجية والنباتية والحيوانية يفوق 150 نوعا، يتم صقلها وتقطيعها لتستخدم في المجوهرات.

وبيّن أن الأحجار الكريمة عبارة عن مواد معدنية لها قيمة تجارية تختلف بحسب ندرتها وتتميز بالصلابة والشفافية واللمعان وعدم التغيير، وتتكون في الشكل العام من مادة السيليكون، بينما الألماس يتكون من الكربون النقي، المتبلور والمتأصل منذ الملايين من السنين، والذي يخرج مع الحمم البركانية وناتج الزلازل الأرضية.

الأحجار الكريمة من السلالة الحية

وأضاف السويكت “توجد أحجار اصطناعية ذات قيمة نوعية مثل الطبيعية، وتتم صناعتها من خلال عملية الاستزراع لنفس المواد الطبيعية للأحجار الكريمة وتمتلك نفس المواد الطبيعية، إلى جانب وجود الأحجار المقلدة التي تحمل صفات الأحجار الكريمة من حيث الصلابة والنقاوة، غير أنها لا تمتلك المقومات الكيميائية والفيزيائية للأحجار الكريمة”.

وبين أن الأحجار الكريمة تتعرض لعدة طرق للمعالجة، منها المعالجة الحرارية والمعالجة بالإشعاع والمعالجة الكيمائية، من أجل إبراز الجانب الجمالي للحجر سواء بتنقيته من الشوائب أو إبراز لونه. وأشار إلى أن الحجر الكريم يقيم من حيث السعر بحسب درجة اللون، وعملية الصقل والقطع، وعامل النقاوة حيث يتم احتساب القيمة بالقيراط.

ومن جانبه، أوضح عضو لجنة الذهب والمجوهرات بغرفة المنطقة الشرقية عبدالمحسن بن حسن النمر أن الأحجار الكريمة من السلالة الحية، ولها مكونات الحياة، وتعيش في باطن الأرض وفي أعماق البحار الملايين من السنين.

وأشار عبدالمحسن النمر إلى أن أغلب الحضارات الإنسانية القديمة أعطت الأحجار الكريمة اهتماما كبيرا، خاصة ممن هم من طبقة الأثرياء نظير ارتباطها بالعديد من المفاهيم السائدة في ذلك الوقت.

وذكر أن حجر الزمرد له قيمة كبيرة ويشهد إقبالا منقطع النظير من قبل الناس خاصة في الصين وبعض دول شرق آسيا، بينما تقل قيمته في دول الخليج العربية بسبب عزوف الناس عن اقتنائه. ولفت النظر إلى أن الأحجار الكريمة تعكس تاريخ المكان الذي وجدت فيه وتبرزه، مثل العقيق اليماني في اليمن حيث يعد رافدا اقتصاديا وثقافيا له، وارتبط اسمه به.

دواء وتجارة

يعتقد البعض من الناس أن في الأحجار الكريمة علاجا للجسد مثلما تقدمه بعض المنتجعات الصحيّة، بيد أنه لم يثبت حتى الآن أيّ دليل علمي على فاعلية العلاج بالأحجار أو أن ألوانها وطاقتها الداخلية وطبيعة إشعاعاتها صالحة للعلاج، على حد قول مدير المركز السعودي للطب البديل والتكميلي الدكتور عبدالله البداح.

وبين البداح أن الكثير من الباحثين أكدوا أن أثر الراحة التي يشعر بها الإنسان أثناء العلاج بالأحجار في هذه المنتجعات يعود إلى جو الاسترخاء الذي تتميز به هذه الأماكن وليس للخاصية الفيزيائية أو الكيمائية أو الروحية لهذه الأحجار.

ويُقبل الكثير من الشباب الآن على جمع الأحجار الكريمة بهدف البيع والشراء أو بهدف هواية جمعها فقط، حيث أفاد الشاب نوفل أبوحسن أنه ورث عن والده تركة كبيرة من الأحجار الكريمة النادرة.

وبين نوفل أنه يشترك في موقع إلكتروني لهواة الأحجار الكريمة بالسعودية بلغ عدد المسجلين فيه حتى الآن أكثر من ألف شخص من مناطق المملكة، مؤكدا أن محبتهم للأحجار الكريمة لا تنطلق إلا من كونها هواية فقط، مثل الهوايات التي يمارسها الشباب، ويمكن بيعها والكسب منها.

مصممات

البعض من الناس يعتبر أن في الأحجار الكريمة علاجا للجسد

اهتمام الفتاة السعودية بالمجوهرات يتجاوز حد الاقتناء والزينة إلى المشاركة في صناعة وإبداع الحلي بنفسها، وقد اتجهت شريحة كبيرة من الفتيات للعمل في مصانع وورش ومعارض الذهب والألماس في الدمام وجدة والرياض، ولعل هذا الاهتمام هو الذي جعل المملكة رابع دول العالم في استهلاك الذهب بأكثر من 55 طنا سنويا.

ووفر معرض للمجوهرات أقيم في الرياض في أبريل الماضي منصة مجانية للجيل الجديد من مصممي المجوهرات السعوديين، الذين يأملون في أن يستفيدوا من هذه الفرصة لعرض منتجاتهم، وفي أن تصبح لهم أسماء يُشار لها بالبنان في تلك الصناعة.

وقالت ليليان إسماعيل مصممة مجوهرات إن المعرض مثل فرصة رائعة للكثير من المصممات السعوديات لشق طريقهن والوصول إلى العالمية طوال السنوات الماضية، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من السعوديات تركن شراء الذهب وأقبلن على شراء الألماس.

وقالت مصمّمة المجوهرات السعودية وفاء البخيت إنّ المرأة السعودية دخلت مجال تصميم المجوهرات بشكل قوي وأثبتت حضورها وتتجه إلى العالمية، بل هناك من وصلن للعالمية فعلا.

ومن بين العلامات التي بلغت سمعتها العالمية نجد علامة شارمالينا الخاصة بالمصممتين لينا وهلا الخريجي، حيث تتميز تصاميمهما بالشبابية والحياة. وهناك علامة هاجر جويلز لصاحبتها هاجر الثنيان والتي تميل إلى استخدام الأحجار الكريمة الملونة لتعكس تصاميمها الشرقية المميزة.

ومن المصممات التي تنافس على المستوى العالمي نورة الفيصل التي بدأت التصميم منذ أكثر من 15 سنة وأسست علامتها “نون” بروح سعودية وصياغة فرنسية واختارت باريس مقرا لها. وتتجه أمانة المنطقة الشرقية إلى تطوير صناعة الذهب والمجوهرات عبر تأسيس معهد لتعليم صياغة الذهب، وذلك داخل أحد الأسواق الشعبية في مدينة الدمام.

ولدعم متخرجات معهد تعليم صياغة الذهب في السوق الشعبي، الذي يعتبر مجمعا تجاريا شعبيا في حي القزاز في الدمام؛ خصصت أمانة الشرقية أنشطة تجارية متنوعة مرتبطة بصناعة الذهب، مثل محال وورش ذهب وصالات لعرض المجوهرات.

وأشار النمر إلى أن وجود معاهد ومختبرات متخصصة في الأحجار الكريمة يسهم بشكل أساسي في إيجاد الثقة بين المتداولين والمقتنين للأحجار الكريمة وتقييم التجار المتعاملين في المعادن النفيسة والمجوهرات وتقييم السوق بالشكل العام، إلى جانب المحافظة على سوق الأحجار الكريمة وتكوين نموذج خاص يمثل المملكة العربية السعودية في الذهب والمجوهرات.