عرض الصحف العربية..
هل حان الوقت لإعادة فتح الاقتصاد، أم سيكون كورونا بالمرصاد؟
ألقت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية الضوء على قرار عدد من الدول العودة إلى الحياة الطبيعية لإنقاذ الاقتصاد بالرغم من عدم زوال مخاطر الإصابة بفيروس كورونا.
وأكد فريق من الكتاب حتمية إعادة فتح الاقتصاد، مؤكدين أنها "مغامرة" لا مفر منها، فيما رأى آخرون أنه ربما وجب "الصبر"، محذرين من موجة ثانية للفيروس.
وقال فريق ثالث إن رفع القيود هو بمثابة العودة إلى سياسة "مناعة القطيع" وأنها سياسة رأس مالية في الأساس، لا تعطي الأولوية لحياة الإنسان.
خوض المغامرة
تحت عنوان "انطلقوا بحذر!"، يقول مختار محروس في جريدة "الوفد" المصرية: "انتظرنا طويلا وسمعنا وقرأنا عن توقعات بنهاية وباء كورونا، فطال انتظارنا وذهب كل ما سمعناه وقرأناه أدراج الرياح، وأصبح اليقين هو بقاء الفيروس معنا وأن عشرته ستطول وعلينا أن نتعايش معه".
ويؤكد الكاتب أنه "من الصعب بل من المستحيل أن تتوقف الحياة انتظارا لرحيل عدو ما زال يوما بعد يوم يكشف لنا عن سر من أسراره… إعادة الحياة من جديد ضرورة لا بد منها وقرار حتمي اتخذته العديد من الدول لتوفير سبل الحياة والحيلولة دون سقوطها وتجويع شعوبها".
ويضيف: "الآن أصبح الشعب هو المسئول عن حماية نفسه وأصبح الفرد والأسرة هم المسؤولين عن حماية أنفسهم والحفاظ على حياتهم وحياة من يحبون. ليس معنى هذا أن الحكومات تخلت عن حماية شعوبها ولكن معناه أن تعي الشعوب خطورة الوضع وأن تسترد وعيها المفقود لدى الكثيرين وعلى الفرد والأسرة حماية أنفسهم ومن يحبون".
وفي السياق ذاته، يقول عماد العباد في جريدة "الرياض" السعودية: "بدأ عدد من الدول التي كانت بؤرا لتفشي المرض التخطيط لعودة الحياة لطبيعتها، أو على الأقل لما يشبه الأوضاع السابقة لتفشي المرض. سئم الناس الحجر الصحي والإقامة الجبرية، ولم يعد الاقتصاد قادرا على تحمل العطل الذي أصاب تروسه، وأصبح من الملح عودة عجلة الحياة تدريجيا للدوران".
ويضيف العباد: " بل أبعد من ذلك، أعلنت الدول التي تعتمد على السياحة كمصدر دخل أساسي أنها ترحب بعودة حذرة للسياح… الصورة مازالت غير واضحة، إلا أن خوض المغامرة على خطورتها يبدو أهون من تعطيل ذراع اقتصادية مهمة لتلك الدول، فقطاع الطيران والفنادق والمطاعم والمتاحف والوظائف المرتبطة بها أصبحت في وضع خطير جدا، وبات حتميا اتخاذ قرار جريء لانعاشها".
ويرى الكاتب أنه "بطبيعة الحال لن تكون المطارات مكتظة هذا العام، ولن تشهد تلك الدول تدفق موجات كبيرة من الزوار، لأسباب كثيرة منها أن الناس مازالت مسكونة بهاجس العدوى، ناهيك عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالملايين من الناس وتركت أثراً سلبياً على قدرتهم المادية للصرف على كماليات مثل السياحة".
"العجالة" في العودة للحياة الطبيعية
ويتساءل فيصل الشيخ في جريدة "الوطن" البحرينية عن إن كانت "ما نراه من عمليات تخفيف للإجراءات بشأن فيروس كورونا المستجد (كوفيد19) حول العالم، هل يمكن اعتبارها مؤشرات على صدق توقعات البعض بقرب انحسار هذا الوباء، أم أنها مخاطرة بسبب العجالة في العودة للحياة الطبيعية؟".
ويرد الكاتب على سؤاله قائلا: "لا أحد يملك فعليا الإجابة، لأنها أصلا غير قائمة على معطيات علمية، بل هي بناء على افتراضات هي أقرب للأماني والطموحات منها إلى الواقعية، لأن الواقع يفرض البناء على معطيات راسخة".
ويضيف: "لكن ما نراه يحصل في كثير من الدول، بالأخص الأوروبية، من رفع للقيود، وعودة المسابقات الرياضية، والآن قرب فتح الخطوط الجوية ترويجا للسياحة، وكذلك الإعلان عن التفكير جدياً في تواريخ لاستئناف الدراسة، كلها أمور تدفعنا للتفكير حول 'نجاعة' هذه الخطوة، بالمقارنة مع الإجراءات التي تستمر في دولنا، بالأخص الدول الشقيقة التي وصلت بإجراءاتها إلى أقصى الدرجات، ومنها فرض الحظر الكلي".
ويطرح الكاتب المزيد من الأسئلة مثل: "من يقف على جادة الصواب هنا، نحن أم هم؟ هل نحن أكثر احترازاً ونبالغ في ذلك، أم هم أكثر تهوراً؟ وهل يجب أن نحتذي بالدول التي بدأت تعيد جوانب الحياة لطبيعتها، أم نصبر أكثر لعل هناك موجة قادمة أخطر؟".
لا "أهمية للإنسان"
أما محمود خليل، فيقول في جريدة "الوطن" المصرية إن "كورونا بات يضرب فى كل الاتجاهات، بدءا من المواطنين العاديين، وحتى نجوم الفن والمجتمع. دائرة الإصابة تتسع، والأرقام المعلنة عن وزارة الصحة زادت خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان".
ويضيف الكاتب: "إذا لم يتنبه الناس إلى هذا الأمر مع دخول خطط التعايش مع الفيروس حيز التنفيذ فمن الوارد أن يتضاعف حجم المشكلة".
ويتابع: "مؤكد أن الجميع يعلم أن زيادة أعداد المصابين قد تؤدي إلى مشكلة كبيرة على هذا المستوى، قد يفاقم منها انطلاق الخطوات الأولى من خطط التعايش، ومن بينها الشروع فى إجراء امتحانات الثانوية العامة، ثم امتحانات السنوات النهائية بالجامعات".
ويقول نعيم الهاشمي الخفاجي في جريدة "صوت العراق" إن "مصطلح مناعة القطيع ظهر في شهر آذار/مارس الماضي، أو 'المناعة المكتسبة بالعدوى' من خلال دعوة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى اتباع هذه الطريقة في مواجهة فيروس كورونا المستجد".
ويتابع الكاتب: "وكان من الذين أصيبوا في القطيع هو جونسون نفسه، والقائلين بهذا الرأي هم أصحاب النظرية الرأسمالية والتي لا تعير أي أهمية للإنسان وإنما يهتمون بشركاتهم الصناعية وكسب المال".
ويشدد الكاتب بأن "مناعة القطيع الغاية منها إبقاء الشركات والمصانع بالعمل لأن هدف الرأسمالية هو المال بعيدا عن القيم والأخلاق والمبادئ، غايتهم جمع المال والسيطرة على العالم".
وعلى نفس المنوال، يرى سالم سالمين النعيمي في جريدة الاتحاد الإماراتية أن "مناعة القطيع هي لعبة أرقام لا تُعرف نتائجها على المدى الطويل، وخاصة أن الموجة الثانية لا مفر منها".
ويتخذ النعيمي من النرويج والدنمارك مثالا فيقول: "مع بدء البلدين تخفيف إجراءات الحجر العام، فقد أعادت النرويج فتح دور الحضانة اعتبارًا من 20 أبريل والمدارس في 4 مايو، وكان عدد الوفيات في السويد في 21 مايو قد بلغ 3831 مقابل 234 في النرويج، ويبدو أن السويد تعطي الأولوية الصارخة للاقتصاد على حماية حياة الناس، وإن كانت فعالية تدابير الحجر العام لا تكون فاعلة بصورة مؤثرة دون آليات الاختبارات الجماعية، ومصداقية المعلومات والبيانات التي تنشر عن انتشار العدوى والعكس صحيح".