كوفيد 19..
كورونا يعمق جراح اقتصادات العالم بلا مؤشر على نهاية قريبة للأزمة

تفشي الوباء في كثير من دول العالم أكبر من يكبح وتيرته ارتداء الكمامة
يخوض العالم بأسره تقريبا معركة هي الأكبر غابت فيها الأسلحة النارية التقليدية وغير التقليدية وحضرت فيها تدابير الوقاية والدعوات للتباعد الاجتماعي والعزل الجزئي والحجر الشامل مع عدو غير مرئي أصاب إلى حدّ الآن أكثر من 45 مليون شخص، بينما قتل الملايين في أنحاء متفرقة.
ويرخي هذا الوضع بظلال ثقيلة على اقتصادات العالم والاقتصادات الناشئة وعلى الأوضاع الصحية في مختلف القارات.
ولأول مرة يوحد عدو غير مرئي العالم من حيث تدابير العزل والوقاية فارضا أنماط وسلوكات معينة تكاد لا تختلف من بلد إلى بلد من حتمية التباعد الاجتماعي إلى ارتداء الكمامات إلى التعقيم، من دون أن يترك له خيارات ولا هامشا كبيرا للمناورة فلم يعد الإغلاق العام خيارا بل يقترب من أن يكون حتمية على الأقل في جزء كبير منه (العالم) أثقل عليه الوباء بانتشار سريع فاق التوقعات.
وعلى وقع وضع وبائي هو الأخطر، تدخل بريطانيا العزل الشامل مثقلة بأسوأ أزمة في تاريخها تحت وطأة الجائحة وتبعات بريكست وما بعد بريكست بينما يتوقع أن تطول إجراءات الإغلاق العام، فيما تستمر أوروبا في تشديد التدابير لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد مع وضع مقلق بالفعل لناحية تداعيات كورونا الصحية والاقتصادية.
وقد أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل غوف الأحد أن إجراءات إغلاق انكلترا قد تمتد إلى ما بعد الثاني من ديسمبر/كانون الأول، معززا بذلك مخاوف الأوساط الاقتصادية.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد أعلن السبت فرض الحجر من جديد اعتبارا من الخميس وحتى الثاني من ديسمبر/كانون الأول للحد من الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد في إنكلترا حيث يتم تسجيل حوالي خمسين ألف إصابة جديدة كل يوم. وسيتعين إغلاق الشركات والحانات والمطاعم غير الأساسية، لكن المدارس ستظل مفتوحة.
وفي مقابلة مع قناة 'سكاي نيوز' قال غوف المسؤول عن تنسيق الإجراءات الحكومية، إن الحكومة تأمل في أن يكون معدل انتشار الفيروس قد "انخفض بشكل كبير" بحلول الثاني من ديسمبر/كانون الأول، لكنه أقر بأن إجراءات احتواء الوباء يمكن أن تطول.
وفي الفترة الماضية تعالت أصوات العلماء منادية بإجراءات عاجلة قبل فوات الأوان لكسر حلقات العدوى وكبح الوتيرة المتسارعة لانتشار الوباء.
وأودى الوباء بحياة ما لا يقل عن 46555 شخص في المملكة المتحدة وهي الدولة الأكثر تضررا في أوروبا والتي تسجل فيها أكثر من 50 ألف إصابة يومية جديدة وتجاوزت مليون إصابة السبت.
وفي النمسا، أعلن المستشار المحافظ سيباستيان كورتز عن "إغلاق جديد اعتبارا من الثلاثاء ولغاية نوفمبر/تشرين الثاني". وتسجل هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 8.8 ملايين نسمة، أكثر من 5 آلاف إصابة يومية مقابل ألف في أكتوبر/تشرين الأول و1109 حالة وفاة منذ بداية تفشي الوباء.
وفي فرنسا (أكثر من 36500 حالة وفاة)، تم فرض الإغلاق من جديد حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول. وسجلت 35641 إصابة جديدة خلال 24 ساعة مقابل 49215 في اليوم السابق، ليرتفع عدد المصابين إلى أكثر من 1.3 مليون.
وأدى الوباء إلى تعليق محاكمة المتهمين بهجمات يناير/كانون الثاني 2015 مساء السبت، بعدما ثبتت إصابة المتهم الرئيسي بفيروس كورونا.
كما فرضت بلجيكا تدابير أكثر صرامة الجمعة وشددت ألمانيا كذلك القيود المفروضة في البلاد للحد من الوباء.
في البرتغال أعلن رئيس الوزراء أنطونيو كوستا مساء السبت فرض إغلاق جزئي اعتبارا من الأربعاء تشمل 70 بالمئة من السكان.
وكانت اليونان في وقت سابق قد فرضت الإغلاق الجزئي لمدة شهر واحد في أثينا ومدن رئيسية أخرى في البلاد اعتبارا من الثلاثاء، بينما أوضح رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن ذلك يهدف، كما هو الحال في أي مكان آخر، إلى محاولة إنقاذ عطلة عيد الميلاد".
وفي إيطاليا فرضت الحكومة في الأيام الأخيرة تدابير وصفتها وسائل الإعلام بأنها "شبه إغلاق" تضمنت حظر تجول في عدة مناطق كبيرة وإغلاق الحانات والمطاعم في الساعة 18:00 وكذلك إغلاق القاعات الرياضية والسينما وإقامة الحفلات الموسيقية.
وتدرس الحكومة إمكانية فرض الإغلاق على مدن كبرى في البلاد، تشمل ميلانو ونابولي، في محاولة للحد من العدوى، وفقا لوسائل الإعلام الإيطالية.
ومن المنتظر أن يعلن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي عن هذه التدابير الجديدة الاثنين، بحسب وسائل الإعلام التي تشير كذلك إلى حظر التنقل بين المناطق المختلفة وإغلاق المتاجر في "المناطق الحمراء" الحضرية.
وأدت معارضة القيود إلى اندلاع صدامات جديدة مساء السبت في روما بين الشرطة ومئات المحتجين، غداة إحداث مماثلة في فلورنسا ومدن رئيسية أخرى.
وبهدف تخفيف التدابير، عمدت سلوفاكيا السبت إلى إطلاق برنامج لإجراء فحوصات تشخيص الإصابة بكوفيد-19 لجميع مواطنيها عبر فحوصات المستضدات في سابقة عالمية.
وسيشارك نحو 45 ألفا من العاملين في مجال الصحة والجيش والشرطة في إجراء الفحوصات في هذا البلد العضو في الاتحاد الأوروبي والبالغ عدد سكانه 5.4 ملايين نسمة لجمع العينات في حوالي خمسة آلاف موقع يومي السبت والأحد.
والمشاركة في الفحص غير إلزامية لكن الشخص الذي لا يحمل إفادة تظهر نتيجة سلبية قد يتعرض لغرامة كبيرة إذا ما أوقفته الشرطة. وكل شخص تثبت إصابته عليه أن يحجر نفسه مدة عشرة أيام.
وارتفع عدد الإصابات الجديدة المسجلة في جميع أنحاء أوروبا التي أحصت أكثر من 276 ألف حالة وفاة منذ بداية الوباء، بنسبة 41 بالمئة في أسبوع واحد، أي ما يعادل نصف عدد الإصابات المعلن عنه في الأيام السبعة الماضية في العالم.
وبلغ عدد المصابين بكوفيد-19 الذين استقبلتهم المستشفيات حدا قياسيا في 14 دولة أوروبية على الأقل هذا الأسبوع.
وبذلك تعد البلدان الأوروبية ثالث أكثر المناطق تضررا بعد أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (11.2 مليون إصابة) وآسيا (10.5).
وفي العالم أدى الفيروس إلى إصابة أكثر من 45.6 مليون شخص، توفي منهم نحو 1.2 مليون.
وسجلت الولايات المتحدة نحو 77 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد خلال 24 ساعة، غداة تسجيلها حصيلة قياسية بلغت 94 ألف إصابة يومية، وفقا لإحصاء جامعة جونز هوبكنز.
وتعد الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضررا من حيث عدد الوفيات والحالات، حيث سجلت 230320 حالة وفاة من أصل 9.111.013 ملايين إصابة.
وفي أستراليا، جدد الناخبون في ولاية كوينزلاند التي يؤمها السياح بكثرة، الأحد انتخاب حكومتهم المحلية اليسارية التي انتهجت، خلافا لتوجه السلطات الفيدرالية، موقفا متشددا في مكافحة فيروس كورونا.
ويكاد المشهد ذاته يتكرر في إيران والهند وباكستان والشرق الأوسط والخليج وافريقيا، وسط تدابير وقائية مشددة وأقل شدّة أملا في كسر حلقات العدوى وكبح تفشي الفيروس، لكن لا مؤشرات حتى الآن على احتمال تجنب موجة وبائية ثالثة لا أحد يعلم عواقبها وتداعياتها.