"هجمات إرهابية وحروب اقتصادية"..
تقرير: كيف ولماذا تحارب "الرئاسة اليمنية" حكومة المناصفة؟
وصفت مصادر يمنية قريبة من حكومة المناصفة، قرارات أحادية الجانب اتخذها الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، بأنها جاءت ضمن خطوات تهدف في نهاية المطاف انهاء اتفاق الرياض والعودة الى نقطة الصفر قبل تشكيل حكومة المناصفة التي أتت تتويجاً لاتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي، وحكومة هادي المؤقتة، فيما دشن النائب العام المعين أول قراراته بالأفراج عن قيادي في تنظيم داعش متهم بالتورط في هجمات إرهابية ضربت العاصمة عدن.
وبدأت قرارات هادي الأخيرة، كالرافض لجهود التسوية التي تقودها السعودية، فالقرارات التي اتخذها الرئيس اليمني المنتهية ولايته جاءت مخالفة للقانون اليمني وكذا بنود اتفاقية الرياض، لكنها في ذات الوقت كشفت عن وجود خلافات بين محسوبين على الرئاسة اليمنية ورئيس حكومة المناصفة معين عبدالملك، ويتزعم هذا التيار، نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية السابق، أحمد الميسري، الذي كان على خلاف مع عبدالملك منذ تعيين الأخير رئيسا للحكومة خلفا لأحمد عبيد بن دغر.
وسبق وان وجه هذا التيارات اتهامات عديدة لعبدالملك، من بينها التوقيع ضرب التحالف العربي لميليشيات الإخوان في تخوم عدن، لكن الأخير نجح في إزاحة الميسري من الحكومة التي جاءت وفق لاتفاقية الرياض.
وقالت مصادر وثيقة الصلة في قصر معاشيق "إن معين عبدالملك، عبر عن رفضه لكل من عمل مع وزير الداخلية السابق احمد الميسيري، وانه قام بطرد صحافي الذي كان رفقة وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان، ".. مشيرة الى ان معين عبدالملك طالب وزير الداخلية حيدان بالاستغناء عن كل من عمل مع وزير الداخلية السابق، والإبقاء على واحد فقط ينتمي الى تعز".
وحاول محرر صحيفة "اليوم الثامن" التواصل أحد المستبعدين، للتعليق على هذه المعلومات، لكن هاتفه ظل مغلقاً، الا ان مصادر رفيعة كشفت عن مخاوف معين عبدالملك من أي ردة فعل يقوم بها الميسري الذي يعتقد انه ازيح بفعل تدخلات معين عبدالملك".
وقال مصدر مقرب من الحكومة في داخل قصر معاشيق "ان معين عبدالملك توعد بطرد كل من له أي علاقة بالوزير الميسري"، الا انه استثناء أحدهم ظل ملازما للميسري ومتحدثا باسمه، وهو الامر الذي اثار حفيظة من كان حاضراً".
وأكدت المصادر ان رئيس الحكومة فرض المسؤول الإعلامي في إدارة الميسري، في رئاسة الدائرة الإعلامية بوزارة الداخلية ملازما للوزير الجديد، وقد قبل الأخير بذلك، وهو ما يعني انه قد يلعب دور العين المراقبة لأداء الوزير وتواصلاته الخارجية.
هذه الخلافات والأزمات الاقتصادية، يرى خبراء سياسيون إلى انها قد ربما تساهم بشكل كبير في فشل حكومة الشراكة والمناصفة.
يقول الخبير والمحلل السياسي يعقوب السفياني "ظهرت مؤخراً مؤشراتٌ واضحة تُحدّد ملامح المرحلة القادمة وهي تبدو- مع الأسف الشديد- مخيبة للآمال، وتدّل هذه المؤشرات على نية إخوانية – حوثية مشتركة في إفشال اتفاق الرياض، وحكومة المناصفة، وهذه النية ليست أمراً جديداً ويعرفها القاصي والداني، لكن الجديد هي الأساليب المُتبعة من قبل الطرفين، وبينما تتميّز الجماعة الحوثية باتباع أساليب أكثر ضوضاء وصدى- مثل الهجوم على مطار عدن، تأتي أساليب الجماعة الإخوانية في مستويات أمنية وسياسية واقتصادية أقل ضوضاء، ولكنّها أكثر خطراً".
ومضى الخبير السياسي الى تلخيص هذه المؤشرات في "عودة النشاط المحموم لخلايا الإرهاب بعدن، عبواتٌ ناسفة، قنابل صوتيةٌ، محاولات اغتيال لقيادات أمنية، أعيرة نارية تُطلق بكثافة في أوقاتٍ متأخرة من الليل وبالتزامن مع حفلات الزفاف لإقلاق الآمنين، كل هذا يأتي بشكلٍ مفاجئ وبعد فترةٍ من الاستقرار شهدتها عدن، والانهيار السريع للريال اليمني، بعد التحسن الكبير الذي شهده بالتزامن مع وصول حكومة المناصفة لعدن، والذي وصل إلى أكثر من 30% من قيمة الريال أمام العملات الأجنبية، ليعود اليوم إلى مستويات انحداره وهبوطه القياسية، مُنذراً بتحوله لورقة ضغط- كما اُستعمل سابقاً".
وأضاف الباحث في مركز ساوث 24 "أن أزمة مرتبات منتسبي القطاع العسكري من أبناء الجنوب، والتعنّت غير المُبرر من قبل البنك المركزي والجهات المسؤولة في صرفها، وربط عدم صرف هذه المرتبات بانهيار الريال وهذا عذرٌ أقبح من ذنب ولا يوجد له أي مبررات لا اقتصادية ولا أخلاقية، أن تمنع عن الناس أقواتهم بحجة الحفاظ عليهم وحمايتهم، بالتأكيد أزمة المرتبات مُفتعلة كحال أزمة انهيار الريال".
وأكد السفياني "أن القرارات الأحادية الجانب التي أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتي تضمنّت تعيين مشبوهين وعناصر تأزيم معروفة في مناصب عالية، مثل أحمد بن دغر الذي أسماه محافظ عدن السابق الشيخ عبد العزيز المفلحي بـ"سارق الماء من أفواه الناس، والضوء من أعينهم"، وأيضاً أحد قادة غزوة "خيبر" التي استهدفت عدن والجنوب، أحمد الموساي، وهو رجلٌ مُقرب للغاية من علي محسن الأحمر وجماعة الإخوان المُسلمين".
وتحدث الخبير السياسي عن تحركات سلطات المحافظ الإخواني في شبوة محمد بن عديو، وتبني سياسة "الانجازات الموسمية" التي تأتي في تواقيت لا تخلو من رسائلٍ ورموز، بالإضافة لمحاولات الالتفاف على الشق العسكري من اتفاق الرياض بشبوة عبر دمج وحدات بن معيلي العسكرية بالقوات الخاصة لضمان بقائها، باختصار ما يحدث في شبوة هو المؤشر الأقوى للنية الإخوانية تجاه اتفاق الرياض وحكومة المُناصفة".
وقال "من قصف مطار عدن هم الحوثيين، وبالرغم من بشاعة وخطر هذا القصف الإرهابي، فإنَّ حكومة المناصفة تجاوزته بسلام، لكنّ ما يفعله الإخوان المسلمين يفوق في خطره قصف مطار عدن، ويسلق اتفاق الرياض على نار هادئة، والأيام القادمة- وفقاً لهذه المؤشرات- لا تبدو مُبشرة".