"قتال الحوثيين لا يهم الاذرع القطرية"..
تقرير بريطاني: "هادي".. أداة بيد الإخوان في صراعهم ضدّ الجنوب
قال تقرير بريطاني إن قتال ميليشيات الحوثي التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية على قوات الإرهاب، لا يقع ضمن دائرة اهتمام الإخوان في اليمن ولا على لائحة أهداف داعميهم القطريين والأتراك، الذين تجمعهم مصالح مشتركة مع إيران الراعي الرسمي للحوثيين.
وكشف موقع ميدل ايست اونلاين البريطاني عن أن مخطّطات حزب الإصلاح – فرع الاخوان في اليمن - تسير في اتّجاه معاكس تماما لغايات الشرعية اليمنية والتحالف الذي يدعمها، وتمثّل تحرّكاته وصفة لإفشال حكومة المناصفة وإعادة عدن وشبوة وأبين إلى مربّع الصراع الدامي الذي جاء اتّفاق الرياض لوقفه".
وقال الموقع البريطاني في تقرير نشره على موقعه الالكتروني "إنه على مدار حلقات صراعها لأجل الوصول إلى السلطة، اعتمدت جماعة الاخوان المسلمين على ما تسمى "التقية" التي تجنبهم المواجهة المباشرة خصوصا في اوقات الضعف. وهذا ما يحكم سياسات حزب الإصلاح اليمني حاليا في التعامل مع الحكومة الشرعية ومخرجات اتّفاق الرياض".
ويشير الموقع الى أن حزب الاصلاح يُظهر نفسه بصدد الاستجابة لمقتضيات اتّفاق الرياض والمشاركة جنبا إلى جنبِ غريمه المجلس الانتقالي الجنوبي في حكومة الشراكة التي نتجت عن الاتّفاق الذي رعته السعودية وبذلت جهودا كبيرة لتنفيذه، لكن الحزب يواصل العمل لحسابه الخاص سعيا لاستكمال التمكين العسكري والاقتصادي بعيدا عن أهداف الشرعية التي يقودها هادي والتي لا تمثّل بالنسبة لاخوان اليمن سوى غطاء سياسي سيزيحونه عنهم عندما تنتفي الحاجة إليه.
وأكد الموقع أن "ما يقوم به الإخوان في الجنوب يمثّل نموذجا على سلوكهم الانتهازي تجاه الشرعية اليمنية رغم ما جنوه من العمل تحت رايتها من مكاسب كبيرة. وإذا كان هدف الشرعية ومن ورائها التحالف العربي بقيادة السعودية هو إعادة الهدوء وبسط الاستقرار في الجنوب، وتوظيف مختلف القوى في مواجهة الحوثيين واستعادة المناطق من سيطرتهم، فإنّ مخطّطات حزب الإصلاح تسير في اتّجاه معاكس تماما لغايات الشرعية والتحالف الذي يدعمها، حيث تمثّل تحرّكات الإخوان وتحشيدهم العسكري واستيلاؤهم على الموارد الاقتصادية، وصفة لإفشال حكومة المناصفة وإعادة عدن وشبوة وأبين وغيرها من محافظات الجنوب إلى مربّع الصراع الدامي الذي جاء اتّفاق الرياض لوقفه.
والتقية تعني في تعريفها البسيط إظهار شيء وإضمار نقيضه اتّقاء لشّر او دفعا لضرر أو تحقيقا لمنفعة. وبلغة أكثر وضوحا هي تشريع اللجوء إلى الكذب والخداع إذا كانا يساعدان على تحقيق المصالح".
وأضاف الموقع البريطاني "بالنظر إلى أنّ تنفيذ الشقّ العسكري والأمني في الاتّفاق لم يُستكمل بعد، فإنّ التحرّكات العسكرية لجماعة الإخوان تضع المزيد من العراقيل في طريق الوصول بالاتّفاق إلى غاياته النهائية، وتهدّد بنسف ما تحقّق بفعله من مكاسب.
ويقود ذلك إلى مفارقة صادمة في علاقة الشرعية اليمنية بالتيار الإخواني المنتمي إليها، فبينما تريد هي أنّ توظفه كظهير وداعم لها في صراعها الأصلي ضدّ جماعة الحوثي التي انقلبت عليها واحتلّت عاصمتها، يحدث العكس تماما حيث تصبح الشرعية بحدّ ذاتها أداة بيد الإخوان في صراعهم ضدّ خصومهم ووسيلة من وسائل التمكين لهم.
أما المعركة ضدّ الحوثي فلا تقع ضمن دائرة اهتمام الإخوان ولا على لائحة أهداف داعميهم القطريين والأتراك، الذين تجمعهم مع الإيرانيين المشغّلين الأصليين للجماعة الحوثية مصلحة مشتركة في العمل ضدّ التحالف العربي ومحاولة إفشال جهوده لفرملة اختراق إيران لجنوب الجزيرة العربية. وبدل انخراط حزب الإصلاح بما يمتلكه من قدرات بشرية ومادية ومن قوّة عسكرية، في مواجهة ميليشيات الحوثي، ينصرف عنها ويخلي المناطق أمام زحفها ويوجّه جهوده نحو مقارعة المجلس الانتقالي الجنوبي.
يشكّل الحفاظ على موطئ قدم في مناطق الجنوب اليمني قضيّة مصيرية لحزب الإصلاح ومستقبل جماعة الإخوان في البلد، وذلك بعد أن فقد معاقله في شمال البلاد الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، بينما يتعرّض معقله الباقي في محافظة مأرب لضغوط عسكرية مستمرّة من قبل الحوثيين، الأمر الذي يرفع من القيمة الاستراتيجية لمحافظة شبوة المجاورة، ليس فقط كقاعدة خلفية للدفاع عن مأرب، ولكن أيضا كشريان حياة وكمنفذ بحري منفتح على خليج عدن كفيل بتأمين التواصل مع الداعمتين الإقليميّتين لحزب الإصلاح قطر وتركيا وتلقّي الإمداد منهما.
وعلى هذه الخلفية ركّز حزب الإصلاح جهوده للاستقرار في شبوة وتحويلها إلى مركز اقتصادي له وذلك من دون أن يتخلّى الحزب عن جهوده للتمدّد في محافظة أبين شرقي عدن، ومحافظة لحج بشمالها، إلى جانب الحفاظ على تمركزه في محافظة تعز غربا والتي يعدّها إخوان اليمن خزّانا بشريا لهم.
ولتحقيق تلك الأهداف، يستغلّ حزب الإصلاح فترة التهدئة التي أرساها اتّفاق الرياض، والتي يعتبرها مؤقّتة بفعل التضادّ بين فكر وأهداف طرفي الاتّفاق: الشرعية اليمنية التي تعرض نفسها كسلطة جامعة وشاملة لمختلف مناطق اليمن، والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطرح برنامجا مختلفا تماما يقوم على فكرة استعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة حتّى مطلع تسعينات القرن الماضي وقبل الإعلان عن توحيد شطري البلاد.
وتُظهر التحرّكات العسكرية الكثيفة للإخوان في شبوة وأبين ولحج وتعز أنّهم بصدد الإعداد لجولة قادمة من المواجهات ضدّ المجلس الانتقالي الجنوبي يرون أنّ حدوثها مسألة وقت، بينما يُظهر استقرارهم في شبوة وشروعهم في إنشاء بنيتهم الاقتصادية الخاصّة بهم والملائمة لتوثيق تعاونهم مع داعميهم الإقليميين أنّهم بصدد التأسيس لنفوذ مستقبلي دائم بجنوب اليمن، كتعويض عن سيطرة الحوثيين على معاقلهم في بعض مناطق الشمال مثل محافظة عمران التي كانت سنة 2014 مسرحا لمعركة كبرى خاضها جيشهم ضدّ جماعة الحوثي وانهزم فيها مفسحا الطريق للحوثيين نحو العاصمة صنعاء.
وترصد مصادر يمنية مواصلة حزب الإصلاح تحشيد قواته في منطقة واسعة على شكل هلال يطوّق عدن من الشرق والشمال والغرب، حيث يتم تجنيد الآلاف من المقاتلين وفتح المعسكرات لهم بدعم مالي سخي من قطر.
وتقول المصادر إنّ حزب الإصلاح أوكل للقيادي الإخواني حمود سعيد المخلافي، مهمّة إنشاء جسم عسكري يستلهم تجربة الحشد الشعبي في العراق، مؤكّدة قيام المخلافي باستحداث معسكرات للحشد الإخواني في مناطق الحجرية والمعافر وجبل حبشي بتعز.
ويقوم المخلافي في الوقت ذاته بتأمين التواصل مع قطر وتنظيم عملية جلب التمويلات المخصّصة من قبلها للإنفاق على الحشد وتأمين معدّاته ورواتب مجنّديه.
ووفق المصادر ذاتها تقوم المرحلة الثانية بعد التجنيد والتدريب والتسليح، على إدماج الحشد الإخواني ضمن قوات الشرعية اليمنية، عبر الاستعانة بكبار الضباط والمسؤولين المنتمين لحزب الإصلاح والذين يشغلون مناصب عسكرية ومدنية مرموقة لاستصدار قرارات من وزارة الدفاع بتحويل التجمّعات الميليشياوية إلى ألوية عسكرية تتبع وزارة الدفاع للتغطية على أنشطتها وإضفاء المشروعية على تلك الأنشطة.
ويبدو أنّ رهان الإخوان في حسم معركة النفوذ في الجنوب ضدّ المجلس الانتقالي يقوم على تكرار نموذج محافظة شبوة التي تحولت من معقل للمجلس وخطابه المطالب بفك الارتباط إلى أحد أبرز معاقل الإخوان السياسية والاقتصادية. وتعززت تلك الرهانات من خلال افتتاح أول منفذ بحري يسيطر عليه الإخوان بشكل كلي ويشكّل بوابة للتواصل مع أطراف إقليمية أخرى تطمح إلى اقتحام الملف اليمني، كما هو حال تركيا التي تتواجد قواعدها العسكرية في سواحل الصومال غير بعيد عن موقع الميناء الجديد.
وتم تدشين هذا الميناء من قبل الإخوان مؤخرا في شبوة، من دون الرجوع إلى وزير النقل في الحكومة الجديدة والذي ينتمي إلى المجلس الانتقالي الجنوبي أو تمرير قانون الموافقة على تشغيل الميناء عبر مجلس الوزراء كما ينص قانون الموانئ البحرية الذي أصدره الرئيس عبدربه منصور بعد تصويت البرلمان عليه في العام 2013.
ينظر إلى الميناء الذي قاد محافظ شبوة محمد صالح بن عديو عملية إنشائه بتمويل قطري وبمساعدة فنيّة تركية باعتباره قفزة نوعية في تنفيذ مخطّط الإخوان لإنشاء منفذهم الخاص على البحر بهدف تأمين التواصل مع داعمتيهما الإقليميتين قطر وتركيا ما يمكّنهم من تلقّي الدعم منهما بشكل مباشر عبر البحر اقتداء بجماعة الحوثي التي تتلقّى بدورها الأسلحة والمساعدات الإيرانية عبر مجموعة من النقاط على السواحل اليمنية، لاسيما في غرب البلاد حيث تسيطر الجماعة على أجزاء من محافظة الحديدة الاستراتيجية، وتجد طرقا للالتفاف على الرقابة الصارمة التي يفرضها التحالف العربي بقيادة السعودية على المنافذ اليمنية.
وبضمان الانفتاح على البحر يحوز إخوان اليمن على نواة إقليم خاص بهم قابل للحياة ويحتوي على موارد غنية، لاسيما من نفط وغاز مأرب وشبوة وخطوط نقلهما نحو الأسواق العالمية.
ويوصف المحافظ بن عديو بأنّه راعي المصالح التركية في شبوة بعد دخول تركيا بالتعاون مع قطر على خط الأحداث في مناطق جنوب اليمن ذات القيمة الاستراتيجية العالية للملاحة الدولية في بحر العرب والبحر الأحمر.
وتشمل المرحلة الأولى من ميناء قنا في شبوة توفير خزانات عائمة للمشتقات النفطية، فيما تشمل المرحلة الثانية بناء أرصفة التفريغ للمشتقات النفطية مع إنشاء ثمانية خزانات بسعة إجمالية تصل إلى ستين ألف طن، إضافة إلى بناء أرصفة للنشاط التجاري.
وعند اكتمال الميناء بكل مراحله سيكون الإخوان قد حصلوا على مورد مالي مهم، وضمنوا تأمين اكتفائهم الذاتي من المشتقات النفطية الضرورية لاقتصادهم الموازي ولتشغيل آلتهم الحربية. لكن الأهم من ذلك ما سيلعبه الميناء من دور في تلقّي الأسلحة من تركيا في استعادة للتجربة التركية في ليبيا وما لعبه السلاح التركي هناك من دور في تغيير مسار الحرب لمصلحة حكومة الوفاق.