تعيينه يدشن تغييرات محمد بن سلمان..
فهد بن تركي أمير مقاتل تعرفه جبهات اليمن
أمير سعودي وقائد عسكري برز اسمه بشكل كبير عقب انطلاق “عاصفة الحزم” في مارس 2015، حيث أنيطت به مهمة قيادة العمليات الخاصة المشتركة لدول التحالف العربي لدعم الشرعية في عملية “إعادة الأمل”، إضافة إلى دوره كنائب لقائد القوات البرية السعودية التي عيّن بعد ذلك بفترة وجيزة قائدا لها، نتيجة لرباطة جأشه ودوره الفاعل في المشاركة في عمليات التحالف العربي على الأرض والثقة التي حاز عليها من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ووليّ عهده ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان الذي قلده بنفسه رتبة الفريق الركن التي منحت له.
تأهيل القائد
ينتمي الأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود للجيل الثالث من العائلة المالكة السعودية، فوالده هو الأمير تركي الثاني، نائب وزير الدفاع والطيران السابق والابن الحادي والعشرون من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، والذي وافته المنية أثناء مشاركة نجله في المعارك بين الحوثيين والجيش السعودي، وقد نقلت وسائل الإعلام السعودية مشاركة الأمير فهد بن تركي في جنازة والده وهو يرتدي الزي العسكري في سابقة من هذا النوع، وقالت إنه “سينتهي من العزاء، ثم يحمل سلاحه ثانية؛ ليحمي دينه ووطنه”.
وتعكس السيرة الذاتية للأمير فهد بن تركي شغفه المبكر بالحياة العسكرية وتدرّجه في المناصب العسكرية نتيجة دراسة وتأهيل لم ينقطعا في مسيرته، حيث التحق بالخدمة العسكرية في مايو 1983 ومُنح شهادة الدبلوم من مدرسة المشاة للجيش الأميركي في قاعدة فورت بيننج بجورجيا بعد ذلك بعام تقريبا، كما حصل على شهادة الدبلوم بنجاح في الدورة التأسيسية لضباط المشاة من ذات القاعدة في سبتمبر من العام 1984.
وبالتزامن مع دراساته العسكرية انخرط في دراسة إدارة الأعمال الدولية التي حاز فيها درجة الماجستير من جامعة الولايات المتحدة الأميركية الدولية في شهر يونيو من العام 1983.
تدرّج الأمير فهد بن تركي في المناصب العسكرية وصولا إلى تعيينه نائباً لقائد القوات البرية وقائداً لوحدات المظليين والقوات الخاصة بناء على قرار ملكي في مارس 2013.
وقد أوكلت إليه مهمة تطوير قوات النخبة في الجيش السعودي في تلك الفترة، وساهم في تخريج العديد من وحدات الكوماندوس الجبلي من خلال التدريب المشترك مع نخبة الكوماندوس الجبلي الفرنسي، وتمت التدريبات في ظروف قاسية سواء من ناحية الطقس أو من الناحية الجغرافية في جبال الألب الفرنسية وهو كما يبدو محاولة لإعداد قوات سعودية قادرة على خوض القتال في المناطق الجبلية في جنوب السعودية التي شهدت هجمات متكررة للحوثيين، وهي الاستعدادات التي كانت نتائجها حاضرة بعد ذلك من خلال تطورات الأحداث في المنطقة وانطلاق عملية عاصفة الحزم التي أعلنها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية في مارس 2015، حيث انتقل إلى الحدود السعودية مع اليمن وأشرف على العمليات العسكرية في مواجهة الحوثيين، قبل أن يتولى قيادة العمليات الخاصة المشتركة في عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وهي المهمة التي برز فيها بالرغم من عدم ميله للظهور الإعلامي.
خبراء مطلعون على الشأن اليمني يعتقدون أن الصلاحيات التي بات يمتلكها قائد القوات البرية السعودية ستنعكس إلى حد كبير على الملف اليمني نظرا لعلاقاته الواسعة مع قيادات الجيش والمقاومة الشعبية
جبهات مشتعلة
عرف عن الأمير فهد بن تركي مشاركته شخصيا في العديد من العمليات، وقد ظهر مرتديا الزي العسكري في معظم الجبهات المشتعلة سواء على الحدود السعودية أو داخل اليمن.
ونظرا لدوره البارز في الفترة التي تلت عاصفة الحزم فقد أعلنوا مرارا عن مقتله في محاولة لرفع معنويات مقاتليهم، وكانت المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون عن ذلك بعد مرور شهر تقريبا من اندلاع الحرب في اليمن، حيث احتفت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين وأخرى حوثية، وادعت وكالة الأنباء الإيرانية “فارس” في أبريل 2015 “مقتل الأمير فهد بن تركي في الاشتباكات التي شهدتها منطقة نجران على الحدود اليمنية برفقة 18 من جنوده”، مضيفة أن “العديد من الأمراء يجتمعون في مقر تركي بن عبدالعزيز آل سعود للقيام بواجب العزاء والمواساة لأسرة الأمير”.
فضّل الأمير حينها عدم الرد على الشائعات الإيرانية والحوثية، إلا أنه ظهر بعد تلك الشائعة بحوالي خمسة شهور في أول زيارة له إلى محافظة مأرب برفقة رئيس هيئة أركان الجيش الوطني اليمني اللواء محمد علي المقدشي، وكانت قوات التحالف والشرعية اليمنية قد حررت أجزاء واسعة من المحافظة.
كما أردف زيارته تلك بعدة زيارات كانت في مجملها مؤشرات على قرب البدء بعمليات نوعية ضد ميليشيا الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وفي الذكرى الأولى لانطلاق عاصفة الحزم قام فهد بن تركي بزيارة أخرى لمحافظة مأرب بمعية نائب القائد الأعلى للقوات اليمنية في ذلك الحين علي محسن الأحمر، واعتبرت الزيارة رسالة من التحالف العربي على عزمه المضي قدما نحو تقويض نفوذ الانقلابيين في اليمن والتقدم نحو العاصمة صنعاء واستكمال بناء الجيش الوطني اليمني.
وفي كلمة له أكد الأمير فهد بن تركي على استمرار دول التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن في مساندة اليمنيين حتى استعادة دولتهم، وأشاد بالتقدم الملموس لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في اليمن في مختلف جبهات القتال ضد الميليشيا الانقلابية.
ونقلت وسائل الإعلام عنه تصريحه المقتضب الذي خاطب فيه قادة الجيش اليمني بالقول “نحن معكم في ميادين الشرف والعزة، وشاركتكم قوات التحالف الدم والروح لإحقاق الحق، وتحقيق الأهداف المنشودة، ويجب ألا نعطي الجماعات الإرهابية المجال للتوسع داخل المجتمع اليمني”.
دوره البارز في الفترة التي تلت "عاصفة الحزم" يشكل هاجساً لدى الحوثيين وداعميهم، فقد أعلنوا مرارا عن مقتله. حيث احتفت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين وأخرى حوثية، وبثت وكالة الأنباء الإيرانية "فارس" في أبريل 2015 نبأ "مقتل الأمير فهد بن تركي في الاشتباكات التي شهدتها منطقة نجران على الحدود اليمنية برفقة 18 من جنوده"
الحرب ضد القاعدة
في ظهور نادر للأمير المقاتل تداولت وسائل إعلامية صورة للواء الركن الأمير فهد بن تركي بعد ذلك بفترة وجيزة في محافظة حضرموت (أقصى شرق اليمن) بالتزامن مع العمليات العسكرية التي كانت قد بدأت في أبريل 2016 لتحرير المحافظة الشاسعة من قبضة تنظيم القاعدة، وهي العملية التي حققت أهدافها خلال وقت قياسي بمشاركة قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ووحدات خاصة من قوات التحالف المشتركة من كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي نوفمبر 2016 وفي زيارة لخطوط التماس وعلى مرمى حجر من محافظة صعدة اليمنية أعلن الأمير فهد بن تركي عن بدء مرحلة جديدة في الحرب التي يخوضها التحالف العربي والشرعية اليمنية ضد ميليشيات الانقلاب في اليمن. حينها زار الأمير خطوط المواجهة في حدود محافظة ظهران الجنوب السعودية مع محافظة صعدة اليمنية.
كما ظهر الأمير فهد بن تركي في العديد من الجبهات المشتعلة مثل الخطوط الأمامية في “نهم” القريبة من العاصمة صنعاء، وكذلك منفذ “علب” على الشريط الحدودي بين اليمن والمملكة،وجبهات أخرى في مأرب وعدن.
أداؤه ذاك أثار إعجاب القيادة السعودية التي منحته في العام 2016 وسام الملك فهد من الدرجة الثالثة لدورة البارز في قيادة عمليات القوات الخاصة في اليمن.
فريق الأمير محمد بن سلمان
تقول العديد من المصادر إن أداء الأمير فهد بن تركي في إدارة المعارك سواء على الحدود السعودية أو في العمق اليمني من خلال المشاركة في عمليات ضد الانقلابيين أو الجماعات الإرهابية عزز من مكانته في قمة هرم القيادة السعودية ممثلة بالملك ووليّ العهد وزير الدفاع، وهي الأمور الذي جعلته حاضرا في الأوامر الملكية التي صدرت في الـ22 من أبريل 2017، واشتملت تلك القرارات على قرار تم بموجبه تعيين الأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز قائدا للقوات البرية السعودية خلفا للفريق ركن عيد بن عواض بن عيد الشلوي، كما تمت ترقيته إلى رتبة فريق ركن ليصبح بذلك قائدا للقوات البرية السعودية وقائدا لوحدات المظليين وقوات الأمن الخاصة.
تعيين الأمير فهد بن تركي قائدا للقوات البرية الملكية يأتي في سياق عملية التحديث التي يقودها ولي العهد السعودي الجديد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية طموحة لتطوير مختلف القطاعات السعودية
وكدأبه على الابتعاد عن أضواء الإعلام، وفيما يبدو أنه انسجام مع طبيعته العسكرية الصارمة والعملية، وجه الأمير فهد بن تركي بعدم تهنئته بالمنصب الجديد في الصحف من أيّ جهة كانت.
وعقب تعيينه بثلاثة أيام قام ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع آنذاك الأمير محمد بن سلمان بتقليد الأمير فهد بن تركي رتبته الجديدة كفريق ركن.
وفي الثاني عشر من مايو 2017 قام الفريق الركن الأمير فهد بن تركي بتسلّم راية “القوات البرية” من قائدها السابق الفريق الركن عيد بن عواض بن عيد الشلوي المستشار بمكتب وزير الدفاع خلال فعالية نظمتها القوات البرية الملكية السعودية في ميدان كلية
الملك عبدالعزيز الحربية بالرياض، بحضور قادة وضباط أفرع القوات البرية وأفرادها كتعبير عن “التقدير لدور الفريق الشلوي في خدمة الوطن من خلال عمله في القوات المسلحة” بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام السعودية.
ويرى العديد من الخبراء أن تعيين الأمير فهد بن تركي يأتي في سياق عملية التحديث التي يقودها وليّ العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان والذي يمتلك رؤية طموحة لتطوير مختلف القطاعات الحيوية في السعودية وفي مقدمتها أفرع الجيش السعودي المختلفة.
ويعتقد خبراء مطلعون على الشأن اليمني أن الصلاحيات التي بات يمتلكها قائد القوات البرية السعودية ستنعكس إلى حد كبير على الملف اليمني نظرا لخبرة الأمير فهد بن تركي وعلاقاته الواسعة مع قيادات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية ومعرفته بطبيعة المعركة في اليمن وتشعّباتها وأبعادها المختلفة على أمن المنطقة.