"مولانا" والمخرج يضع نفسه فى اختبار جديد
عمرو سعد يصل أقصى درجات النضج
تبدأ أحداث فيلم " مولانا " بالظهور الأول للشيخ "حاتم الشناوى"، وهى الشخصية التى لعبها النجم عمرو سعد ضمن أحداث فيلمه الجديد "مولانا"، وهو الشيخ البسيط الذى استعان بتوك توك، كى يصل إلى أحد المساجد، ليلقى خطبة الجمعة الأسبوعية، نظرا لكونه إماما لأحد مساجد الأوقاف، وعندما ينزل من التوك توك، يفاجأ أن قيادات الدولة ستصلى الجمعة بهذا المسجد، والاستعانة بوكيل وزارة الأوقاف "أحمد راتب"، ليلقى الخطبة أمام هذا الجمع الحكومى الذى يضم قيادات الدولة، ولكن فجأة يمرض هذا الشيخ، ليجد ضابط أمن الدولة "حلمى فودة"، أنه لا بديل أمامه سوى الاستعانة بالشيخ حاتم إمام المسجد، لينقذ الموقف، وبالفعل يحدث ذلك، ليطل بعدها حاتم الشناوى ضيفا على أحد برامج التوك شو التى تحمل عنوان "أفهم دينك"، ومن ثم يصبح أحد مشاهير رجال الدين فى مصر.
مع الوهلة الأولى ومشاهدتك لأول إطلالة للنجم عمرو سعد بفيلم "مولانا"، ومع تصاعد أحداث الفيلم ومع كل مشهد، تجد نفسك أمام ممثل على قدر كبير من التمكن، ممثل وصل لأعلى درجات النضج الفنى، قدم عمرو سعد الشخصية بأداء السهل الممتنع، طريقة حديث الشيخ حاتم، وخفة الدم التلقائية التى تخرج منه أثناء حديثه فى كثير من المواقف، نظرته لمن حوله، طريقة شرحه لبعض الأحاديث النبوية وآيات القرآن الكريم، غضبه وحزنه فى كثير من المواقف من مذيع التوك شو "بيومى فؤاد"، عندما يتعمد إحراجه أمام الجمهور، كل هذه الأمور قدمها عمرو سعد بشكل احترافى، فلم يقدم شخصية الداعية بالشكل التقليدى على الإطلاق، ولكن ظهرت بصماته الواضحة على ملامح الشخصية، ليصل بها إلى أقصى درجات التقمص بما يتناسب مع شيوخ هذه المرحلة التى نراهم بالفعل كثيرا عبر الشاشات المختلفة، حيث لم يهتم "عمرو" بالشكل الخارجى للشيخ حاتم فحسب من حيث طريقة ملابسه و"قعدته ومشيته"، ولكن اهتم بالروح التى جعلت المشاهد بالفعل أمام داعية باحث عن الشهرة يريد أن يملك الحياة بنزواتها والآخرة بنعيمها، ليكتب عمرو لنفسه تاريخا جديدا بهذا الفيلم ويعيد اكتشاف نفسه كنجم شباك .
"مولانا" فيلم من الأعمال التى ستخلد عشرات السنين، ليتذكرها الجمهور ويشاهدها بعد 100 عام من الآن، ليس فقط لإبداع بطله ومخرجه وكاتبه، ولكن لأهمية القضايا الدينية والمجتمعية والسياسية التى يتطرق لها الفيلم ، وعلى الرغم من أن الفيلم يطرح قضية سياسية ودينية فى غاية الأهمية، فضلا عن الرسالة المباشرة التى يقدمها الفيلم، وهى عدم تكفير الآخر وأن الجنة تتسع للجميع ولمن يؤمن بالله ويتبع كتبه، إلا أن الفيلم ظهرت فيه فكاهة المشاكس إبراهيم عيسى، وكان به جزء كوميدى كثيرا ما أضحك الجمهور، ولا نغفل أن الكاتب إبراهيم عيسى اتهم من خلال العمل نظام مبارك اتهاما مباشرا بتدمير كنيسة القديسيين، من خلال شخصية "حسن"، التى لعبها الفنان أحمد مجدى، والذى يرتبط بصلة قرابة بأسرة مبارك، وهو شاب مدلل أصبح فجأة متطرفا يرفض الإسلام، لرغبته فى أن يكون مسيحيا، وبالفعل يطلق على نفسه اسم "بطرس"، هذا الشاب الذى يتنقل بين الأديان بلا وعى أو فهم، حتى يصبح متطرفا إسلاميا يفجر الكنيسة فى النهاية.
المخرج مجدى أحمد، ظهرت لمساته الواضحة على الفيلم ومدرسته الإخراجية المتميزة التى رسمها لنفسه بدءا من فيلم "يادنيا ياغرامى"، وهناك أيضا عدد كبير من الممثلين ممن قدموا الأدوار الثانوية ظهروا بأفضل حالاتهم، فكل منهم بطل، وبالتحديد الفنان مجدى فكرى، الذى قدم شخصية رئيس القناة الفضائية التى يظهر فيها الشيخ حاتم، وهو الرجل عديم المبادئ الذى لا يهتم سوى بمكاسب الإعلانات فقط، قدمه مجدى بطريقة تتراوح بين الجدية والسخرية، ليقدم الدور بشكل واقعى وجيد للغاية.